الوثيقة | مشاهدة الموضوع - الحرب السرية الإسرائيلية داخل إيران: هواتف ومسيّرات وعملاء وبنك أهداف جاهز
تغيير حجم الخط     

الحرب السرية الإسرائيلية داخل إيران: هواتف ومسيّرات وعملاء وبنك أهداف جاهز

القسم الاخباري

مشاركة » الخميس يونيو 19, 2025 10:47 am

3.jpg
 
لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرًا أعده ميهول سريفاستافا ونيري زيبلر وجون بول راثبون تحدثوا فيه عن الحرب السرية التي قامت بها إسرائيل داخل إيران. وجاء فيه أن مديرًا تنفيذيًا لشركة اتصالات إسرائيلية يعمل في أوروبا تلقى اتصالًا، العام الماضي، من صديق في تل أبيب، سأله: هل يمكنك المساعدة في تصميم هاتف يشبه أندرويد رخيص الثمن، لكنه قادر على نقل بيانات مشفرة تحاكي حركة نقل وسائل التواصل الاجتماعي؟

مسؤول إسرائيلي: عندما تعمل لسنوات طويلة، وتستثمر كل ما لديك؛ الاستخبارات البشرية، واستخبارات المصادر المفتوحة، والمال، ستحصل في النهاية على نتيجة كهذه

وفي الوقت نفسه تلقّى جندي احتياط يعمل في شركة ناشئة بمجال الصحة الإسرائيلية اتصالًا من الوحدة 9900، وهي وحدة صغيرة في الجيش الإسرائيلي تبحث عن معلومات في مجموعات بيانات ضخمة، وهل يمكنه تعديل خوارزمية عمل عليها أثناء خدمته العسكرية، بحيث يتمكن خادم مخصص من فحص صور الأقمار الصناعية لشاحنات الوقود، وفصل التي تحمل البنزين عن تلك التي تحمل وقود الصواريخ؟

ولم يُخبر أيٌّ منهما أن جهودهما ستلعب دورًا في الهجوم الأول الذي شنته إسرائيل، الأسبوع الماضي، على إيران. وقتل في الهجوم عدد من قادة المخابرات والعسكريين البارزين وعلماء معروفين في مجال الذرة. وتم تدمير معظم الدفاعات الجوية قبل أن تُطلق أي صاروخ يعترض الهجمات.
ومع أنه لن يُكشف عن الطريقة التي نظّمت بها إسرائيل العمليات العسكرية بالتعاون مع وحدة العمليات الخارجية (الموساد) وجهاز الاستخبارات العسكرية (أمان)، إلا أن المعلومات تَرشح شيئًا فشيئًا، وبعضها مقصود من أجل إحراج إيران، والآخر من أشخاص على معرفة بالتحضيرات، وطلبوا من الصحيفة عدم الكشف عن هويتهم.
ووصفوا جميعًا عملية متعددة الأبعاد تم الإعداد لها على مدى سنوات، واعتمدت على أي شيء تستطيع المخابرات الإسرائيلية الاستفادة منه: أقمار صناعية تجارية، وهواتف مخترقة، وعملاء سرّيون جُنِّدوا محليًا، ومستودعات سرية لتجميع الطائرات المسيرة، وحتى أنظمة أسلحة صغيرة أُلصقت في العربات العامة.

وقال هؤلاء إن الهدف كان إنشاء بنك أهداف كثيف من الأفراد للقضاء عليهم في الساعات الأولى من العملية العسكرية. ووصفها أحدهم بأنها النسخة الإسرائيلية من “الصدمة والرعب”، بينما قال آخر إنها تهدف إلى تبني “الجرأة”. ووصف مسؤول إسرائيلي سابق المشروع بأنه ثمرة “ملايين الدولارات وسنوات من الجهود” لمعالجة ما تعتبره إسرائيل تهديدًا وجوديًا. وأضاف: “عندما تعمل لسنوات طويلة، وتستثمر كل ما لديك- الاستخبارات البشرية، واستخبارات المصادر المفتوحة، والمال- ستحصل في النهاية على نتيجة” كهذه.

الصحيفة: الهدف كان إنشاء بنك أهداف كثيف من الأفراد للقضاء عليهم في الساعات الأولى من العملية. إنها النسخة الإسرائيلية من “الصدمة والرعب”

ففي الفترة التي سبقت الهجوم، حدد جهاز “أمان” ما يسمى مراكز الثقل للتركيز عليها، مثل مراكز القوة النارية والبرنامج النووي.
وقام بمقارنة آلاف المصادر الاستخباراتية، وبحلول آذار/مارس من هذا العام، بدأ بملء بنك المعلومات المستهدف. وفي إشارة إلى كيفية تتبع الأهداف، تم استشارة فريق فني، في تشرين الأول/أكتوبر، حول كيفية مراقبة زعيم “حزب الله”، حسن نصر الله، والذي اغتيل قبل أيام من الاستشارة. فقد حدد نظام الرقابة الآلي، وبدقة شديدة، مكانه مرة واحدة كل 24 ساعة.
وتقول الصحيفة إن العملية الإسرائيلية ضد إيران لم تحقق أهدافها النهائية من تدمير القدرات النووية والباليستية وإضعاف الجمهورية الإسلامية بعد، لكن ساعاتها الأولى، الأسبوع الماضي، أبرزت قائمة الأهداف الطموحة والشاملة التي يحققها عملاء الاستخبارات الإسرائيلية باستمرار.
فقد ركزت الضربات الأولى على أربعة أنواع من الأهداف: وهي المسؤولون العسكريون الكبار في سلم القيادة، والدفاعات الجوية حول المواقع الإستراتيجية، وأجزاء من المنشآت النووية، ومواقع إطلاق الصواريخ الباليستية في غرب إيران، ونُظر إليها على أنها تهديد.
وبهذه الطريقة حاولت إسرائيل الاستفادة من عنصر المفاجأة.

وقالت ميري إيسين، مسؤولة الاستخبارات الإسرائيلية السابقة: “كان الهجوم الأولي، الضربة الافتتاحية، بداية للحملة، ولكننا لم ننتهِ بعد”، مضيفة: “أن تكون قادرًا على استهداف 15 شخصية مختلفة في نفس الوقت، هذا ليس سهلًا. ولأنك أخرجت كل صانعي القرارات فإنك تؤخر الرد وتشتري الوقت”.

وتعلّق الصحيفة أن الضربة الإسرائيلية أحدثت نوعًا من الذعر داخل المؤسسة الأمنية الإيرانية، والتي أُحرجت دائمًا بسبب اختراقات الموساد التي استهدفت بنايتها خارج تل أبيب، والصواريخ الإيرانية أكثر من مرة. وقد حث قائد بارز في “الحرس الثوري الإيراني” السكان على التأكد من عدم وجود مسيرات صغيرة جدًا، قال إن جماعات معارضة هرّبتها إلى المدن الكبرى في إيران. كما حث قائد الشرطة أحمد رضا رادان “جواسيس إسرائيل” على تسليم أنفسهم والحصول على العفو. وحذرت وكالة أنباء فارس، المرتبطة بـ “الحرس الثوري”، من استخدام الهواتف التي لا تُستخدم للرقابة ولكن للاغتيال. وقال النائب حامد رئيسي: “القرار الأهم هو هذا: يجب وضع كل الهواتف المحمولة التي تعود للقادة البارزين وعلماء الذرة، وحتى عائلاتهم، جانبًا”. ولكن التحذيرات هذه لن تُحدث فرقًا في الوقت الحالي، حسب أشخاص على معرفة بالعملية الإسرائيلية.
ورفض المدير التنفيذي لشركة الاتصالات الحديث عما إن تم استخدام برمجيته في إيران، ولكنه تفاخر أن الكثيرين حول العالم يستخدمونها.

وتعلّق الصحيفة أن إسرائيل تقوم الآن بمتابعة تدمير ما تبقى من الدفاعات الجوية، وحققت التفوق في المجال الجوي الإيراني. وخسرت حوالي 900 طائرة مسيّرة للتجسس من نوع “هيرميس”، مع أنها لم تخسر أياً من قدراتها العسكرية. ولدى القوات الجوية الإسرائيلية الحرية المطلقة لضرب أي مكان في إيران.
وبالمقارنة، تعتبر عمليات الاستخبارات الإيرانية داخل إسرائيل ضئيلة، فقد اعتُقل عدد من المواطنين الإسرائيليين وحوكموا بتهمة جمع معلومات لصالح إيران، في حين يبدو أن قراصنة إيرانيين اخترقوا هاتف أحد أفراد عائلة ديفيد برنياع، رئيس الموساد، في السنوات الأخيرة، وتبنت إيران مسؤولية الاختراق علنًا. كما اعتقلت فرقُ مكافحة التجسس عددًا من الأشخاص واتهمتهم بالعمل لصالح إسرائيل، وأعدمت أحدهم قبل فترة. لكن لم يُكشف عن اعتقال أي إسرائيلي، ما يشير إلى عمليات تجنيد واسعة النطاق، إما لعملاء محليين، إما عن غير قصد أو مقابل المال، أو لأشخاص معارضين للنظام في طهران.

مسؤولة استخباراتية سابقة: أن تكون قادرًا على استهداف 15 شخصية مختلفة في نفس الوقت، هذا ليس سهلًا. ولأنك أخرجت كل صانعي القرارات فإنك تؤخر الرد

وفي المقابل، نفذ الموساد عمليات اغتيال متعددة لعلماء نوويين إيرانيين، منها عملية نُفذت عام 2020 على ما يبدو باستخدام مدفع رشاش يعمل عن بُعد، تم تثبيته على شاحنة دُمرت ذاتيًا. كما سرق الموساد آلاف الوثائق من الأرشيف النووي الإيراني ليعرضها نتنياهو على الهواء مباشرة، واغتال قياديًا بارزًا في “حماس” في دار ضيافة حكومية إيرانية، العام الماضي، أثناء زيارته لحضور حفل تنصيب الرئيس مسعود بزشكيان. وما زاد في الهالة حول نجاح الموساد، أنه نشر لقطات قال إنها تُظهر قواته الخاصة تعمل داخل إيران، حيث أطلقوا طائرات هجومية مسيرة وصواريخ موجهة دمّرت الدفاعات الجوية والصواريخ الإيرانية.
وعلّق مسؤول دفاعي أمريكي سابق قائلًا: “من منظور استخباراتي، تُعتبر [الحملة بأكملها] إنجازًا مذهلًا لم نشهده في الحروب الحديثة، سيطرة استخباراتية كاملة واختراق، على نطاق غير مسبوق في الذاكرة الحديثة”. وأضاف: “لا أستطيع تذكر نزاع قام فيه طرف بفهم الخطط الطارئة لعدوه وحركة قيادته”.
وتقول الصحيفة إن إسرائيل، ضد “حزب الله”، في حملة مفاجئة مماثلة العام الماضي، والآن في الأيام الأولى من الصراع الشامل مع إيران، يتناقض مع فشلها في التنبؤ أو منع هجوم “حماس” في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وأوضحت إيسين أن إنجازاتها الأخيرة أظهرت قدرات وحدات الاستخبارات والجيش الإسرائيلية عندما كانت موجهة ومجهزة جيدًا بالموارد. وقالت إن إيران كانت على رأس أولويات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقادة الاستخبارات بشكل عام: “أنتم تستثمرون قدرات مجتمعكم الأمني والاستخباراتي بأكمله في اكتشاف هذه المعلومات ثم التصرف بناءً عليها”، لكنها أضافت: “هذا يجعلني أشعر بالقلق إزاء الغطرسة التي تأتي مع هذا النوع من النجاح”.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار