هاجت نيران الغضب في غرب أربيل بعد أن اشتبكت قوات البيشمركة مع أبناء عشيرة الهركي، في صراعٍ خرج من حدود الماء إلى نار الرصاص، وتحوّل من نزاع على مجرى نهر إلى صرخة ضد ما وصفه الأهالي بـ”الهيمنة العائلية” التي تفرضها سلطات الإقليم على العشائر الكردية المعارضة.

وتفجّرت الأوضاع الأمنية في قضاء خَبات، حين حاولت قوة أمنية اعتقال خورشيد الهركي، وهو أحد وجهاء العشيرة، على خلفية ما قيل إنه “نزاع عقاري”، لكنّ شهوداً من أبناء المنطقة نقلوا عبر منصات التواصل أن السبب الحقيقي يعود إلى خلافات قديمة متجذرة بين العائلة البارزانية الحاكمة وبعض العشائر الكردية الرافضة للنفوذ المطلق.

وأكّدت مصادر محلية احتراق عدة آليات عسكرية وسقوط قتلى وجرحى في صفوف الطرفين، فيما سُمع دوي إطلاق نار كثيف تواصل حتى ساعات الفجر الأولى، في مشهد يعيد إلى الأذهان اشتباكات التسعينات بين فصائل كردية كانت تتنازع السلطة والمال والموارد.

وأطلق خورشيد الهركي تهديدات غير مسبوقة، متوعداً بقصف منشآت نفطية حيوية مثل مصافي كركوك ولاناز ما لم تنسحب قوات البيشمركة من محيط مناطق الهركي، ما أثار القلق من تصعيد يطال البنية التحتية النفطية ويقلب موازين الأمن والاقتصاد في الإقليم.

وهاجم المقرب من بارزاني، صبحي المندلاوي، العشيرة علناً واصفاً أبناءها بـ”الجحوش”، وهو وصف تاريخي يستخدم في كردستان للإشارة إلى المتعاونين مع النظام العراقي السابق، مما زاد من اشتعال غضب الأهالي واعتبره البعض إهانة تستهدف شريحة واسعة من المجتمع الكردي.

وغزت وسم #الهركي_يقاوم منصّة X في العراق خلال الساعات الأخيرة، مرفقاً بمقاطع فيديو تُظهر شباناً من العشيرة يرفعون السلاح ويردّدون هتافات ضد “الديكتاتورية الحزبية”، ما حوّل النزاع إلى ما يشبه الشرارة الأولى لتمرّد كردي داخلي ضد منظومة الحكم الموروثة.

واستعادت أصوات من داخل الإقليم لحظة مماثلة حين تمرّدت بعض عشائر سوران عام 2001 على سلطات الحزب الديمقراطي الكردستاني، لكنها قُمعت بقبضة من حديد، وهو ما يخشى مراقبون تكراره الآن وسط صمت حكومة بغداد وانشغالها بأزمات المركز.

وكتب ناشط كردي بارز في حسابه على X قائلاً: “عندما تُهين العشائر وتُجرّ إلى السجون بتهم واهية، لا تتوقعوا إلا الدم”، في إشارة إلى ما اعتبره محاولة لتفريغ كردستان من أصواتها المستقلة المناهضة للفساد والاحتكار السياسي.