الوثيقة | مشاهدة الموضوع - إسرائيل بعد قصفها المطار العسكري: الحكي للشرع واسمع يا اردوغان
تغيير حجم الخط     

إسرائيل بعد قصفها المطار العسكري: الحكي للشرع واسمع يا اردوغان

القسم الاخباري

مشاركة » الاثنين إبريل 07, 2025 8:35 am

4.jpg
 
التوتر في العلاقات الإسرائيلية – التركية الذي وصل إلى ذروته الأسبوع الماضي، خف قليلاً الجمعة عندما قال وزير الخارجية التركي في مؤتمر الناتو في بروكسل: “لا نريد مواجهة مع إسرائيل في سوريا. على السوريين وحدهم أن يقرروا في شؤون بلادهم الأمنية”.

تصريح هاكان فيدان هذا كان انعطافة إيجابية في أسبوع أعلن فيه حاكم تركيا اردوغان عن أمله في أن “يدمر الله إسرائيل”، فدمرت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي المطار العسكري تي 4 في سوريا تماماً قبل دخول الجيش التركي إليه ويسيطر عليه.

في الغداة، في صباح الأربعاء، أعلن وزير الدفاع كاتس: “أحذر حاكم سوريا الجولاني، بأن إذا سمحتَ لقوات معادية لإسرائيل الدخول إلى سوريا وتعريض مصالح إسرائيل الأمنية للخطر، فستدفع ثمناً باهظاً للغاية”. وليوضح بأن أحمد الشرع ليس وحده المقصود بعنوان الرسالة، أضاف كاتس: “إن عمل سلاح الجو أمس في مطار تي 4 في حماة وفي منطقة دمشق هو رسالة واضحة وتحذير للمستقبل. لن نسمح بالمس بأمن دولة إسرائيل”.

كاتس: “أحذر حاكم سوريا الجولاني، بأنه إذا سمحتَ لقوات معادية لإسرائيل الدخول إلى سوريا وتعريض مصالح إسرائيل الأمنية للخطر، فستدفع ثمناً باهظاً للغاية”

لم يذكر كاتس تركيا باسمها؛ لأن إسرائيل ما زالت تأمل بالامتناع عن مواجهة جبهوية، وأن تتوصل مع تركيا، بوساطة أمريكية وربما روسية أيضاً، إلى حين توزيع مناطق النفوذ وترتيبات الأمن في الأراضي السورية. لكن قصف أربعة مطارات عسكرية كبيرة في سوريا في تلك الليلة كان رسالة للسلطان في أنقرة.

اردوغان، وحزبه ونظامه، ينتمون دينياً وأيديولوجياً لتيار الإخوان المسلمين المتزمت، الذي تنتمي إليه حماس أيضاً. هذا هو جذر العداء طويل السنين بين إسرائيل وتركيا، الذي أصبح علنياً منذ أكتوبر 2023، بخاصة بعد أن بدأ الجيش الإسرائيلي المناورة في قطاع غزة.

منذ 8 كانون الأول 2024، عندما تفكك نظام الأسد نهائياً، تبخر جيشه الموالي وتلقى “محور المقاومة الشيعي” ضربة قاضية، وتعاظم في جهاز الأمن وأسرة الاستخبارات في إسرائيل تخوف من استغلال تركيا الفراغ السلطوي في سوريا بشكل يخلق تهديداً على إسرائيل.

سبب هذه المخاوف هو العلاقة الشجاعة بين منظمات الثوار الجهاديين السُنيين وتركيا، التي دعمتهم لوجستياً وسياسياً في عهد الحرب الأهلية في سوريا، وحتى بعد أن خُيل بأن الحرب قد خبت. جيب الثوار في منطقة إدلب وجد بفضل تركيا، حيث تشكلت المنظمة العليا لجماعات الثوار الجهاديين، وهيئة تحرير الشام بقيادة زعيم القاعدة في سوريا محمد الجولاني، فأسقطت حكم الأسد.

الاستراتيجية “العثمانية الجديدة”

الجيش الإسرائيلي، الذي تعلم درس 7 أكتوبر، لم يأخذ المخاطرة وتموضع في المنطقة الفاصلة منعاً لوضع محتمل يكون فيه المسلحون الجهاديون السُنة على مسافة بضع مئات أمتار عن بلدات هضبة الجولان الإسرائيلية. بالتوازي، قصف سلاح الجو بنى تحتية عسكرية استراتيجية لجيش سوريا وحزب الله في أرجاء سوريا، ودمر مخزونات السلاح كي لا تقع في أيدي رجال هيئة تحرير الشام، وخصوصاً في أيدي حزب الله.

كانت هذه هي الخطوة الاستراتيجية الأولى التي اتخذتها إسرائيل لمنع التهديدات الفورية التي قد تنبع من سقوط نظام الأسد في سوريا. لكن بعد بضعة أسابيع، لاحظت إسرائيل أن تركيا تعتزم، من خلال نفوذها على الثوار السُنة، التموضع في سوريا عسكرياً واقتصادياً. صحيح أن تركيا تحتفظ منذ بضع سنوات بحزام أمني داخل الأراضي السورية بعرض بضعة كيلومترات لمنع مساعدة الأكراد السوريين لأبناء شعبهم ممن يعملون ضد الحكم في جنوب شرق تركيا لنيل حكم ذاتي تركي في الأراضي التركية، لكن اردوغان الآن يحاول توسيع وتثبيت نفوذ ووجود بلاده العسكري والاقتصادي في أرجاء سوريا كجزء من استراتيجية “العثمانية الجديدة” التي تعمل تركيا في العقد الأخير بموجبها، وتسعى لتثبيت تركيا كقوة إقليمية عظمى مسيطرة في الشرق الأوسط وكعامل مهم في الساحة الدولية.

تستغل تركيا كل فراغ أو ضعف سلطوي في الشرق الأوسط، ولا سيما منذ الربيع العربي؛ كي تكتسب لنفسها المواضع. ولها اليوم قواعد عسكرية دائمة في ثماني دول في الشرق الأوسط وفي إفريقيا: في شمال العراق، وشمال سوريا، وفي قطر، والصومال، وتشاد، وشمال قبرص.

هذا الانتشار يستهدف أيضاً خدمة تطلعات تركيا الاقتصادية للسيطرة على حقول الغاز في البحر المتوسط ولمنع دول البحر المتوسط عن تجارة وتسيير الغاز مع أوروبا. الاحتكاك الاقتصادي في موضوع السيطرة على التنقيب عن الغاز حول قبرص والمحاولة التركية لمنع إقامة أنبوب غاز تحت مائي في البحر المتوسط ينقل الغاز من مصر وإسرائيل وقبرص إلى أوروبا- هو العامل المركزي للاحتكاك بين إسرائيل وتركيا، لكن مركز التوتر الأساس بين “القدس” [تل أبيب] وأنقرة الآن هو جهود تركيا لتثبيت نفوذها في سوريا على حساب إيران وروسيا. اردوغان، كما نشر في وسائل الإعلام العالمية، اقترح على الجولاني أن تعيد تركيا بناء الجيش السوري، لكون رجاله في قسم منهم رجال المنظمات الجهادية، وأعضاء في هيئة تحرير الشام التي يقف الجولاني على رأسها.

إمكانية للحوار

نية تركيا لإدخال منظومات دفاع جوي ورادارات مركزية في سوريا تهدد مباشرة حرية العمل الجوي لإسرائيل في المجال الجوي لسوريا. حرية العمل هذه حيوية لا لمنع تهديدات مباشرة من سوريا على إسرائيل فحسب، بل أيضاً كإمكانية لمسارات طيران لأهداف قريبة وبعيدة في الشرق الأوسط، كإيران مثلاً.

إن تموضعاً عسكرياً تركياً في جنوب وشرق سوريا، بما في ذلك الجولان السوري، ربما يخلق وضعاً ينزل فيه الجهاديون الذين أصبحوا “قوات الأمن” تابعين للجولاني تحت رعاية القوات التركية إلى الجنوب، وسرعان ما سينشأ وضع كالذي في غلاف غزة قبل 7 أكتوبر وفي الحدود اللبنانية، حيث يتشكل جيش إرهاب معاد لإسرائيل على مسافة هجوم بري على بلدات هضبة الجولان وشمال إسرائيل.

حتى سقوط نظام الأسد، كانت في منطقة الحدود مع إسرائيل قوات رقابة روسية منعت الجيش السوري ومسلحين محليين من الصدام مع إسرائيل

حتى سقوط نظام الأسد، كانت في منطقة الحدود مع إسرائيل قوات رقابة روسية منعت الجيش السوري ومسلحين محليين من الصدام مع إسرائيل. لكن إذا ما تموضع في المنطقة شخص تركي يستخدم المُسيرات والحوامات وبطاريات الدفاع الجوي من مطارات تي 4، وحمص وحماة، فستضطر إسرائيل لتزن كل عمل تقوم به للدفاع عن مواطنيها وسيادتها في منطقة هضبة الجولان، وتزن إذا كان مثل هذا العمل سيؤدي إلى صدام عسكري مع تركيا.

وعليه، فعندما اعتزمت قافلة قوات أمن تركية الدخول إلى مطار تي 4 ومنطقة حمص، على مسافة أكثر من 100 كيلومتر عن الحدود مع إسرائيل، خرج سلاح الجو لسلسلة أعمال قصف أتت على المطار ومحتواه، بشكل يمنع إمكانية التموضع والعمل من داخله لزمن طويل.

يمكن للأتراك إعادة بناء هذه المطارات، لكن إخراجها عن الاستخدام من قبل سلاح الجو الإسرائيلي استهدف أساساً نقل رسالة للأتراك بأن إسرائيل لن تسمح بهذا.

إن قلق إسرائيل الحقيقي إزاء تركيا هو نشوء محور إسلامي – سُني بروح الإخوان المسلمين، تقوده تركيا ويمر في سوريا، ثم لدى الإخوان المسلمين في الأردن، عبر مؤيدي حماس و”الجهاد الإسلامي” في الضفة، وينتهي في غزة. تخشى إسرائيل أن يحتل محور الإخوان المسلمين محور الشر الشيعي بقيادة إيران.

لكن بخلاف إيران، التي ليس لإسرائيل معها أي نقطة اتصال دبلوماسية وإمكانية للحوار، فإن تركيا عضو في الناتو وحليف قريب من الولايات المتحدة ولها علاقات قريبة أيضاً مع روسيا. منظومات إسرائيل وتركيا الأمنية والاقتصادية هي على اتصال دائم. رغم أن تركيا اليوم تعطي رعاية شبه علنية لأعمال حماس في الضفة من أراضيها، لإسرائيل قدرة على الحوار مع الأتراك ونقل رسائل بشكل مباشر لهم، بل والتأثير عليهم. لا شك أن مخاوف إسرائيل من محاولات تركيا للسيطرة على سوريا – إلى جانب مواضيع مشتعلة أخرى كالمخطوفين وإيران – ستكون موضوعاً مركزياً في اللقاء هذا الأسبوع بين ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض.

عملياً، ما تقترحه إسرائيل على تركيا هو تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ برعاية الولايات المتحدة في الشرق، وروسيا في قاطع الشاطئ الغربي؛ وتركيا في الشمال، وإسرائيل في الجنوب والشرق، والنظام المؤقت في سوريا سيكون فيما تبقى. هذا على الأقل إلى أن تقوم حكومة مستقرة منتخبة في سوريا. أي بعد سنوات غير قليلة.

يديعوت أحرونوت 6/4/2025
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار