الوثيقة | مشاهدة الموضوع - رائحة الموت تنبعث من أحد أحياء الخرطوم على وقع المعارك بين الجيش والدعم السريع
تغيير حجم الخط     

رائحة الموت تنبعث من أحد أحياء الخرطوم على وقع المعارك بين الجيش والدعم السريع

القسم الاخباري

مشاركة » الاثنين مارس 17, 2025 9:29 pm

5.jpg
 

0

الخرطوم: تنبعث رائحة كريهة من حفرة للصرف الصحي في حي دمرته الحرب في الخرطوم، بينما ينهمك عناصر الهلال الأحمر في انتشال جثة منتفخة من تحت الأرض.

ويقول المتطوعون إن 14 جثة أخرى لا تزال تحت الأرض.

وقال مدير الطب العدلي بولاية الخرطوم هشام زين العابدين لفرانس برس في الموقع إن بعض الجثث “عليها آثار إطلاق نار على رؤوسها وهي مهشمة الجماجم”.

وأضاف أن الضحايا إما أُطلق عليهم الرصاص أو ضُربوا حتى الموت قبل إلقائهم في الحفرة.

وخلفه كان صندوق شاحنة يمتلئ بالجثث المُنتشلة من حفرة الصرف الصحي في منطقة شرق النيل، إحدى المناطق الشرقية للخرطوم والتي باتت الآن أنقاضا.

ألحقت الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين بين الجيش وقوات الدعم السريع أضرارا كبيرة بمساحات واسعة من الأراضي.

ومنذ اندلاع الحرب فر أكثر من 3,5 ملايين شخص من سكان الخرطوم التي كانت ذات يوم مدينة تنبض بالحياة، وفق الأمم المتحدة.

ويعيش ملايين آخرون ممن هم غير قادرين أو غير راغبين في المغادرة، بين مبان مهجورة وهياكل سيارات وما يطلق عليه الجيش مقابر جماعية مخفية.

مدينة مدمرة

تتواصل الحرب بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو منذ نيسان/أبريل 2023.

وأسفرت المعارك عن مقتل عشرات الآلاف وتهجير أكثر من 12 مليون شخص، بحسب أرقام الأمم المتحدة، يعيش كثيرون منهم في مخيمات مؤقتة بينما فرّ أكثر من 3,5 ملايين شخص عبر الحدود.

استولت قوات الدعم السريع في البداية على الخرطوم، لكن في الأشهر الأخيرة استعاد الجيش السيطرة على مناطق من بينها بحري، المعروفة بالخرطوم شمال، ومنطقة شرق النيل الواقعة شرقا.

وحاليا لا تفصل وحدات الجيش في وسط الخرطوم عن القصر الرئاسي الذي سيطرت عليه قوات الدعم السريع في بداية الحرب سوى أقل من كيلومتر واحد.

ورغم تلك المكاسب لا يزال دقلو على تحديه إذ توعد بأن لا تنسحب قواته من العاصمة.

وتعهد دقلو في كلمة عبر تطبيق تلغرام أن قواته “لن تخرج من القصر الجمهوري”.

وأضاف “نحن قادمون إلى بورتسودان” الواقعة على البحر الأحمر وحيث تتمركز الحكومة منذ سقوط الخرطوم.

عبر فريق من وكالة فرانس برس بمواكبة عسكرية، من أم درمان، المدينة التؤام للخرطوم والتي استعادها الجيش العام الماضي، إلى بحري وضواحيها التي مزقتها الحرب.

مرّ الموكب في أحياء مهجورة وموحشة بما فيها حي الحاج يوسف، حيث تمتد هياكل المتاجر المغلقة والأرصفة المتداعية على طول الشوارع.

وتنتشر الأنقاض والحطام والإطارات المتروكة في الشوارع.

وتجلس مجموعات صغيرة من الناس بين كل بضعة شوارع أمام مبانٍ ومتاجر فارغة منخورة بالرصاص.

وتوقفت المستشفيات والمدارس عن العمل. ويقول الجيش إنه عثر على العديد من المقابر الجماعية، إحداها في محكمة أم درمان.

وتبدو على المدنيين الذين ما زالوا في المدينة صدمة الحرب.

وقالت صلحة شمس الدين التي تسكن قرب الحفرة حيث ألقت قوات الدعم السريع جثثا “سمعت أصوات الرصاص ليلا عدة مرات كما شاهدتهم يلقون بجثث في البئر”.

جوع

وبالنسبة لمن نجوا وشاهدوا استعادة الجيش للمنطقة مطلع الشهر، لا تزال الحياة تطرح صعوبات مستمرة.

فالكهرباء مقطوعة والمياه النظيفة والطعام شحيحان.

في شارع هادئ في بحري، تجلس حوالي 40 امرأة تحت خيمة مؤقتة يُحضّرن وجبات الإفطار في مطبخ مجتمعي، وهو واحد من العديد من المطابخ التي عانت في ظل سيطرة قوات الدعم السريع.

وتقوم النسوة بتحضير العصيدة والعدس في أوان كبيرة على نار الحطب.

والغاز لم يعد متوافرا. وشاحنات المياه تأتي الآن من أم درمان، وهو تحسن ملحوظ مقارنة بالفترة عندما كان السكان يخاطرون تحت نيران القناصة للوصول إلى نهر النيل، الذي بدوره يمثل مخاطر صحية في ظل غياب خدمات الصرف الصحي.

وأصبحت المطابخ المجتمعية خط الدفاع الأخير للمدنيين الذين يعانون الجوع، وفقا للأمم المتحدة. لكنها عانت من صعوبات طوال الحرب للصمود.

ومع قطع طرق وتدمير أسواق وسلب مقاتلي قوات الدعم السريع للمتطوعين تحت تهديد السلاح، أصبح إطعام المحتاجين شبه مستحيل.

وقال مؤيد الحاج أحد المتطوعين في مطبخ مجتمعي بحي شمبات: “أيام سيطرة الدعم السريع كانت لدينا مشكلة في التمويل لانهم يصادرون الأموال التي يتم تحويلها عبر التطبيقات البنكية”.

أضاف “لكن الآن الوضع اختلف شبكات الهواتف تعمل كما اننا كل اسبوعين نذهب إلى أم درمان لجلب احتياجات” المطبخ.

وما بدأ نزاعا على السلطة بين البرهان ودقلو تحول إلى أكبر أزمة نزوح وجوع في العالم.

وأدت الحرب إلى تدمير البنية التحتية للسودان وانهيار اقتصاده الضعيف أصلا، ودفعت بالملايين إلى حافة الجوع.

وأُعلنت المجاعة في ثلاثة مخيمات للنازحين، بحسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المدعوم من الأمم المتحدة.

في الخرطوم وحدها يعاني ما لا يقل عن 100 ألف شخص من ظروف مجاعة، وفقا للتصنيف المرحلي المتكامل.

(أ ف ب)
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار