دمشق-(أ ف ب) – انتشرت القوات الحكومية السورية الثلاثاء في مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية في جنوب سوريا، في خطوة واضحة من السلطة لبسط نفوذها في هذه المدينة التي كانت حتى الآن تحت سيطرة مقاتلين محليين.
لماذا اتخذت السلطات هذا القرار؟ وما هي تبعاته؟
كيف بدأت الأحداث؟
اندلعت مواجهات الأحد بين مقاتلين دروز ومسلحين من عشائر البدو المحلية، أسفرت عن أكثر من مئة قتيل.
دفعت تلك الاشتباكات السلطات إلى إرسال تعزيزات إلى المنطقة بهدف عودة الهدوء إليها كما قالت، وفضّ الاشتباكات.
لكن شهود عيان وفصائل درزية والمرصد السوري لحقوق الإنسان قالوا إن القوات الحكومية مدعومة بمقاتلين آخرين من بينهم مسلحون من البدو، سيطرت الاثنين على عدة قرى كانت بيد الدروز على مشارف مدينة السويداء.
وأعلنت وزارة الدفاع الثلاثاء عن وقف إطلاق نار في المنطقة بعد اتصالات بين السلطات ووجهاء في السويداء، أتبعها إعلان دخول القوات الحكومية إلى المدينة. وكانت المدينة التي يقطنها 150 ألف نسمة، حتى الآن، بإدارة فصائل درزية محلية تتولى الأمن فيها. ودعت هيئات روحية درزية في بيانات المقاتلين إلى تسليم سلاحهم وعدم مواجهة القوات الحكومية. لكن شيخ العقل البارز حكمت الهجري عاد ودعا في بيان مصوّر إلى «التصدي لهذه الحملة البربرية بكل الوسائل المتاحة»، موضحا «رغم قبولنا بهذا البيان المذل من اجل سلامة اهلنا واولادنا، قاموا بنكث العهد والوعد واستمر القصف العشوائي للمدنيين العزل». وأفاد سكان بالمدينة عن العديد من الانتهاكات التي حصلت منذ دخول القوات الحكومية والقوات المرافقة لها إلى المدينة، من إعدامات وعمليات نهب وحرق منازل.
ما مستقبل الفصائل الدرزية؟
بعد وصولها إلى الحكم في كانون الأول/ديسمبر، أمرت السلطات الانتقالية بحلّ جميع الفصائل المسلحة، وتسليم سلاحها، ودمجها بقوات وزارة الدفاع. خلال النزاع الذي اندلع في العام 2011 بعد قمع حكم بشار الأسد للاحتجاجات السلمية التي اندلعت ضدّه، شكّل الدروز مجموعات مسلّحة وحاولوا حماية معقلهم في السويداء بعيدا من ساحات القتال، أبرزها «حركة رجال الكرامة» و»كتيبة الجبل». وإثر إطاحة الاسد الذي قدّم نفسه حاميا للأقليات في سوريا، أعرب الدروز عن استعدادهم لتشكيل أجهزة عسكرية وأمنية من أبناء السويداء تتولى الأمن في المدينة بإشراف السلطات.
وأشار الناطق باسم رجال الكرامة باسم فخر لفرانس برس إلى أن «هناك تفاهمات توصلنا اليها مع وزارة الدفاع منذ اشهر تقضي بتشكيل جسم عسكري وأمني من أبناء السويداء، والتأخير يحصل من جانب الدولة».
وتابع «نحن مع الدولة ولكنها هي من كان يماطل لتطبيق هذا الاتفاق».
في المقابل، يتفاوض الأكراد الذين يسيطرون على مساحات واسعة في شمال البلاد وشرقها، مع السلطات بشأن دمج قوات سوريا الديموقراطية، ذراعهم العسكرية، ضمن القوات الحكومية.
ويقدّر تعداد الدروز في سوريا بنحو 700 ألف شخص يعيش معظمهم في جنوب البلاد حيث تعد محافظة السويداء معقلهم. كما أنهم موجودون في مدينتي جرمانا وصحنايا قرب دمشق، ولهم حضور محدود في إدلب، في شمال غرب البلاد.
- لماذا تدخلت اسرائيل؟
تُقدّر أعداد الدروز في منطقة الشرق الأوسط بأكثر من مليون، تتركّز غالبيتهم في مناطق جبلية في لبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية والأردن.
ومنذ سقوط بشار الأسد، كثّفت إسرائيل، عبر شخصيات درزية تقيم على أراضيها، مبادرات الانفتاح تجاه الدروز السوريين.
فقد أرسلت اليهم مساعدات إنسانية، وسمحت لوفود من رجال الدين الدروز بزيارة إسرائيل لأداء زيارات دينية، رغم حالة الحرب القائمة بين البلدين.
وفي نيسان/ابريل، أعربت اسرائيل عن استعدادها للدفاع عن الدروز بعد الاشتباكات التي اندلعت في ضواحي دمشق بين فصائل درزية والقوات الحكومية. لكن وجهاء دروزا أعربوا عن رفضهم للتصريحات الاسرائيلية وأكدوا دفاعهم عن وحدة سوريا.
وقصفت اسرائيل منذ الاثنين مواقع عدة للقوات السورية في السويداء.
وقال وزير الدفاع الاسرائيلي يسرائيل كاتس عبر حسابه على منصة إكس «الضربات الإسرائيلية كانت رسالة وتحذيرا واضحا للنظام السوري، لن نسمح بالإساءة للدروز في سوريا، إسرائيل لن تقف مكتوفة اليدين».
وفي بيان مشترك، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس «نحن نتحرك لمنع النظام السوري من إيذائهم (أي الدروز)، ولضمان نزع السلاح من المنطقة المحاذية لحدودنا مع سوريا».