ب
فاجأ رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، “الإطار الشيعي” بإعلان ترشحه للانتخابات، وهو ما قد يعيد طرح “تعديل قانون الانتخابات” بقوة. ويُفترض أن “الإطار التنسيقي الشيعي” قد اتفق بالأغلبية على بقاء قانون الانتخابات دون تغيير. وكانت الحكومة قد أعلنت يوم 11 تشرين الثاني موعدًا لإجراء الانتخابات البرلمانية.
ووصل التحالف الشيعي إلى قناعة، رغم اعتراض أجنحة داخله، بأن تعديل القانون يعني “تأجيل الانتخابات”.
لكن مصادر سياسية من داخل أحد أكبر مكونات “الإطار” كشفت عن “إرباك” حدث داخل التحالف بسبب تصريحات رئيس الحكومة الأخيرة.
محمد السوداني، رئيس الحكومة، قال أمس في ملتقى بالسليمانية، إنه “سيرشح نفسه” للانتخابات المقبلة.
المصادر، وهي من ضمن أحد المكاتب السياسية لحزب شيعي داخل “الإطار”، وصفت ما جرى بأنه “انقلاب على تفاهمات سابقة”.
ولمحت المصادر الى وجود “تزامن ملفت” بين تغير موقف رئيس الحكومة وزيارة الوفد التجاري الامريكي الاخير الى بغداد ولقائه السوداني.
ويُفترض -بحسب المصدر- أن “السوداني يقود تحالفًا سياسيًا لكنه لا يرشح، مقابل تخلي باقي الأطراف الشيعية عن تعديل قانون الانتخابات”.
ويُوضح المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن “لجنة فنية داخل الإطار التنسيقي خاصة بالانتخابات، كانت قد توقعت حصول السوداني على 100 ألف صوت على الأقل، في حال شارك في الانتخابات المقبلة”.
“تكدس الأصوات”
وكان “الإطار” متفقًا على “عدم تكدس الأصوات” لصالح مسؤول تنفيذي، بحسب المصدر، لذلك عُرض مقترح “استقالة المسؤول المرشح قبل 6 أشهر من الانتخابات”.
وفي انتخابات 2023 المحلية الأخيرة، كان السوداني قد قرر عدم المشاركة بالانتخابات، لا بشكل مباشر ولا بالظل.
وتسرّبت أنباء أن “الإطار” أجبر السوداني على ذلك القرار مقابل الموافقة على تمرير الموازنة الثلاثية.
وبإعلان السوداني الآن ترشحه بشكل علني، يرجّح المصدر أن “الإطار التنسيقي سيعود لطرح تعديل قانون الانتخابات مجددًا”.
وبحسب بيان حكومي صدر قبل أسبوع، فقد جرى اتفاق داخل ائتلاف إدارة الدولة على عدم تعديل قانون الانتخابات.
لكن النائب عقيل الفتلاوي قال عقب الاجتماع الأخير لـ”الائتلاف الحاكم”، إن “ما أُشيع عن مخرجات اجتماع إدارة الدولة بشأن الإبقاء على قانون الانتخابات الحالي وعدم تعديله عارٍ عن الصحة”.
وأشار في تصريحات إلى أن “اجتماع إدارة الدولة لم يشهد اتفاقًا نهائيًا بشأن قانون الانتخابات، والأمر منوط بقرار البرلمان العراقي”.
وفي ذات السياق، قال ممثل “دولة القانون” في اجتماع إدارة الدولة، حسن السنيد، إنه “لم تتم مناقشة قانون الانتخابات أو تعديلاته، ولم يُؤخذ رأي الكتل السياسية”.
كلام الحكيم
في نفس الملتقى بالسليمانية، دعم عمار الحكيم، زعيم تيار الحكمة، موقف رئيس الحكومة، وقال إن تعديل قانون الانتخابات “رغبة أحادية لا تحظى بتوافق وطني”، وفُهم من كلامه أنه يشير إلى المالكي.
وأضاف الحكيم أن “قانون الانتخابات استغرق منا وقتًا طويلًا من أجل تشريعه، ولم يُنفّذ في أي من انتخابات مجلس النواب السابقة”.
وأشار إلى أن “التعديلات على القوانين عادةً ما تأتي بعد تجارب معينة، وفي حال ظهور إشكالات محددة، تبدأ الكتل والقوى السياسية بترميم تلك الإشكالات”، مبينًا “أننا لم ندخل الانتخابات وفق هذا القانون لنكتشف ثغراته، بل تم تطبيقه فقط في انتخابات مجالس المحافظات”.
وأوضح أن “انتخابات مجالس المحافظات تُعدّ الأفضل والأهدأ بين التجارب السابقة، حيث أوجد القانون توازنًا بين عدد الأصوات وعدد المقاعد”، مشددًا بالقول: “لسنا مع إجراء تعديلات على قانون الانتخابات الحالي”.
وبيّن أن “الذهاب نحو التعديل يُعدّ إحراجًا للمفوضية من حيث التوقيت”، مؤكدًا أن “قانون الانتخابات الحالي يُعدّ منصفًا”.
القوائم الشيعية
ويُرجّح أن الحكيم والسوداني سينضمان إلى “تحالف واحد”، بحسب كلام قيادي في تيار الحكمة، لكنها تفاهمات لم تُحسم حتى الآن.
وقد يُقلّص تفاهم السوداني – الحكيم عدد القوائم التابعة للتحالف الشيعي من أربع إلى ثلاث.
وبحسب المصدر السياسي الشيعي، فإن “الإطار التنسيقي اتفق على أن ينزل بـ4 قوائم لمعرفة حجم كل مجموعة”، وهي: قائمة السوداني مع هادي العامري، زعيم منظمة بدر.
قائمة نوري المالكي (دولة القانون).
قائمة قيس الخزعلي، إذ أصرت العصائب على النزول منفردة، بحسب المصدر.
وقائمة تضم الحكيم وحيدر العبادي.
أما الفصائل، فيؤكد المصدر أن “شبل الزيدي، زعيم كتائب الإمام علي، سينزل منفردًا، وحركة حقوق (كتائب حزب الله) تخطط لنفس الفكرة”.
وأضاف: “ربما سيكون هناك تحالف أو اثنان يجمعان باقي الفصائل في الانتخابات المقبلة”.
وكان زعيم “حزب الله” العراقية قد دعا أنصاره إلى المشاركة الفاعلة في الانتخابات، بحسب بيان للأمين العام للكتائب أبو حسين الحميداوي.
“الحشد” مع السُنة!
أما فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي، الذي يواجه مطالب شيعية بتنحيه عن منصبه، فإنه قريب من السوداني، بحسب تصريحات الأخير، ما يرجّح انضمامه إلى تحالف رئيس الحكومة.
في المقابل، أنشأ الفياض تحالفات سياسية في الأنبار تُعرف بـ”تحالف الحشد”، مع الحزب الإسلامي وأحزاب إسلامية أخرى هناك، بحسب السياسي حكمت سليمان.
ويرغب الفياض في تعميم تجربة “تحالفات الحشد” في محافظتي نينوى وصلاح الدين.
وكان الفياض قد فاز بـ4 مقاعد في انتخابات 2021 عبر نواب سُنّة باستثناء نائب واحد عن البصرة.
وبحسب سليمان، وهو أمين عام تكتل الانتماء الوطني، فإن حزب تقدم الذي يتزعمه محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان السابق، لديه قوائم مع خالد بتال، وزير الصناعة الحالي (كتلة قمم)، ومصطفى عياش الكبيسي، رئيس حزب الصرح الوطني.
وأضاف أن “تحالف عزم (بزعامة النائب مثنى السامرائي) سيشارك في الانتخابات، أما خميس الخنجر، زعيم تحالف السيادة، فإن تفاهماته غير واضحة باستثناء وجود مرشحه الرئيسي النائب سالم العيساوي”.
وبيّن سليمان أن محافظ الأنبار السابق، وهو رئيس حزب تعاون، علي فرحان، تراجع عن تشكيل تحالف في الأنبار بسبب “قضايا سابقة ضده”.
ويتداول في الأوساط السُنّية احتمال عودة “صقور السُنّة” بالانتخابات المقبلة، أبرزهم: وزير المالية الأسبق رافع العيساوي، والشخصية العشائرية علي حاتم السليمان، بعد تسوية أوضاعهم القانونية مع القضاء.
غداد/ تميم الحسن