الوثيقة | مشاهدة الموضوع - سوريا: احتدام المعارك وسط تعقيدات محلية وإقليمية ودولية
تغيير حجم الخط     

سوريا: احتدام المعارك وسط تعقيدات محلية وإقليمية ودولية

القسم الاخباري

مشاركة » الأحد يوليو 20, 2025 2:23 am

5.jpg
 
دمشق ـ «القدس العربي»: بينما كانت ألسنة اللهب التي التهمت غابات الساحل على مدار أكثر من عشرة أيام تكاد تخبو بعد جهود استنفر لها السوريون من كل حد وصوب، وبمساندة إقليمية وأوروبية، اشتعلت النيران باشتباكات مسلحة هذه المرة، في محافظة السويداء جنوب البلاد، وراح ضحيتها، حسب إحصائيات غير رسمية، المئات من القتلى بين صفوف المدنيين والمتحاربين، على خلفية أحداث خطف متبادل.
واندلعت الاشتباكات الأخيرة في السويداء، الأحد الماضي، بسبب توترات متراكمة، تفاقمت بعد حادثة سلب وخطْف متبادل بين مجموعات مسلحة من الدروز والبدو، وبدأت المأساة الجديدة بعد ما تعرض سائق درزي، السبت، وهو عائد من العاصمة، لعملية سلب على طريق دمشق- السويداء، ما أدى إلى احتجاز مجموعة من الدروز من قبل البدو كرهائن، وردّ الدروز باحتجاز مجموعة أخرى من البدو، فأسفرت المواجهات المتفاقمة عن وقوع عدد من القتلى من الطرفين.
مع احتدام المعارك، تدخلت القوات التابعة لوزارتي الداخلية والدفاع، الإثنين، لإنهاء حالة الفلتان وانتشار السلاح في السويداء، لكن إسرائيل دخلت على الخط بقوة وقصفت السلاح الثقيل لوزارة الدفاع السورية، ثم قصفت مقر رئاسة الأركان في العاصمة مساء الأربعاء، لتعلن دمشق التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء، وسط اتهامات متبادلة إن بممارسة عمليات تصفية وقتل بين صفوف المدنيين، أو بـ«الخيانة» وفتح الباب أمام التدخل الإسرائيلي بالشأن الداخلي السوري.
التطورات الدراماتيكية دفعت برئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع فجر الخميس ليعلن أن الدولة اختارت «فسح المجال لوجهاء ومشايخ الدروز للعودة إلى رشدهم، وتغليب المصلحة الوطنية على من يريد تشويه سمعة أهل الجبل الكرام»، وذلك تتويجا لوساطة أمريكية وعربية وتركية أنقذت المنطقة من مصير مجهول، وبعد أن استخدم لأول مرة في خطاباته عبارة «الكيان»، اتهم إسرائيل بـ«خلق الفتن»، وبأن هذا الكيان «يسعى إلى تحويل أرضنا إلى ساحة فوضى غير منتهية».
مدير القوى التنفيذية في جنوب سوريا، بلال أبو نبوت، كشف حينها، في تصريح خاص لـ«القدس العربي» عن استنفار قوات الأمن التابعة له، وتوجيهها نحو الحدود الإدارية بين محافظتي درعا والسويداء، بهدف فض الاشتباك والسيطرة على حالة التوتر التي اندلعت مؤخرا بين عشائر البدو والدروز في المنطقة، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار المساعي لاحتواء التصعيد ومنع تفاقم الأوضاع الأمنية، وسط مخاوف من اتساع رقعة التوتر في الجنوب السوري.
ومع بدء نشر قوات الأمن السورية في اليوم التالي للسيطرة على الاشتباكات، زادت حدة الاشتباكات.
وفي أعقاب إعلان وزارة الداخلية السورية عن عملية أمنية بالمحافظة ودخول قواتها لنزع سلاح «مجموعات خارجة عن القانون»، سيطرت القوات الحكومية السورية معززة بدبابات وآليات ومئات المقاتلين، على مجموعة من القرى وواصلت تقدمها نحو مدينة السويداء.
ومع تطور الأحداث الإثنين، أعلن، حكمت الهجري، وهو واحد من ثلاثة شيوخ عقل لدى طائفة الموحدين الدروز في سوريا، إنه لن يسمح بدخول قوات الجيش والأمن السوريين إلى محافظة السويداء، وقال في بيان على حسابه في فيسبوك: «نطالب بحماية دولية وبشكل فوري وسريع نظراً لخطورة الوضع وحقناً لدماء أهلنا وأبنائنا»، وفق تعبيره.

إسرائيل تقصف وتحذر

مطالب الهجري وجدت آذاناً صاغية في إسرائيل، وقالت هيئة البث العبرية الرسمية إن «الجيش الإسرائيلي هاجم عدة دبابات في منطقة قرية سميع في جنوب سوريا، على خلفية أعمال شغب بين السوريين، البدو والدروز».
وأكد وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن الضربات التي نفذها الجيش في جنوب سوريا «تحذير واضح للنظام السوري» لعدم استهداف الدروز.
تحذيرات وزير الحرب الإسرائيلي لم توقف تقدم الجيش السوري، وقالت وزارة الدفاع السورية في بيان الثلاثاء، إن «قوات الجيش العربي السوري تبدأ دخول مدينة السويداء»، وأوصت الأهالي «التزام المنازل»، وقالت إن «المجموعات الخارجة عن القانون تحاول الهروب من المواجهة عبر الانسحاب إلى وسط مدينة السويداء».

الهجري يرحب ثم ينقلب

وفي موقف لافت، رحب الهجري بدخول القوات الحكومية ودعا الفصائل المسلحة في السويداء إلى التعاون «وعدم مقاومة دخولها، وتسليم سلاحها» لوزارة الداخلية، وقال في بيان صباح الثلاثاء: «ندعو إلى فتح حوار مع الحكومة السورية لعلاج تداعيات الأحداث، وتفعيل مؤسسات الدولة بالتعاون مع أبناء المحافظة».
التحرك الرسمي السوري، قوبل بقصف من الطيران الإسرائيلي استهدف مدينة السويداء، وسرعان ما قام الهجري بسحب بيانه السابق، وخرج ببيان مصور قال فيه: «بعد مفاوضات عديدة مع دمشق لم تفضِ إلى صدق في التعامل، تم فرض البيان الذي أصدرناه منذ قليل بتفاصيله الكاملة من دمشق، وبضغط من دول خارجية، من أجل حقن دماء أبنائنا»، وأضاف: «رغم قبولنا بهذا البيان المذلّ من أجل سلامة أهلنا وأولادنا، قاموا بنكث العهد والوعد، واستمر القصف العشوائي للمدنيين العزّل».
وواصل الطيران الإسرائيلي شن غاراته على القوات السورية في السويداء، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس إنهما أمرا الجيش الإسرائيلي بضرب «قوات النظام» والأسلحة التي تنقل إلى السويداء لاستخدامها ضد الدروز، وشددا على أن «إسرائيل ملتزمة بمنع تعرض الدروز في سوريا للأذى».

وقف إطلاق النار

وقبل غروب شمس يوم الثلاثاء أعلن وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة وقف إطلاق النار في السويداء، وفي بيان نقلته وكالة الأنباء السورية «سانا» قال: «نعلن عن وقف تام لإطلاق النار بعد الاتفاق مع وجهاء وأعيان المدينة»، موضحاً أنه «سيتم الرد فقط على مصادر النيران والتعامل مع أي استهداف من قبل المجموعات الخارجة عن القانون».
وفي السياق ذاته، حذرت وزارة الداخلية السورية «من ارتكاب أي تجاوزات أو تعديات على الممتلكات العامة أو الخاصة، تحت أي ذريعة كانت»، وأضافت في بيان: «ستتخذ الإجراءات القانونية الصارمة بحق أي عنصر يثبت تورطه في مثل هذه الأفعال أثناء تنفيذ المهمة، من دون تهاون أو استثناء».
وجاء بيانا وزارتي الدفاع والداخلية السوريتين، بعد انتشار مقاطع فيديو أظهرت ارتكاب تجاوزات خطيرة وعمليات سرقة ونهب وتصفيات ميدانية بحق مدنيين من عناصر محسوبة على القوات الحكومية.
ودخل الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط على خط التهدئة ودعا إلى حل سياسي محذّرا من «الفخ الإسرائيلي»، مطالباً بأنه «يجب الدخول في مصالحات مع البدو» ومشدداً على أن «مصلحة السويداء تكمن في الوصول لحل سلمي سياسي برعاية الدولة، كي تعود الحياة إلى أمورها الطبيعية ونطوي هذه الصفحة الدامية».

الرئاسة تتعهد بالمحاسبة والهجري يحرض

وفي خطوة متقدمة وتأكيداً على حصول تجاوزات خطيرة، أعلنت الرئاسة السورية مع الساعات الأولى ليوم الأربعاء التزامها بالتحقيق والمحاسبة وقالت في بيان نشرته على صفحاتها الرسمية إن «الدولة السورية تابعت باهتمام بالغ الانتهاكات المؤسفة التي طالت بعض المناطق في محافظة السويداء مؤخراً»، وقالت: «إن هذه الأفعال، التي تندرج ضمن السلوكيات الإجرامية وغير القانونية، لا يمكن قبولها تحت أي ظرف من الظروف، وتتنافى تماماً مع المبادئ التي تقوم عليها الدولة السورية».
مساعي الحكومة السورية لاستيعاب الأوضاع وعدم دفعها باتجاه مزيد من الانفجار، قوبلت بالرفض من شيخ العقل حكمت الهجري، وفي بيان له الأربعاء، واصل تحريضه ضد الحكومة السورية وقال: «نناشد العالم الحر، وكل القوى الفاعلة فيه، ونتوجّه بندائنا إلى فخامة الرئيس (الأمريكي) دونالد ترامب، ودولة رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو، وولي العهد (السعودي) الأمير محمد بن سلمان، وجلالة الملك (الأردني) عبد الله الثاني، وكل من يملك صوتا وتأثيرا في هذا العالم… أنقذوا السويداء».

إسرائيل تقصف دمشق

ذروة التصعيد تجلى عصر الأربعاء، حيث شهدت العاصمة السورية غارات عنيفة استهدفت مقر وزارة الدفاع وهيئة الأركان في ساحة الأمويين ومحيط القصر الرئاسي على سفوح قاسيون.
وألحقت الغارات أضرارا كبيرة بمبنى هيئة الأركان، وأعلنت وزارة الصحة السورية أن الغارات أسفرت عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 34 آخرين، على حين قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن «التحذيرات لسوريا انتهت والآن جاء وقت الضربات الموجعة»، ملوحاً بالتصعيد في حال «لم تفهم (دمشق) الرسالة».
أحداث الأربعاء في سوريا كانت زاخرة، فأعلن شيخ العقل لدى طائفة الموحدين الدروز في السويداء، يوسف الجربوع عن اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار ونشر الحواجز الأمنية داخل السويداء واندماجها الكامل ضمن الدولة السورية، والتأكيد على سيادتها.
أما بيان وزارة الداخلية السورية، فأكد أن الاتفاق على وقف إطلاق النار نص على «الوقف الفوري والشامل لجميع العمليات العسكرية، والتزام جميع الأطراف بوقف التصعيد العسكري أو أي شكل من أشكال الهجوم ضد القوات الأمنية وحواجزها، وتشكيل لجنة مراقبة مشتركة تضم ممثلين عن الدولة السورية والمشايخ الكرام للإشراف على تنفيذ وقف إطلاق النار وضمان الالتزام به، ونشر حواجز الأمن الداخلي والشرطة التابعة للدولة، بمشاركة منتسبي الشرطة من أبناء محافظة السويداء، في مدينة السويداء والمناطق المجاورة، بهدف تعزيز الأمن وحماية المواطنين، والاستعانة بالضباط والعناصر الأكفاء والشرفاء من أبناء محافظة السويداء التولي المهام القيادية والتنفيذية في إدارة الملف الأمني في المحافظة».
وعلى الرغم من أن جانبا مهما من بنود الاتفاق كانت هي ذات المطالب التي تقدم بها إلى الحكومة السورية سابقا، عاود شيخ العقل حكمت الهجري بالدعوة لاستمرار القتال ضد الدولة السورية، نافيا التوصل لأي اتفاق.
ودعا «الشباب المدافعين عن الأرض والعرض»، إلى مواصلة القتال ضد من وصفهم بـ«العصابات الإرهابية المسلحة»، مشدداً على أن «الدفاع المشروع واستمرار القتال لتحرير كامل أراضي محافظة السويداء هو واجب وطني وإنساني وأخلاقي»، حسب وصفه.

الشرع: الكيان يسعى لخلق الفتن

العدوان الإسرائيلي على أبرز الرموز السيادية للدولة، قوبل بتصعيد للمرة الأولى من دمشق وتجلى التحول في الموقف الرسمي في الكلمة التي ألقاها الرئيس الشرع في ساعات الفجر الأولى من يوم الخميس حيث استخدم وللمرة الأولى، سواء في خطاباته أو حتى في اللغة الرسمية للإعلام الحكومي كلمة «الكيان» لتوصيف إسرائيل.
وقال الشرع: «إن الكيان الإسرائيلي الذي عودنا دائماً على استهداف استقرارنا وخلق الفتن بيننا منذ إسقاط النظام البائد، يسعى الآن مجدداً إلى تحويل أرضنا الطاهرة إلى ساحة فوضى غير منتهية»، مشيراً إلى أن «هذا الكيان لا يكفّ عن استخدام كل الأساليب لزرع النزاعات والصراعات، غافلاً عن حقيقة أنّ السوريين بتاريخهم الطويل رفضوا كل انفصال وتقسيم».
وأوضح الشرع أنه «لولا التدخل الفعال للوساطة الأمريكية والعربية والتركية التي أنقذت المنطقة من مصير مجهول، لكنا بين خيارين؛ الحرب المفتوحة مع الكيان الإسرائيلي، على حساب أهلنا الدروز وأمنهم، وزعزعة استقرار سوريا والمنطقة بأسرها، وبين فسح المجال لوجهاء ومشايخ الدروز للعودة إلى رشدهم، وتغليب المصلحة الوطنية على من يريد تشويه سمعة أهل الجبل الكرام».
وختم بالقول: «حريصون على محاسبة من تجاوز وأساء لأهلنا الدروز، فهم في حماية الدولة ومسؤوليتها، والقانون والعدالة يحفظان حقوق الجميع بدون استثناء، ونؤكد أن الحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها وسلامة أهلنا، والعمل على تأمين مستقبل أبنائهم، بعيداً عن أي مخاطر قد تقوض مسار النهوض والتعافي الذي نخوضه بعد تحرير بلادنا».

الهجري يريد ممراً إلى مناطق «قسد»

محاولات الحكومة السورية المتواصلة لإيجاد مخرج يمكن أن يشكل انطلاقة لتهدئة الأوضاع، قوبلت بتصعيد متواصل من شيخ العقل حكمت الهجري، وأثار بيان صدر عنه الخميس تساؤلات كثيرة عن الهدف الذي يدفع إليه الهجري حيث طالب بـ«فتح ممر إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية- قسد»، ما دفع للتحليل بأن هذه الدعوة تدفع باتجاه تكريس مشروع ما يسمى «ممر داوود» الإسرائيلي، الذي تسعى تل أبيب من خلاله ربط مرتفعات الجولان جنوبا بشمال شرق سوريا عبر السويداء ودير الزور، وصولا إلى الحدود التركية.
وبحسب البيان المنشور على صفحة «الرئاسة الروحية» في «فيسبوك»، طالب الهجري أيضاً ملك الأردن عبد الله الثاني بفتح معبر حدودي بين السويداء والمملكة الأردنية، في مسعى لخلق مسارات تواصل خارجة عن سلطة الدولة المركزية.
التطورات الدراماتيكية على الأرض، دفعت الرئاسة السورية ليل الخميس لاتهام المقاتلين الدروز بخرق وقف إطلاق النار الذي انسحبت بموجبه القوات الحكومية من السويداء، وقالت في بيان إنّ «القوات الخارجة عن القانون، باشرت بعملية عنف مروّعة، وثّقها العالم أجمع، تضمّنت ارتكاب جرائم مروّعة تتنافى كليّا مع التزامات الوساطة، وتهدّد بشكل مباشر السلم الأهلي وتدفع باتجاه الفوضى والانهيار الأمني».
وجدّدت الرئاسة التأكيد على «التزامها الثابت بحماية جميع أبناء الشعب السوري، بمختلف طوائفهم ومكوّناتهم»، مشيرة إلى أنّ «الحكومة السورية ستواصل اتخاذ كل ما يلزم لحماية مواطنيها وصون كرامتهم، دون تهاون مع أي تهديد للسلم الأهلي أو السيادة الوطنية».
ووسط أنباء عن مقتل أكثر من 100 شخص وتهجير عشرات الآلاف من البدو من قراهم وإحراق منازلهم، دفعت القبائل العربية في سوريا الخميس إلى إعلان النفير العام لنجدة عشائر البدو في السويداء. وقالت العشائر في بيان إنه «انطلاقا من واجبنا الأخلاقي والقبلي نطالب الحكومة السورية بعدم التدخل أو عرقلة تحرك المقاتلين الذين قدموا من خارج المنطقة فزعة ونصرة لإخوتهم من عشائر البدو؛ فهؤلاء يمارسون حقهم المشروع في الدفاع عن المظلومين وردّ العدوان عن النساء والأطفال والشيوخ».
وبدأ مقاتلو العشائر بالهجوم على مدينة السويداء وسيطروا على عدد من القرى والبلدات ودخلوا مدينة السويداء من الجهة الشمالية، وسط معلومات بأن عدد مقاتلي العشائر المشاركة في الهجوم يتجاوز 50 ألف مقاتل وأن عشرات الآلاف يُنتظر وصولهم فجر الجمعة.

قوة لفض الاشتباكات

تعقيدات الأزمة المتفجرة في جنوب سوريا، والتي دفعت دولاً إقليمية وفي المقدمة منها السعودية وتركيا، إلى جانب مساع من الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة، الى التدخل، يبدو أنها قد بدأت تتجه نحو التفكيك، وجهود الوساطات السابقة مجتمعة دفعت باتجاه مخرج ونهاية للعمليات العسكرية تمهيدا لعمل سياسي لاحق.
والنتائج التي نتحدث عنها ظهرت ملامحها في بيان نشرته الرئاسة السورية على مواقعها الرسمية في وقت متأخر من يوم الجمعة، ومما جاء فيه أن «الجمهورية العربية السورية في موقفها من هذه الأحداث، تنطلق من مبدأ راسخ، وهو: الحرص على السلم الأهلي، لا منطق الانتقام، فهي لا تقابل الفوضى بالفوضى، بل تحمي القانون بالقانون، وترد على التعدي بالعدالة، لا بالثأر».
وشدد البيان على أن «الجمهورية العربية السورية، تثبت مرة تلو أخرى، أنها دولة لكل أبنائها، بمختلف انتماءاتهم ومكوناتهم، من الطائفة الدرزية وقبائل البدو على حد سواء، وليست لطائفة أو جماعة بعينها، فالمسؤولية الوطنية تقتضي أن يكون الجميع تحت سقف واحد هو الوطن، وتحت مرجعية واحدة هي القانون».
ومع صبيحة يوم السبت، أعلنت الرئاسة السورية وقفا شاملا وفوريا لإطلاق النار، ودعت في بيان «جميع الأطراف، دون استثناء، إلى الالتزام الكامل بهذا القرار، ووقف كافة الأعمال القتالية فورا في جميع المناطق، وضمان حماية المدنيين وتأمين وصول المساعدات الإنسانية دون أي عوائق.

واشنطن لا تعارض الفيدرالية

اللعب على الوتر الطائفي وتأصيل المشكلة بدلا من البحث عن مخارج لها، على الرغم من مناشدات لم تنتهِ من مثقفين وناشطين سوريين لتغليب الوطنية على الطائفية والعشائرية، دفع البعض حتى ممكن كان محسوباً على الإدارة السورية الجديدة، للتفكير وطرح مخارج ربما يكون منها ما تسعى وتطالب به الإدارة الذاتية لمناطق شمال وشرق سوريا، باللامركزية الإدارية، وتعميم هذه التجربة بعد أحداث الساحل السوري سابقاً، والسويداء حالياً، وحتى لا تشهدها مناطق شمال وشرق سوريا، بعنف أكثر إذا ما تم اللجوء للغة السلاح أيضاً.
وفي هذا الإطار ظهر الجمعة، موقف أميركي مستجد يتناقض مع ما كان قد أعلنه مرارا وتكرارا مبعوث واشنطن إلى سوريا توماس براك، بالتشديد على دعم حكومة مركزية في دمشق، حيث قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس، إن بلادها لا تعارض إعلان الفيدرالية أو الحكم الذاتي في سوريا، وإن القرار بشأن النظام السياسي يجب أن يُتخذ من قبل السوريين أنفسهم.
وفي إطار المساعي المبذولة لإنقاذ سوريا، وجه ناشطون سياسيون رسالة إلى الرئيس الشرع، طالبت «بتشكيل هيئة وطنية رسمية للحوار الوطني السوري، تضم شخصيات سورية مستقلة من خلفيات فكرية وسياسية ودينية وقومية متنوعة، ويُراعى فيها التمثيل الوازن للنساء والشباب، بهدف إدارة سلسلة حوارات مجتمعية داخل سوريا وخارجها، خلال فترة تمتد من سنة إلى 18 شهراً، بالشراكة مع مختلف المكونات الاجتماعية والنقابات والجامعات ومنظمات المجتمع المدني، مع التأكيد على التمثيل الحزبي والكردي، ودعوة شخصيات وطنية وازنة لضمان شمولية وعدالة تمثيل كافة السوريين». وخلص الموقعون، وهم ممن شارك في مؤتمر الحوار الذي استضافته دمشق في شباط/ فبراير الماضي، لمخاطبة الشرع بالقول: «نضع بين أيديكم هذه المبادرة إيماناً منّا بأن الفرصة لا تزال قائمة لإنقاذ سوريا من الانهيار والانقسام».
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار

cron