بغداد / تميم الحسن
تشير تقديرات سياسية إلى احتمال حدوث “انقلاب” في معادلة الحكم المقبلة في العراق بسبب المتغيرات الأخيرة في المنطقة.
وما زال أمام الانتخابات التشريعية أربعة أشهر، فيما يُرجَّح تجدد المواجهات مع إيران وتراجع “الفصائل”.
وبدأ مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، بعد أيام من خطاب مماثل لمرجعية النجف، الحديث عن “إصلاح سياسي” وحلّ “الميليشيات”.
وتستعد الفصائل المسلحة لدخول الانتخابات ضمن عدة تحالفات، من بينها تحالف (الإعمار والتنمية) الذي يقوده رئيس الحكومة محمد شياع السوداني.
كذلك توزعت “الفصائل” في قوائم أخرى، أبرزها قائمة شبل الزيدي، زعيم “كتائب الإمام علي”، تحت اسم (تحالف خدمات).
ويحظر قانون الانتخابات على الأحزاب السياسية التي تمتلك أجنحة عسكرية المشاركة في الانتخابات.
السلاح والمال
ويرى أثيل النجيفي، القيادي في حزب متحدون، والذي تخوض عائلته الانتخابات في الموصل، أن “الهيمنة الإيرانية ستتراجع في الانتخابات المقبلة”.
وقال النجيفي: إن النفوذ الإيراني تزعزع، والبرلمان القادم سيشهد تحالفات جديدة بعيدة عن الجناح الإيراني.
وكانت “الفصائل” قد حصلت في الانتخابات التشريعية الأخيرة (2021) على نحو 50 مقعدًا، أي نحو ثلث مقاعد الشيعة (أكثر من 180 مقعدًا)، بعد توزيع مقاعد النواب الصدريين المستقيلين.
ولا ينكر النجيفي، وهو محافظ أسبق لنينوى، استمرار تأثير تلك الجماعات في الانتخابات، لكنه يقول “إن التأثير تحوّل من السلاح إلى المال”.
وكان حيدر العبادي، القيادي في “الإطار التنسيقي”، قد أعلن أنه لن يشارك في الانتخابات بسبب “هيمنة المال السياسي”.
وتسربت معلومات مؤخرًا عن أن تعطل رواتب الحشد الشعبي لعدة أيام كان بسبب شكوك باستخدام “أموال فضائيين” في الهيأة خلال الانتخابات، فضلًا عن تهريبها إلى الخارج.
ويُتوقع أن يشارك نحو 8 آلاف مرشح في الانتخابات التي يُفترض أن تُجرى في تشرين الثاني المقبل، بحسب تقديرات المفوضية.
شعبية الفصائل
ويعتقد أحمد الياسري، وهو باحث في الشأن السياسي، أن “شعبية الفصائل تبدو أنها تراجعت” في الانتخابات المقبلة، التي توصف بـ “المفصلية” بعد الحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل.
ويقول الياسري، إن طهران قد تؤيد فكرة “حلّ الفصائل” مقابل استمرار المشروع السياسي لتلك الجماعات في العراق من خلال دخولها إلى البرلمان.
وزادت القوى الشيعية في العام الأخير جرعة الحديث عن “مصير الفصائل” لأول مرة منذ عام 2014.
وكشف عمار الحكيم، نهاية 2024، عن معلومات تفيد باحتمال معاقبة الولايات المتحدة لجماعات مسلحة في العراق قريبة من الإطار التنسيقي الشيعي.
وكان كلام الحكيم، وهو زعيم تيار الحكمة، أحد أبرز تشكيلات “الإطار”، قد جاء بعد أيام من تصريح مفاجئ لمستشار في الحكومة، تحدث فيه عن مطالب أمريكية بحلّ الحشد.
ونفى السوداني، رئيس الحكومة، بعد ذلك تلك الأخبار، وأعلن عوضًا عن ذلك عن إطلاق تفاهمات سياسية مع أربع أو خمس فصائل لنزع سلاحها على حدّ قوله.
وبلغ الحديث عن تلك الجماعات ذروته في التصريحات القريبة من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، والمرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني.
الجانبان تحدثا عن ضرورة إجراء إصلاحات سياسية تتعلق بـ (مكافحة الفساد وحلّ الميليشيات)، وهي العبارة التي استخدمها الصدر في آخر تأكيد له عن “مقاطعة الانتخابات بسبب الفساد والسلاح”.
ومقابل ذلك كان رد بعض الفصائل المسلحة شديد اللهجة على دعوات “تسليم السلاح”.
وقال أبو علي العسكري، القيادي في “كتائب حزب الله”، موجهًا كلامه إلى “أشباه الرجال” حسب تعبيره، إن سلاح المقاومة في العراق لا يُسلّم إلا بيد “الإمام المهدي”.
إجراءات استباقية!
وتفسر بعض القراءات خطاب الصدر والمرجعية بشأن قضية السلاح بأنها إشارات لاحتمال تطور الأحداث في المنطقة، خصوصًا الحرب مع إيران التي قد تُستأنف مجددًا، والخوف من تورط العراق.
وكانت مسيرات مجهولة قد هاجمت خلال الأسبوعين الأخيرين (منذ ليلة وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل) مواقع عسكرية ومنشآت حيوية وُصفت بأنها قدمت خدمات لإسرائيل خلال حرب الأيام الـ 12 الأخيرة، بحسب مقربين من الفصائل.
واعتبر زعيم التيار الصدري، في خطابه الأخير بمناسبة عاشوراء قبل أيام، أن ما آلت إليه الأوضاع في البلاد “سببُه الرئيس هو زجّ العراق وشعبه في محارق لا ناقة له بها ولا جمل”.
وكان النائب السابق مثال الآلوسي، قد رجّح في حديث سابق أن تعود الحرب بين إيران وإسرائيل مرة أخرى، خصوصًا وأن “طهران ما زالت تحاول إثارة الفتنة والحروب في المنطقة” على حد قوله.
وكشف الآلوسي عن رسائل عراقية أُرسلت إلى الإدارة الأمريكية، لأول مرة بعد حرب “الـ12 يومًا”، طالبت فيها قوى شيعية من واشنطن “نصائح للتخلص من الهيمنة الإيرانية”.
وفي مقابلة مع قناة بي بي سي الأسبوع الماضي، قال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إن العراق لا يزال يشعر بالقلق إزاء هشاشة وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران.