الناصرة- “القدس العربي”: بعدما هبط غبار الحرب الإسرائيلية على إيران، يتضح أن صورة الأضرار التي لحقت بإسرائيل جراء الصواريخ الباليستية أكبر وأكثر دقة مما كُشف عنه، ومع ذلك ما زالت غير مكتملة. هذا ما يؤكده تقرير جديد للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، الذي يشير إلى عدة مستندات وقرائن، منها ما كشف عنه المحلل السياسي والمحقق الصحافي في القناة 13 العبرية رفيف دروكر، إذ قال إن هناك الكثير من الإصابات التي طاولت مواقع إستراتيجية حساسة “والتي لا نتحدّث عنها حتى اليوم، وهناك سبب لهذا يفهمه كل واحد من المشاهدين في البيت”، كما نوّه، مضيفاً أن “هناك مواقع أخرى لا نعرف عنها”.
ووصفت صحيفة “هآرتس” كيف أن “الجميع شعر بوقع موجات الصدمة والأضرار التي تسبّبت بها الصواريخ الإيرانية الثقيلة في كل مكان سقطت فيه”، وتابعت: “لقد امتد الضرر على مدى مئات الأمتار، وأُصيبت مئات، بل آلاف، الشقق، بعضها تضرر بشدة مع انهيار جدران وحواجز من الجبس، وأخرى تضررت بشكل طفيف، فقط نوافذ، أطر أبواب، وأغراض منزلية”.
وفقاً للصحيفة، تحاول معظم البلديات هدم المباني المتضررة بأسرع ما يمكن، أحياناً خلال أيام معدودة، أولاً بسبب الخطر الكامن في المبنى المتضرر، وثانياً بسبب الرغبة في إزالة الندبة المؤلمة من قلب حيّ سكني.
وطبقاً لـ”مدار”، يقدّم تقرير “هآرتس” صورة مفصلة لحجم الأضرار كما يلي:
في تل أبيب، تضرر نحو 480 مبنى، 20 منها تضررت بشكل بالغ، وذلك في خمس نقاط سقوط.
في رمات غان، 237 مبنى في ثلاثة مواقع، عشرة منها تضررت بشدة.
في بات يام، تضرر 78 مبنى في ضربة مباشرة واحدة، 22 منها ستُهدم بالكامل.
مدينة ريشون لتسيون: تضرر 200 مبنى، 10 منها تضررت بشدة.
في مدينة رحوفوت: نحو 135 مبنى تضررت، منها 20 تضرروا بشدة.
في مدينة طمرة قضاء عكا: تضررت خمسة مبانٍ بشدة، و70 بدرجة متوسطة أو طفيفة.
مدينة حولون: تضررت خمسة مبانٍ بشدة، و70 بدرجة متوسطة أو طفيفة.
وفي مدينة حيفا: تضررت أربعة مبانٍ بشدة، و60 بدرجة متوسطة أو طفيفة.
في هذا المضمار، يقول تقرير في صحيفة “دفار” إن أحجام الأضرار في الممتلكات جراء الحرب مع إيران ما زالت تتكشف، وقد تم في سلطة ضريبة الممتلكات، المسؤولة عن إقرار حجم الأضرار والتعويضات مقابلها، فتح نحو 33 ألف ملف بسبب أضرار لحقت بالمباني، إلى جانب 4,450 ملفاً بسبب أضرار لحقت بالمحتويات والمعدات، و4,119 ملفاً بسبب أضرار لحقت بالسيارات. وتقدّر السلطة أن هناك آلاف المباني الأخرى المتضررة لم تُقدَّم بشأنها مطالبات بعد.
تطرّقت الصحيفة، في تقرير آخر، إلى الأضرار التي لحقت بالعديد من المصالح التجارية، مشيرة إلى أنه حتى المصالح الصغيرة، التي تعتمد بشكل خاص على الدورة التجارية، قد تتضرر بشدة من حالة التوقف، خاصة أنها تأتي بعد سنوات مليئة بالتقلّبات منذ فترة جائحة كورونا.
خطورة الأضرار
ولكن من حيث خطورة الأضرار وتكاليفها، تتابع، فإن الأسبوع ونصف الأسبوع من الحرب يتجاوزان بكثير الحروب السابقة من حيث الأثر. ووفقاً لمعطيات عرضتها سلطة الضرائب في لجنة المالية البرلمانية، فإنه حتى الحرب ضد إيران، كان هناك مبنى واحد فقط مخصص للهدم، ودُفع من صندوق التعويضات مبلغ 2.5 مليار شيكل. ومنذ ذلك الحين، أُضيف 25 مبنى مخصصاً للهدم، وهناك تقدير أولي لتعويضات بقيمة 5 مليارات شيكل، يُتوقع أن ترتفع لاحقاً.
تطرق عدد من التقارير إلى المصاعب التي يواجهها من تضررت بيوتهم، وهو ما لن يتوقف مع وقف الحرب. وكما وصف ذلك موقع “واينت”: رغم إعلان دولة إسرائيل عن “العودة إلى الحياة الطبيعية” بعد دخول وقف إطلاق النار مع إيران حيّز التنفيذ، إلا أن عشرات آلاف الإسرائيليين يُجبرون مجدداً على التأقلم مع نمط حياة جديد؛ حياة بلا مأوى. فقد تدمّر أكثر من 30 ألف منزل، وقريباً جداً سيضطر معظم المُهجّرين، الذين انهارت منازلهم جراء وابل الصواريخ، إلى مغادرة الفنادق التي أُجلوا إليها والانتقال إلى سكن بديل، إلى أن يُعاد بناء بيوتهم أو على الأقل ترميمها وإصلاحها.
الحصانة المعنوية
وفي هذا السياق، قام مراقب الدولة ومفوض شكاوى الجمهور بمتابعة الأضرار، وفحص استجابة المؤسسات ذات الصلة للتعاطي مع الأضرار. وجاء في بيان لمكتب المراقب أنه قام بجولة مع كبار موظفي مكتبه في المواقع التي تضررت جراء الصواريخ في بيتاح تكفا وهرتسليا. والتقى المراقب وفريقه بأشخاص تم إجلاؤهم ويقيمون في فندق في هرتسليا، بهدف فحص طريقة تعامل الحكومة عن قرب مع السكان الذين تم إجلاؤهم والمواقع التي تضررت.
وفي رسالة إلى الوزارات الحكومية، تطرّق المراقب، خلال الجولة، إلى “المعاملة الخاصة التي يجب أن توليها السلطات لكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة”، وكشف أنه أنجز مؤخراً تقريراً في هذا الشأن.
وقال: “إن الأضرار التي شاهدناها خلال الزيارة تُبرز حجم الخطر الكبير، خصوصاً على كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، في ظل الفجوات القائمة في وسائل الحماية. في الأيام الأخيرة، أنجزنا تقريراً حول دروس عملية “السيوف الحديدية” في ما يتعلق بإجلاء كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة. يجب على وزارة الرفاه أن ترافق وتساعد في تقديم حلول مناسبة لهذه الفئات. فمن بين القتلى والمصابين هناك كبار سن وأشخاص ذوو إعاقة. ويجب علينا أن نوليهم اهتماماً خاصاً. سنتابع عن كثب كيفية التعامل مع هذه الفئات تحديداً”.
يُشار إلى أن السلطات الإسرائيلية عملت على منع نشر نتائج الصواريخ الإيرانية المتساقطة ونتائجها على الأرض، لاعتبارات عسكرية أمنية عملياتية تحول دون استفادة إيران من المعطيات والصورة المنشورة من ناحية تصويب بقية الضربات الصاروخية. كما أن السلطات الإسرائيلية رغبت بحجب الحقائق عن الإسرائيليين من هذه الناحية، لحماية الحصانة المعنوية، خاصة أن كل صاروخ إيراني سقط أحدث حالة من الهلع الحقيقي.