أعلنت نيودلهي تعليق العمل بمعاهدة استراتيجية لتقاسم المياه مع باكستان، إضافة إلى إغلاق معبر بري رئيس بين البلدين وسحب عدد من الدبلوماسيين، غداة الهجوم الأكثر دموية على مدنيين منذ أعوام في كشمير الهندية. ورداً على هذه الإجراءات، أعلنت باكستان طرد دبلوماسيين هنود وإلغاء التأشيرات الممنوحة للمواطنين الهنود وإغلاق الحدود ووقف التجارة مع الهند.
أعلنت الحكومة الباكستانية اليوم الخميس سلسلة من الإجراءات الدبلوماسية المضادة بحق الهند بعدما اتهمتها الأخيرة بدعم "الإرهاب العابر للحدود" وخفضت مستوى العلاقات معها، وشملت التدابير طرد دبلوماسيين هنود وإلغاء التأشيرات الممنوحة للمواطنين الهنود، فيما طلبت نيودلهي من كل الباكستانيين مغادرة أراضيها بحلول الـ29 من أبريل (نيسان) الجاري.
وحذر مكتب رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف في بيان بعدما دعا إلى اجتماع نادر للجنة الأمن القومي، من أن أي تهديد لسيادة باكستان من جانب الهند سيقابل "بإجراءات رد حازمة في كل المجالات"، ومن أن "أية محاولة لوقف أو تحويل تدفق المياه التي تعود لباكستان بموجب معاهدة مياه نهر السند... ستعتبر عملاً حربياً وسيُردّ عليها بقوة".
وتابع البيان، "تعلن باكستان مستشاري الدفاع البحري والجوي الهنود في إسلام أباد أشخاصاً غير مرغوب فيهم. يطلب منهم مغادرة باكستان على الفور"، مضيفاً أن التأشيرات الممنوحة للمواطنين الهنود ستُلغى باستثناء الحجاج السيخ. وأشار إلى أن كل الحدود ستغلق وستتوقف التجارة، كما سيغلق المجال الجوي أمام شركات الطيران التي تملكها أو تديرها الهند.
الهند تطلب من الباكستانيين مغادرة أراضيها
وجاءت التدابير عقب اجتماع للجنة الأمن القومي التي تضم مسؤولين مدنيين وعسكريين كباراً للرد على الإجراءات التي اتخذتها الهند بحق باكستان غداة هجوم دموي على مدنيين في كشمير الهندية. وشملت التدابير الهندية تعليق نيودلهي العمل بمعاهدة استراتيجية لتقاسم المياه مع باكستان، إضافة إلى إغلاق معبر بري رئيس بين البلدين وسحب عدد من الدبلوماسيين.
وقال وكيل وزارة الخارجية الهندية فيكرام ميسري إن معاهدة مياه نهر السند المبرمة عام 1960 "سيجري تعليقها على الفور حتى تتخلى باكستان بصورة موثوق بها ولا رجعة فيها عن دعمها للإرهاب عبر الحدود". وأضاف أن الهند ستسحب أيضاً ملحقيها العسكريين من باكستان وستخفض كذلك حجم الموظفين في بعثتها لدى إسلام أباد إلى 30 من 55. وأفادت وسائل إعلام محلية بأن الهند استدعت كبير الدبلوماسيين في السفارة الباكستانية بنيودلهي لإخطاره بأن جميع المستشارين العسكريين في البعثة الباكستانية أشخاص غير مرغوب فيهم ومنحهم أسبوعاً للمغادرة.
وفي إجراءات جديدة، طلبت نيودلهي اليوم من كل الباكستانيين المقيمين في الهند المغادرة بحلول الـ29 من أبريل الجاري، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الهندية. وجاء في البيان، "بعد هجوم باهالغام الإرهابي قررت الحكومة الهندية تعليق إصدار تأشيرات الدخول الممنوحة للمواطنين الباكستانيين مع مفعول فوري"، مضيفة أنه "ينبغي على كل المواطنين الباكستانيين الموجودين راهناً في الهند مغادرة البلاد قبل تاريخ انتهاء صلاحية التأشيرات" المحدد في الـ27 من أبريل للتأشيرات العادية والـ29 من أبريل للتأشيرات الصحية.
ووقع هجوم باهالغام أول من أمس الثلاثاء حين خرج مسلحون بأسلحة رشاشة من غابة قريبة من موقع سياحي وقتلوا 26 رجلاً، جميعهم مقيمون في الهند باستثناء شخص واحد يعيش في النيبال، بحسب الشرطة الهندية. ولم تعلن أية جهة مسؤوليتها عن إطلاق النار، ولكن يبدو أن الهند تشير بأصابع الاتهام إلى باكستان التي أصدرت بياناً عبرت فيه عن "قلقها" وقدمت "تعازيها" وتمنياتها "بالشفاء العاجل للمصابين".
وقال وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار إن رد فعل نيودلهي كان "غير عادل وسريع ويمثل مناورة سياسية"، وقال "إذا كان لديهم دليل فليظهروه لنا".مودي يتعهد ملاحقة منفذي هجوم كشمير
في الأثناء، تعهد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم ملاحقة جميع المسؤولين عن الهجوم العنيف في كشمير ومحاسبتهم.
وأكد مودي في أول خطاب له منذ الهجوم، "أقول لكل العالم، ستحدد الهند هوية الإرهابيين ومن يدعمهم وتلاحقهم وتعاقبهم. سنطاردهم إلى أقاصي الأرض".
وأعلن مودي الذي كان يتحدث من ولاية بيهار التي زارها لإطلاق مشاريع تنموية، دقيقتي صمت حداداً على أرواح القتلى. وأضاف أمام حشد كبير، "أقول هذا بصورة لا لبس فيها، أياً يكُن من نفذ هذا الهجوم ومن خطط له، سيدفع ثمناً يفوق تصوراتهم"، مردفاً "سيدفعون الثمن حتماً. مهما كانت مساحة الأرض الضئيلة التي يملكها هؤلاء الإرهابيون، حان الوقت لتدميرها. إن إرادة 1.4 مليار هندي ستكسر شوكة هؤلاء الإرهابيين".
وأنهى كلمته بتعليقات باللغة الإنجليزية متوجهاً إلى الخارج وقال "لن يفلت الإرهاب من العقاب. سنبذل قصارى جهدنا لضمان تحقيق العدالة".
الصراع على كشمير
منذ تقسيمهما عام 1947 واستقلالهما، تتنازع الهند وباكستان السيادة على كامل إقليم كشمير ذي الأغلبية المسلمة، الذي جرى تقسيمه بين البلدين.
خاضت القوتان النوويتان ثلاث حروب، ولكن على رغم ذلك لم يجرِ المساس بمعاهدة مياه نهر السند على الإطلاق.
وقال وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف إن الهند "ترغب بالخروج من هذه المعاهدة منذ 15 عاماً، إنها ترى أنها لم تعد في صالحها، والآن تريد استخدام هذه الحادثة التي ندينها كذريعة للتنصل منها".
وأضاف، "إذا قررت الهند المغامرة بذلك، فأنتم تعرفون ردنا يوم أبيناندان" فارتامان، وهو طيار المقاتلة الهندية التي تحطمت بعد أن أسقطتها طائرة باكستانية في عام 2019. ألقي القبض على الطيار أبيناندان فارتامان وسلم إلى الهند بعد بضعة أيام، مما ساعد في تخفيف التوتر حينها.
ويقاتل متمردون في كشمير منذ عام 1989 لتحقيق استقلال الإقليم أو اندماجه مع باكستان، وتتهم نيودلهي إسلام آباد منذ فترة طويلة بدعمهم، لكن باكستان تنفي ذلك، وتقول إنها تكتفي بدعم نضال سكان كشمير من أجل تقرير المصير.