الوثيقة | مشاهدة الموضوع - ردود فعل “سلبية” من إيران على تهديدات ترامب العلنية.. وتساؤلات حول التصعيد والمواجهة المحتومة
تغيير حجم الخط     

ردود فعل “سلبية” من إيران على تهديدات ترامب العلنية.. وتساؤلات حول التصعيد والمواجهة المحتومة

القسم الاخباري

مشاركة » الثلاثاء إبريل 01, 2025 10:26 am

2.jpg
 
لندن- “القدس العربي”: أثار المحرر الدبلوماسي في صحيفة “الغارديان” باتريك وينتور مسألة التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة وإيران بشأن برامجها النووية. وقال إن تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثارت ردود فعل إيرانية قوية، حيث هدد المسؤولون الإيرانيون بأن “العنف يولد العنف”، معتبرين أن تصريحات ترامب تمثل انتهاكًا لميثاق الأمم المتحدة.
وجاءت ردود الأفعال الإيرانية بعد تصريحات الرئيس الأمريكي، التي هدد فيها بضرب الجمهورية الإسلامية إن لم توافق على مطالبه وتوقّع معاهدة تتعلق ببرامجها النووية.

بقائي: العنف لا يولد إلا العنف، والسلام يجلب السلام، وعلى أمريكا أن تختار

وقال يوم الأحد: “إن لم توافق إيران على صفقة، فسيكون هناك قصف لم يروا مثله من قبل”.

وجاءت تهديدات ترامب، التي تُعد الأوضح من سابقاتها، بعدما أرسل رسالة إلى إيران لم يُكشف بعد عن تفاصيلها، عرض فيها بدء محادثات تتعلق بالبرنامج النووي. وردّت إيران على الرسالة معبّرة عن رغبتها في عقد محادثات غير مباشرة.
وقد علّق المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، قائلًا: “التهديد الواضح لرئيس دولة بقصف إيران يتناقض جليًا مع جوهر الأمن والسلام الدوليين”، مضيفًا: “مثل هذا التهديد يُعد خرقًا واضحًا لميثاق الأمم المتحدة ولنظام الضمانات الذي وضعته الوكالة الدولية للطاقة الذرية. العنف لا يولد إلا العنف، والسلام يجلب السلام، وعلى أمريكا أن تختار”.

من جانبه، قال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، المشكك في الحوار مع الولايات المتحدة، إن إيران ليست معنية بما يقوله ترامب: “نستبعد أن يأتي مثل هذا الضرر من الخارج. ومع ذلك، إذا وقع أي عمل خبيث، فسيقابل بالتأكيد برد حازم وحاسم”.

أما العميد أمير علي حاجي زاده، قائد القوة الجوية في “الحرس الثوري”، فقد صرّح قائلًا: “من كان بيته من زجاج فلا يجب أن يرمي أحدًا بالحجارة”، مضيفًا: “الأمريكيون لديهم ما لا يقل عن عشر قواعد تضم 50,000 جندي في المنطقة، ما يعني أنهم يجلسون في بيت من زجاج”.

ولكن وزير الخارجية، عباس عراقجي، الذي يرى مصلحة في الحفاظ على منظور المحادثات مع الغرب حيًّا، تحدث عن رد بلاده على رسالة ترامب من خلال سلطنة عمان، مضيفًا أن الرسالة قد وصلت إلى الولايات المتحدة، على حد علمه. وأكد عراقجي أن المحادثات المباشرة مع الولايات المتحدة ليست ممكنة في الوقت الذي تستمر فيه واشنطن في تهديد إيران والتنمر عليها.
وأرسل ترامب رسالته إلى إيران عبر المبعوث الدبلوماسي الإماراتي البارز، أنور قرقاش. وكان اختيار الأخير كوسيط إشارة إلى أن الرسالة كانت تهدف إلى منح المفاوضات فرصة، بدلًا من دفع إيران إلى رفض المحادثات. وقال ترامب إن الموعد النهائي للتقدم في المحادثات هو منتصف أيار/مايو، لكن هناك موعدًا نهائيًّا آخر في آب/أغسطس، عند انتهاء صلاحية الاتفاق الأصلي، وهو ما يتطلب ردًّا أوروبيًّا. وكان ترامب قد انسحب من الاتفاقية في عام 2018، وهو قرار اعتُبر خطوة خاطئة، لأنه دفع إيران إلى تسريع عمليات تخصيب اليورانيوم.
وكان اختيار إيران لسلطنة عمان كوسيط إشارة إلى رغبتها في إبقاء قنوات التفاوض مفتوحة، بدلًا من اللجوء إلى الإمارات، التي قامت بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
وعقدت إيران والولايات المتحدة مفاوضات غير مباشرة في فيينا عام 2021، خلال إدارة جو بايدن، وهو أمر اتفق الجميع على أنه كان مضيعة كبيرة للوقت، ولم يُفضِ إلى أي تقدم جوهري. ولهذا، يبدو أن ترامب متردد في منح إيران فرصة لإجراء محادثات غير مباشرة.
كما أن هناك حاجة لمتابعة أربع جولات من المحادثات الموازية التي عقدتها الدول الأوروبية مع إيران في جنيف. ولم تعلّق طهران على رسالة ترامب، أو على ما طالب به من تنازلات. لكن السفير الإيراني لدى العراق، محمد كاظم الصادق، أشار إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى محادثات تتجاوز الملف النووي، قائلًا إن الرسالة دعت إلى حل ميليشيا “الحشد الشعبي العراقي” المدعومة من إيران.
وقد انقسمت الإدارة الأمريكية حول ما إذا كان ينبغي الاكتفاء بمطالبة إيران بإخضاع برنامجها النووي المدني لتفتيش دولي أشمل، أو تقديم مجموعة أوسع من المطالب، بما في ذلك إنهاء برنامجها النووي بالكامل، والتزام إيران بوقف تمويل جماعات المقاومة في الشرق الأوسط، مثل “حماس” في غزة والحوثيين في اليمن.

دعا مستشار الأمن القومي الأمريكي، مايك والتز، إلى “التفكيك الكامل” للبرنامج النووي الإيراني، وهو أمر ترفضه طهران.
وفي المقابل، تحدث ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط، فقط عن تقييد البرنامج النووي الإيراني، وهو أمر كانت إيران على استعداد لقبوله منذ عام 2015، طالما أنه سيؤدي إلى رفع العقوبات عن اقتصادها.
ويعتقد البعض داخل إدارة ترامب أن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية قد يؤدي إلى تغيير النظام، في حين يسعى ترامب للحصول على ضمانات بأن أي انتعاش في الاقتصاد الإيراني لن يترجم إلى أموال إضافية للميليشيات المدعومة من طهران.
واتهم كمال خرازي، رئيس المجلس الإستراتيجي الإيراني للعلاقات الخارجية، الذي يُوصف أحيانًا بأنه كبير المفاوضين الإيرانيين، الولايات المتحدة بشن “حرب نفسية” من خلال تبني سياسة “إما الحرب أو التفاوض”.

وأشارت الصحيفة إلى وجود رفض واسع في الخليج لأي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية قد تدفع إليه التهديدات الأمريكية، حيث يُعدّ هذا عاملًا جديدًا نسبيًا في المعادلة. وتشير التقارير إلى أن خطة ترامب لزيارة المملكة العربية السعودية، في أول رحلة خارجية له، تعني أنه قد يسمع شخصيًا معارضة شديدة لهجوم على إيران من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.

ولا تستند معارضة دول الخليج لهذا الهجوم إلى تقارب أيديولوجي مع إيران، بل إلى القلق من تصاعد حالة عدم الاستقرار السياسي في المنطقة. ومع ضعف القيادة الإيرانية الحالية، فإن تغيير النظام ليس خيارًا مرحبًا به.
ومع ذلك، هناك من يرى أن المواجهة بين إيران والغرب باتت محتومة. فقد نشرت صحيفة فايننشال تايمز تقريرًا مفصلًا حول أبعاد هذه المواجهة، مشيرة إلى أن

الرئيس الذي ألغى قبل سبعة أعوام الاتفاقية النووية عاد إلى البيت الأبيض ليواجه تداعيات قراره السابق.

حاجي زاده: من بيته من زجاج لا يجب أن يرمي أحدًا بالحجارة.. الأمريكيون لديهم ما لا يقل عن 10 قواعد تضم 50,000 جندي في المنطقة، ما يعني أنهم في بيت من زجاج

فبعدما كانت إيران ملتزمة بالاتفاق، انتقلت الآن إلى تكثيف نشاطها النووي بشكل غير مسبوق، ما يضعها في مسار تصادمي مع الغرب، من المتوقع أن يصل إلى ذروته هذا العام.
وتكمن المخاطر في إمكانية اندلاع حرب جديدة في الشرق الأوسط، إذ إنه إذا اعتقدت إيران أنها تواجه تهديدًا وجوديًّا، فقد تلجأ إلى تسليح مخزونها المتنامي من اليورانيوم عالي التخصيب، لتصبح القوة النووية العاشرة في العالم.
وتشير الصحيفة إلى وجود أطراف تدفع نحو الصراع وتحرض عليه، مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وحكومته اليمينية المتطرفة، التي تشعر بالجرأة بعد عام وجهت فيه لإيران ووكلائها سلسلة من الضربات القوية. وتسعى إسرائيل لدفع الولايات المتحدة إلى دعم عمل عسكري ضد الجمهورية الإسلامية.
وحتى الدول الأوروبية الموقعة على اتفاق عام 2015، وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا، المعروفة باسم مجموعة الدول الأوروبية (E3)، تبدو الآن على مسار تصادمي مع طهران. فبينما عارضت في البداية قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي، وحاولت دون جدوى العمل مع إدارة بايدن لإحيائه، أصبحت اليوم أكثر إحباطًا بسبب التوسع السريع لإيران في أنشطتها النووية وتعنتها في عهد المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي.

وقالت الصحيفة إن نقطة مهمة ستنشأ في الخريف المقبل، مع نهاية صلاحية بنود الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015. وهددت مجموعة الدول الثلاث باستخدام الموعد النهائي في 18 تشرين الأول/أكتوبر، أو ما يُطلق عليه “عملية الزناد”، التي من شأنها إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران. ويقر دبلوماسيون غربيون بأن “الزناد” سيكون لحظة خطيرة قد تشجع المتشددين في إيران والولايات المتحدة وإسرائيل، ما يزيد من خطر العمل العسكري.
ومع ذلك، فإنهم يشعرون أنه ليس لديهم خيار كبير إذا لم يكن هناك تقدم على الصعيد الدبلوماسي. وقد حذرت الجمهورية الإسلامية بالفعل من أنها ستنسحب من معاهدة حظر الانتشار النووي إذا تم تفعيل “الزناد”.
وقد رفعت طهران الرهان من خلال توسيع إنتاجها من اليورانيوم المخصب بشكل كبير إلى 60%، وهو ما يقترب من درجة صنع الأسلحة. ولا يعتقد مجتمع الاستخبارات الأمريكي أن إيران تصنع سلاحًا نوويًّا، لكن امتلاكها القدرة على القيام بذلك أصبح في متناول يدها تمامًا.
وهناك من يأمل في توصل إيران والولايات المتحدة إلى مخرج دبلوماسي لتخفيف أكبر أزمة انتشار نووي في العالم منذ أن أجرت كوريا الشمالية أول تجاربها النووية قبل عقدين من الزمن. أما الخوف، فهو أن الوقت ينفد أمام رئيس أمريكي متعجرف ومتقلب للتوصل إلى حل سياسي مع مرشد إيراني أعلى لا يثق بالولايات المتحدة ويحمل لها كراهية أيديولوجية.
ويقول أحد المطلعين على خفايا الأمور في النظام: “لقد أجرت إيران حسابات عالية المخاطر، إنها لعبة تنافس بين سائقين يتجهان نحو بعضهما البعض، والفائز هو من يخاطر بكل شيء بدلًا من الانحراف عن المسار خوفًا من الاصطدام”.
وفي الوقت الذي انتعشت فيه الآمال بمسار تفاوضي جديد بعد عودة ترامب، إلا أن رسالته أعطت طهران فكرة أنه يريد إجبارها على الخضوع، ذلك أن ترسانة إيران من الصواريخ الباليستية ودعمها للجماعات المسلحة في المنطقة يُعدّ عنصرًا أساسيًا في إستراتيجيتها الدفاعية، ويمثل خطًا أحمر للنظام.
ويقول ولي نصر، الأستاذ في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز، إن مذكرة ترامب “غيرت جوهريًّا الديناميكية في إيران” و”أعطت دفعة قوية للمتشددين الذين قالوا على الفور: لا تنظروا إلى ما يقوله، انظروا إلى ما وقّع عليه”. ويضيف: “هناك ضغط داخلي على المرشد الأعلى، فهو يعتقد بالفعل أن الولايات المتحدة تسعى للضغط عليهم، وأنها تستهدف الجمهورية الإسلامية نفسها”.
ويقول مطّلع على النقاشات في طهران إنه، رغم معاناة البلاد من مشاكل اقتصادية بسبب العقوبات وتداعيات مقتل مهسا أميني، الشابة التي ماتت في مركز شرطة بسبب عدم التزامها بالحجاب، والمظاهرات الحاشدة التي أعقبت ذلك، فإن قيادتها لا تزال تعتقد أن التكاليف التي ستترتب على “مواجهة محدودة” قد تكون أفضل من التفاوض تحت أقصى ضغط.
ويقول المصدر المطلع: “الجمهورية الإسلامية لا تخاطر ببقائها، فبراغماتيتها ورغبتها في الحفاظ على الذات تملي عليها المقاومة”.
وفي الوقت الذي يرى فيه المحافظون والمتشددون في إسرائيل أن الوقت مناسب لضرب إيران “الضعيفة”، إلا أن المحللين والدبلوماسيين يحذرون من المبالغة في تقدير ضعف النظام.
ويعلق نصر، من جامعة جونز هوبكنز: “إيران ضعيفة، لكن الضعف في عين من يراه”، و”طهران قادرة على القيام بالكثير من الأمور في الخليج، وهناك الكثير مما يمكن أن يسير في الاتجاه الخاطئ”.
وعندما تشعر إيران بالتهديد، فإنها تسعى عادة إلى ضمان دفع الآخرين ثمنًا، فترفع مستوى المخاطر.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار