بغداد ـ «القدس العربي»: حذّر رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أمس الإثنين، من نيّة سلطات الاحتلال الإسرائيلية توسيع رقعة الحرب، بهدف رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط. وفيما عبّر عن تضامن بلاده مع إيران، أكد أن العراق يجري اتصالات مع وزراء خارجية دول العالم بُغية وقف العدوان ضدها، وسط عزّم مجلس النواب العراقي على عقد جلسة استثنائية اليوم، مخصصة لمناقشة العدوان الإسرائيلي وانتهاك السيادة العراقية.
السوداني أفاد خلال لقائه عدداً من رؤساء البعثات الدبلوماسية للدول الآسيوية والأمريكتين العاملة في العراق، وسفيري استراليا وتركيا، بأن «حكومة الاحتلال الصهيوني لا تعترف بالقوانين الدولية والإنسانية وترتكب الجرائم والمجازر منذ أحداث 7 أكتوبر»، مشيراً إلى «فشل المجتمع الدولي، الذي تقع على عاتقه مسؤولية الحفاظ على السلم والأمن».
وأوضح، حسب بيان لمكتبه، أن «العراق يحث المجتمع الدولي والولايات المتحدة على أخذ دورها في إيقاف هذا العدوان واعتماد الحل السلمي من خلال إعادة المفاوضات»، مؤكداً «بذل العراق جهوداً كبيرة لإيقاف العدوان من خلال إجراء اتصالات عديدة مع قادة ووزراء خارجية دول العالم».
وعبر السوداني عن «التضامن الكامل مع إيران التي تمثل دولة إقليمية مهمة ذات سيادة، وعضواً في المجتمع الدولي»، وإدانته «للعدوان الصهيوني عليها، كونه يعد تهديداً للأمن والسلم، واستقرار وأمن العراق، وأن خرق القوانين من قبل الكيان بهذا الشكل ستكون له نتائج سلبية»، مشدداً على «رفض أي خرق للسيادة العراقية، وهو ما تجسد بتقديم شكوى رسمية للهيئات الدولية والأممية».
وشدد على أن «الكيان الصهيوني يسعى الى توسيع رقعة الحرب في المنطقة من أجل رسم خريطة جديدة للشرق الاوسط»، مؤكداً «حق ايران في الدفاع عن نفسها وفق قوانين الأمم المتحدة».
ويتفق الأمين العام لـ «كتائب الإمام علي»، المنضوية في «الحشد»، شبل الزيدي، مع طرح السوداني بشأن الدفع الإسرائيلي نحو تحقيق مشروع «الشرق الأوسط الجديد»، معتبرا أن العراق «ليس بعيدا عن فتنة تحاك له»، في ظل الأحداث المتسارعة التي تشهدها المنطقة.
وفي بيان صحافي نشره أمس، قال إن «مشروع الشرق الأوسط الجديد بدأ باحتلال العراق وتدمير قدراته العسكرية والاقتصادية والصناعية، واستمر بجعل العراق دولة تعايش غير متماسكة، وعمل على عدم تمكينه من امتلاك دفاعات جوية وقدرات قتالية مناسبة لحماية أرضه وسمائه».
وأضاف: «اليوم نرى سماءنا مستباحة. ثم توسع المشروع الصهيو أمريكي لسوريا الشقيقة التي تعاني من المخطط نفسه الذي طبق في العراق. الهجوم الصهيوني الذي نفذ على الجارة إيران لم تكن الغاية منه المشروع النووي بل كان ذريعة كاذبة مثلما استخدمت كذريعة لغزو العراق».
ووفق الزيدي فإن «النظام الإيراني هو الهدف، ونشر الفوضى هو الغاية. أمريكا والكيان الصهيوني لديهما مشروع إسقاط النظام وتدمير القدرة القتالية والتصنيعية في الجمهورية الإسلامية بدعم من عملائهم ومرتزقتهم»، حسب وصفه.
البرلمان يناقش العدوان على إيران وانتهاك سيادة العراق في جلسة استثنائية اليوم
وأشار إلى أن «صمود الدولة والحكومة والجيش الإيراني، ونوع الرد كان صفعة مؤلمة بوجههم. نراهن على وعي الشعب الإيراني في الالتفاف حول حكومته وعلى تفاني وإخلاص الأجهزة الأمنية في متابعة العملاء وقطع دابر الفتنة».
وشدد على أن «العراق ليس بعيدا عن فتنة تحاك له، خصوصا أن الغرب يستخدم الطامع والحاقد والجاهل أدوات في مشروعه؛ مشروع الشرق الأوسط الجديد، حيث يكون السلاح والقوة فقط بيد إسرائيل».
ورغم ردود الفعل السياسية المندّدة بالحرب ضد إيران، غير أن السياسيين الشيعة يبدون مواقف يومية تركّز على دعم إيران ورفض العدوان الإسرائيلي، آخرها دعوة «الإطار التنسيقي» الممثل السياسي للقوى السياسية الشيعية، المجتمع الدولي إلى الوقوف بوجه «غطرسة إسرائيل»، ودعوة أنصاره الذين يمثلون في الغالب جمهور الفصائل، إلى الخروج بتظاهرات تندّد بالعدوان وتدعم صمود إيران.
وفي ساعة متأخرة من ليلة الأحد/ الإثنين، اجتمع قادة «الإطار» بحضور رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، لمناقشة آخر التطورات السياسية والأمنية في البلاد والمنطقة.
وذكر بيان صادر عن الاجتماع، أن المجتمعين أعربوا عن «إدانتهم الشديدة واستنكارهم للسلوك العدواني المتكرر الذي ينتهجه الكيان الصهيوني، لا سيما الاعتداءات الأخيرة التي طالت الجمهورية الإسلامية في إيران، وأدت إلى استشهاد عدد من القادة والعلماء، فضلاً عن سقوط عشرات الشهداء».
ودعا «الإطار» المجتمع الدولي بشكل عام، ودول المنطقة بشكل خاص، إلى «الوقوف بوجه غطرسة هذا الكيان، والعمل على إجباره على وقف اعتداءاته المستمرة على إيران والدول الأخرى في المنطقة»، حاثّاً على «الخروج بتظاهرات منددة بالعدوان وداعمة لصمود وثبات الجمهورية الإسلامية في مواجهته».
كما أكد المجتمعون، حسب البيان «الرفض القاطع لانتهاك الأجواء العراقية واستخدامها للاعتداء على دول الجوار»، مؤكدين «ضرورة أن يواصل العراق دوره ليكون جزءاً من الحل، ومنع استمرار تداعيات الأزمة التي فجرها الكيان الصهيوني باعتداءاته المستمرة».
كذلك طالب زعيم ائتلاف «دولة القانون»، نوري المالكي أيضاً، المؤسسات الدولية بالوقوف إلى جانب إيران ودعمها ضد ما وصفه بـ«الخطر الصهيوني»، معتبراً أن إسرائيل تمثل تهديداً للأمة الإسلامية.
وقال خلال احتفالية أقامتها حركة «البشائر»، الجناح الشبابي لائتلاف «دولة القانون»، بعيد الغدير في العاصمة بغداد، إن «أبناء علي (علي ابن أبي طالب) حققوا اليوم انتصاراً كبيراً وقهروا الجيش الإسرائيلي وهذا انتصار كبير حققته الجمهورية الإسلامية بشجاعة أمير المؤمنين».
وأضاف: «على الأمة الإسلامية أن تقف إلى جانب إيران ضد الصهيونية»، معرباً عن أسفه من «وقوف بعض دول العالم مع إسرائيل رغم المجازر التي قامت بها في غزة ولبنان».
وأكد المالكي: «نحن في العراق، صحيح أن المعركة ليست على حدودنا، لكن على كل الأمة الإسلامية الوقوف إلى جانب إيران وتأييدها وإسنادها»، معتبراً إن «الحرب ليست نزهة وعلى المؤسسات الدولية الوقوف إلى جانب الحق».
وحذر من أن «السلوك الصهيوني يمثل خطراً ليس على إيران والعراق فقط وإنما على الأمة الإسلامية وكل العالم».
ورغم الموقف السياسي الشيعي المتّزن حتى الآن تجاه الحرب بين إيران وإسرائيل، غير أن فصائل جديدة بدأت تدخل على خط التلويح بالتصعيد العسكري، إذ انضمّت حركة «عصائب أهل الحق»، بزعامة قيس الخزعلي، إلى دعوة كتائب «حزب الله» لإغلاق السفارة الأمريكية في بغداد، معلنة الدفاع عن «خامنئي» في حال قررت واشنطن المشاركة في الحرب.
الناطق العسكري للحركة، جواد الطليباوي، قال في بيان صحافي، «نحذر الإدارة الأمريكية من تبعات أي مشاركة عسكرية إلى جانب حليفها الإسرائيلي في استهداف إيران الإسلامية»، مبيناً أن «الحقائق قد انجلت ولم يعد هناك مجال للتراجع».
وأضاف: «نجدد إعلان البيعة والعهد الثابت لنائب الإمام المهدي أرواحنا فداه، ولي أمر المسلمين (المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي) وقائد المقاومة ضد الاستكبار العالمي. نقدم أرواحنا دفاعاً عن الإسلام وأهله ضد المعتدين الصهاينة».
كما حذّر الولايات المتحدة الأمريكية من «مغبَّة مشاركتها العدوان مع حليفها الصهيوني باستهداف إيران الإسلام»، مؤكداً «التمسك بنهج أمير المؤمنين والحسين، والسير نحو نصرة الحق وأهله حتى قيام دولة العدل الإلهي»، على حدّ قوله.
وكانت سفارة الولايات المتحدة في العراق قد حذّرت من جديد من تزايد احتمالية وقوع أعمال «عنف» أو «هجمات» تستهدف المواطنين الأمريكيين والأماكن المرتبطة بهم في البلاد.
وأكدت في بيان لها مساء أول أمس، أنها على «علم بزيادة احتمال وقوع أعمال عنف أو هجمات ضد الأعمال والمواقع التي يرتادها الأمريكيون».
وحث البيان جميع المواطنين الأمريكيين في العراق على «تجنب الأماكن التي يرتادها الأجانب وأي تجمعات أو حشود كبيرة».
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قررت الأربعاء الماضي، «تقليص» حجم بعثتها في العراق، بناءً على «أحدث تحليل» لديها.
وسط ذلك، قرر مجلس النواب عقد جلسة استثنائية، اليوم الثلاثاء، لمناقشة الحرب ضد إيران وانتهاك الأجواء العراقية.
وقالت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب في بيان صحافي، «تم تحديد يوم الثلاثاء المقبل (اليوم) موعدا لعقد جلسة مجلس النواب الاستثنائية في الساعة الواحدة بعد الظهر».
وأضافت أن «جدول أعمال الجلسة تضمن مناقشة العدوان الصهيوني على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وانتهاك السيادة العراقية».
يأتي ذلك فيما حذر رئيس البرلمان محمود المشهداني من «مؤامرة كبيرة»، داعياً إلى حضور قيادات الخط الأول لجلسة ائتلاف «إدارة الدولة» الحاكم والرئاسات الثلاث والخروج بمخرجات مهمة وتهيئة الرأي العام.
وخلال لقاء جمعه بمستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، بحث الجانبان الأوضاع الجارية في المنطقة، وجرى خلال الاجتماع بحث الاعتداءات الصهيونية على الجمهورية الإسلامية في إيران وانعكاساتها على الأمن القومي العراقي ومجمل اوضاع المنطقة والتبعات السياسية والأمنية والاقتصادية.
واستمع رئيس البرلمان، حسب بيان لمكتبه، إلى «شرح مفصل حول الأحداث الجارية وتعقيدات المشهد، وسبل تجنيب العراق انعكاسات التصعيد مع الحفاظ على موقفنا المبدئي بإدانة العدوان الصهيوني والوقوف إلى جانب الجارة إيران».
وأكد المشهداني على «عقد جلسة استثنائية بطلب من 50 عضواً»، مشيراً إلى ضرورة «حضور جميع النواب لتثبيت موقف جماعي ضد انتهاكات السيادة العراقية يمثل جميع الكتل».
ودعا الى «حضور جلسة ائتلاف إدارة الدولة والرئاسات الثلاث والخروج بمخرجات مهمة، وتهيئة الجو العام وحضور قيادات الخط الأول لها»، مشدداً على ضرورة «التعقل والحكمة للحفاظ على وحدة المجتمع، وأن وحدتنا في قوتنا، وأن المؤامرة كبيرة».
وحث المشهداني الهيئات الدولية مثل الامم المتحدة ومجلس الأمن على أن «تغادر حالة العجز والكيل بمكيالين وتضع حد للتجاوزات الصهيونية التي تثير حالة التوتر الدائم في المنطقة»، مشيداً بـ«جهود مستشار الأمن القومي العراقي وعمل مؤسسته»، ومؤكداً «دعم مجلس النواب لجميع الخطوات التي فيها مصلحة البلاد».
وأكد مستشار الأمن القومي ضرورة «الحفاظ على الاستقرار السياسي والمجتمعي والابتعاد عن المناكفات».