لندن- “القدس العربي”: يهيمن القلق والغموض وسط أوروبا بشأن الملف الأوكراني، لغياب معطيات حول التفاهمات بين واشنطن وموسكو حول هدنة وقف إطلاق النار المرتقبة. وهذا يؤثر على القرارات الأوروبية بإرسال السلاح والقوات العسكرية، ورغم ذلك يتحدى الأوروبيون ترامب.
ووصفت جريدة “لوموند” الفرنسية هذا الوضع، في عدد الخميس من الأسبوع الجاري، بالقول: “تبدو سلسلة القمم والاجتماعات على جميع المستويات بين حلفاء كييف الغربيين أشبه بممر طويل لا نهاية له. والسبب الرئيسي لهذا الشلل معروف جيدًا؛ الغياب التام لرؤية المناقشات بين موسكو وواشنطن”.
وهكذا، يبقى معرفة مضمون التفاهمات الجارية بين موسكو وواشنطن بشأن وقف إطلاق النار وهدنة طويلة المدى حاسمًا للقرارات الأوروبية مستقبلًا وفي ملفات كثيرة.
في هذا الصدد، لا يعرف الاتحاد الأوروبي، إضافةً إلى بريطانيا التي تنسّق معه في هذا الملف، كميات السلاح التي يجب إرسالها إلى أوكرانيا، وذلك للتعويض، ولو نسبيًا، عن وقف البنتاغون إرسال الأسلحة إلى هذا البلد منذ عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض خلال يناير الماضي.
وتعاني الدول الأوروبية من النقص في الكثير من أنواع الأسلحة، مثل أنظمة الدفاع الجوي والذخيرة، ولا تريد إرسال أسلحة نوعية وتتفاجأ بالهدنة، وسيكون من الصعب استعادتها.
كما ترغب أوروبا في معرفة تاريخ الهدنة، إن توصلت إليها واشنطن وموسكو، حتى تقوم بتليين مواقفها، في وقت ترى كيف أن الولايات المتحدة وموسكو تستعيدان تدريجيًا العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية.
وبالإضافة إلى كل ذلك، يبقى الملف الشائك هو الاتفاق حول إرسال قوات عسكرية إلى أوروبا من أجل دعم الدفاع والسلام.
في هذا الصدد، يُبرز الخبراء الأوروبيون وجود بعض الخلافات، لا سيّما بين أكبر بلدين يرغبان في إرسال القوات، وهما فرنسا وبريطانيا.
ارتباطًا بهذا، ترى باريس، وفق جريدة “لوموند”، أنه يجب إرسال قوات برية، وهي عملية سهلة للفرنسيين، خاصة في ظل تمركز قوات فرنسية في رومانيا. ومن جانبها، تفضّل بريطانيا التركيز على التواجد العسكري الجوي والبحري.
ووضع الرئيسُ ترامب أوروبا في موقف حرج للغاية وصعب تاريخيًا، بعدما اتخذ إجراءات تمهد للتفاهم مع روسيا حول نهاية الحرب، بما فيه احتمال ضم موسكو لأراض شرق أوكرانيا، ما دفع بأوروبا إلى الإسراع في تسليح نفسها وتوقيع اتفاقيات لبناء جيش أوروبي.
وتكتب جريدة “بوبليكو” الإسبانية، الخميس من الأسبوع الجاري، أن أوروبا لا تريد تسهيل عمل ترامب، فرغم الصعوبات والإكراهات التي تتعرض لها، تعتقد أنها قادرة على استنزاف روسيا عسكريًا في هذه الحرب. وتضيف: “علاوة على ذلك، فإن هذا الدعم لأوكرانيا يساعد بروكسل على جسّ نبض واشنطن، ونقل الصراع بين الأوروبيين والأمريكيين بشأن حملة ترامب على الرسوم الجمركية إلى الساحة الجيوسياسية”.
ومن باب الرد على سياسة الرئيس الأمريكي، تريد أوروبا أن تبرز أن اتفاقيات السلام المقبلة هي مجرد مواقف انتهازية من ترامب، لأنه يريد أن يفرض على أوكرانيا اتفاقية سلام مقابل استحواذه على المعادن النادرة في هذا البلد الأوروبي.