الدوحة ـ (أ ف ب) – وصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء إلى قطر قادما من الرياض حيث التقى الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع وطالبه بتطبيع العلاقات مع إسرائيل وطرد من وصفهم بأنهم “إرهابيون فلسطينيون”، في أول اجتماع من نوعه منذ 25 عاما، غداة إعلانه قرار رفع العقوبات عن دمشق.
وحطت طائرة ترامب في مطار حمد الدولي في العاصمة القطرية الدوحة آتية من السعودية، وسط الجدل الذي أثاره تقديم قطر لطائرة فخمة للولايات المتحدة لتُستخدم كطائرة رئاسية.
قبيل ذلك بساعات قليلة، أفادت مسؤولة في البيت الأبيض وكالة فرانس برس بأن ترامب والشرع التقيا قبيل اجتماع قادة الخليج في الرياض خلال جولة ترامب في المنطقة.
ad
وانضم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عبر الإنترنت إلى اللقاء الذي جمع ترامب والشرع بحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وخلال اللقاء الذي استمر أكثر بقليل من 30 دقيقة، طلب ترامب من الشرع الانضمام إلى اتفاقات التطبيع مع إسرائيل، ودعاه إلى “ترحيل الإرهابيين الفلسطينيين”، وفق بيان للبيت الأبيض.
واستضافت سوريا خلال حكم عائلة الأسد على مدى عقود الكثير من الفصائل الفلسطينية المناهضة لإسرائيل أبرزها حركتا حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية-القيادة العامة.
ad
وأضاف البيان أن ترامب طالب الرئيس السوري الانتقالي بـ”تولي مسؤولية” مراكز احتجاز تنظيم الدولة الإسلامية في شمال شرق سوريا التي تضم آلاف من مقاتلي وأسر التنظيم الجهادي وتديرها راهنا قوات كردية، وهو ما يلاقي معارضة من تركيا.
أثناء وجوده على متن الطائرة الرئاسية “اير فورس وان” في طريقه إلى قطر، أشاد ترامب بالشرع، قائلا إن الاجتماع كان “رائعا”.
وقال للصحافيين إنّه “شاب جذّاب. رجل قوي. ماض قوي. ماض قوي جدا. مقاتل”.
وأصدرت الخارجية السورية بيانا وصفت فيه اللقاء بـ”التاريخي”، من دون أن تأتي على ذكر مسألة التطبيع.
وأتى لقاء ترامب في الرياض، الوجهة الخارجية الأولى له كزيارة دولة في ولايته الثانية، والشرع الذي كان زعيم هيئة تحرير الشام التي قادت الإطاحة ببشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر والذي بات رئيسا انتقاليا لسوريا، بعد كشف ترامب عن قرار رفع العقوبات التي تفرضها واشنطن على دمشق.
وأعلن ترامب الثلاثاء أنه قرر رفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ عهد الأسد استجابة لمطالب حلفاء الشرع في تركيا والمملكة العربية السعودية، في خطوة تتعارض مع موقف إسرائيل، حليفة واشنطن الوثيقة.
بعد لقائه بالشرع، قال ترامب إن العقوبات المفروضة في عهد الأسد كانت “تسبّب شللا حقا” لسوريا.
وقال ترامب في كلمته أمام قادة دول الخليج “لن يكون الأمر سهلا على أي حال، لذا فهو يمنحهم فرصة جيدة وقوية، وكان لي شرف القيام بذلك”.
كان بيل كلينتون آخر رئيس أميركي يلتقي رئيسا سوريا وحاول في العام 2000 من دون جدوى إقناع حافظ الأسد، والد بشار، بالسلام مع إسرائيل.
بدا إعلان ترامب مفاجئا حتى للمسؤولين الأميركيين، إذ لم تُحدد وزارة الخزانة الأميركية أي جدول زمني فوري لرفع العقوبات.
واستقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الأربعاء في العاصمة الدوحة، رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، في ثاني زيارة لرئيس أمريكي منذ 2003.
وتابع مراسل الأناضول، استقبال أمير قطر، ترامب بالديوان الأميري بالدوحة، حيث تبادلا الأحاديث الودية، وصافحا وفدي البلدين.
وبعد مراسم الاستقبال، بدأ الزعيمان محادثات ثنائية.
وخلال اجتماع في الديوان الأميري، قال أمير دولة قطر للرئيس الأمريكي: “جميعنا يريد إحلال السلام في المنطقة ونأمل أن يتحقق ذلك هذه المرة”.
وأضاف لترامب: “أعلم أنك رجل سلام وتريد إحلال السلام في المنطقة”، مشيرا إلى أن بإمكان الدوحة وواشنطن مواصلة العمل معا لإحلال السلام في المنطقة أو بمناطق أخرى كالسلام بين روسيا وأوكرانيا.
وأعرب أمير قطر عن حماسته للمباحثات القطرية الأمريكية التي ستشمل إحلال السلام في المنطقة وقضايا الاستثمار والطاقة.
وأكد أن بلاده ستشارك تجربتها بتنظيم كأس العالم 2022 مع الطواقم المنظمة لكأس العالم 2026 بالولايات المتحدة.
ومن جانبه، قال الرئيس الأمريكي لأمير قطر: “أحببنا بعضنا البعض وعملنا معا على أعلى المستويات لإحلال السلام في هذه المنطقة وعبر العالم”.
وأضاف: “أنتم تساعدوننا بإحلال السلام في مناطق عدة مثل روسيا وأوكرانيا وسنرى تطورا في هذا الملف”.
ووفق قناة الجزيرة القطرية، فإن أمير قطر والرئيس الأمريكي بدأا مشاورات مغلقة منذ نحو ساعة.
وتستمر زيارة ترامب إلى الدوحة يومين، وفق بيان من الديوان الأميري.
وأشار الديوان إلى مرافقة طائرة الرئيس الأمريكي لدى دخولها أجواء البلاد سرب من طائرات سلاح الجو الأميري القطري.
من جانبه، أعرب متحدث وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري عن أمل الدوحة “في أن تسهم هذه الزيارة في دفع جهود الوساطة القطرية-الأمريكية-المصرية المشتركة بشأن الأوضاع في قطاع غزة”.
واعتبر الأنصاري خلال حوار مع وكالة الأنباء القطرية الرسمية، أن زيارة ترامب “تمثل فرصة مهمة لتوحيد الجهود وتعزيز الضغط الدولي من أجل إنهاء التصعيد وتهيئة الظروف لاستئناف المسار السياسي”.
وأشار إلى أن “من أبرز الملفات التي من المحتمل أن تطرح خلال الزيارة هي التعاون الأمني والدفاعي، والتطورات في قطاع غزة والقضية الفلسطينية، والشراكة الاقتصادية والاستثمارية”.
ووصل الرئيس الأمريكي، الأربعاء، إلى الدوحة، محطته الثانية ضمن جولته الخليجية التي بدأها الثلاثاء من العاصمة السعودية الرياض.
وحطت طائرة ترامب في مطار حمد الدولي حيث كان أمير قطر في مقدمة مستقبلي الرئيس الأمريكي.
وجولة ترامب إلى الخليج تعد الأولى له بولايته الثانية التي بدأت في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وتتواصل هذه الجولة حتى الجمعة، وتشمل أيضا الإمارات الخميس، وفق بيان سابق للخارجية الأمريكية.
وتعد زيارة ترامب لقطر ثاني زيارة يقوم بها رئيس أمريكي إلى قطر بعد زيارة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش في العام 2003، وفق وكالة الأنباء القطرية الرسمية.
واعتبرتها الوكالة “حدثا استثنائيا، كونها تأتي ضمن أول جولة خارجية يقوم بها منذ توليه منصبه في يناير الماضي”.
– فرصة “انعاش الاقتصاد”-
فرضت الولايات المتحدة قيودا شاملة على المعاملات المالية مع سوريا خلال الحرب الأهلية الدامية التي اندلعت في 2011، وأوضحت أنها ستستخدم العقوبات لمعاقبة أي شخص يشارك في إعادة الإعمار طالما بقي الأسد في السلطة من دون محاسبة على الفظائع التي ارتكبها.
ولم يشر ترامب إلى أن الولايات المتحدة سترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو إجراء اتخذ في عام 1979 بسبب دعم دمشق للمسلحين الفلسطينيين، ما يُعيق الاستثمار بشدة.
وبعد الإعلان عن رفع العقوبات عن بلادهم، احتفل سوريون في شوارع مدنهم، على وقع المفرقعات والتصفيق.
وقالت زين الجبلي (54 عاما) التي تملك معملا للصابون في حلب “العقوبات كانت مفروضة على الأسد الحمد الله سوريا تحررت، وسيكون لذلك أثر إيجابي للصناعيين وفي دفع عجلة الاقتصاد ودفع الناس للعودة” إلى البلاد.
بعد سقوط الأسد، وضعت واشنطن، برئاسة جو بايدن آنذاك، شروطًا لرفع العقوبات، بما في ذلك حماية الأقليات.
والتقى مبعوث أميركي كبير الشرع في دمشق في كانون الأول/ديسمبر.
في الأسابيع الأخيرة، شهدت سوريا سلسلة من الهجمات أدت إلى سقوط قتلى، على الأقليتين العلوية، التي تنتمي إليها عائلة الاسد، والدرزية.
وقالت الخبيرة في مركز “الأهرام” للدراسات السياسية والاستراتيجية رابحة سيف علام إنّ رفع العقوبات يعيد دمج سوريا في الاقتصاد العالمي بعد سنوات من العزلة ويتيح التحويلات الدولية من ملايين السوريين الذين فرّوا خلال الحرب.
وصرّحت أنّ “وقف العمل بالعقوبات سيمنح سوريا فرصة حقيقية لاستقبال التمويل اللازم لإنعاش الاقتصاد وفرض سلطة الدولة المركزية وإطلاق مشاريع إعادة الاعمار بدعم خليجي واضح”.
– جدل الطائرة القطرية –
كذلك، التقى ترامب بقادة وممثلين من دول مجلس التعاون الخليجي الست: المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، وقطر، والكويت، وسلطنة عمان.
بعدها يتوجه ترامب إلى قطر، المحطة الثانية في جولته الخارجية الأولى التي طغى عليها جدل بسبب اعتزامه قبول طائرة بوينغ فخمة هدية من الدوحة لتحلّ محلّ الطائرة الرئاسية الحالية.
واستضافت قطر التي تضم قاعدة جوية أميركية مترامية الأطراف، محادثات غير مباشرة بين إسرائيل وحركة حماس بهدف إنهاء الحرب المدمّرة في غزة.
لكنّ الزيارة شابها جدل كبير بعد أنباء عن اعتزام ترامب قبول طائرة فخمة بقيمة 400 مليون دولار هدية من العائلة الحاكمة في قطر.
وتثير هذه الخطوة تساؤلات دستورية وأخلاقية كبيرة في الولايات المتّحدة، بالإضافة إلى مخاوف أمنية بشأن استخدام طائرة تبرّعت بها دولة أجنبية كطائرة رئاسية.
والثلاثاء، ندّد زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر بالأمر، واصفا ذلك بأنه “فساد خالص”، ومعلنا أنه سيعمل على تعطيل تثبيت جميع الأشخاص الذين اختارهم ترامب لمناصب في وزارة العدل.
وتأتي زيارة ترامب لقطر بعد أيام قليلة من تفاوض واشنطن مباشرة مع حماس لتأمين إطلاق سراح الرهينة الأميركي-الإسرائيلي عيدان ألكسندر.
وتوصلت قطر، إلى جانب مصر والولايات المتحدة، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة، دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير، لكنه فشل في إنهاء الحرب في شكل دائم.
ويختتم ترامب جولته الخليجية بمحطة أخيرة في أبوظبي في وقت لاحق من الأسبوع.