الأمم المتحدة- “القدس العربي”: ألقى وزير الخارجية السعودي، ليلة الثلاثاء، البيان الختامي للمؤتمر رفيع المستوى للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وطالب جميع الدول المشاركة بالانضمام إلى الوثيقة وتبنّيها.
وقد بلغ عدد الدول التي تبنّت الوثيقة أكثر من عشرين دولة، ومن المتوقع أن يرتفع العدد كثيراً من هذا التاريخ ولغاية انعقاد الجمعية العامة في دورتها الثمانين.
والدول التي تبنّت الوثيقة وساهمت في مجموعات العمل هي: البرازيل، كندا، جمهورية مصر العربية، جمهورية إندونيسيا، أيرلندا، إيطاليا، اليابان، المملكة الأردنية الهاشمية، المكسيك، مملكة النرويج، دولة قطر، جمهورية السنغال، مملكة إسبانيا، تركيا، المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية، الاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية.
الوثيقة: لا مبرر للخروقات التي تشكل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، وقد أكدنا على ضرورة المساءلة
وقد حصلت “القدس العربي” على نسخة من مسودة الوثيقة التي تبادلها الوفدان السعودي والفرنسي مع بقية الوفود المشاركة، والمكوّنة من 42 مادة في سبع صفحات.
وجاء في الوثيقة أن الدول الموقعة تعلن عن توافقها على اتخاذ إجراءات جماعية لإنهاء الحرب في غزة، وتحقيق تسوية عادلة وسلمية ودائمة “للصراع الإسرائيلي الفلسطيني”، من خلال تنفيذ فعّال لحل الدولتين، وبناء مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين وشعوب المنطقة.
وجددت الدول إدانتها لجميع الهجمات على المدنيين من أي جهة كانت، بما في ذلك أعمال الإرهاب، والهجمات العشوائية، واستهداف الأعيان المدنية، وأعمال الاستفزاز والتحريض والتدمير. وشددت على أن أخذ الرهائن محظور بموجب القانون الدولي، ورفضت أي إجراءات تؤدي إلى تغييرات إقليمية أو ديموغرافية، مثل التهجير القسري، معتبرة ذلك انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي.
وجاء في الفقرة الرابعة أن المجتمعين يدينون “الهجمات التي شنتها حماس على المدنيين في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر”. كما يدينون الهجمات الإسرائيلية على المدنيين في غزة والبنية التحتية المدنية، والحصار والتجويع، والتي أدت إلى كارثة إنسانية مدمرة وأزمة حماية. لا مبرر للخروقات التي تشكل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، وقد أكدوا على ضرورة المساءلة.
وأكدت الوثيقة الختامية أن الحرب، والاحتلال، والإرهاب، والتهجير القسري، لا يمكن أن تحقق السلام أو الأمن، وأن الحل السياسي وحده هو الطريق لذلك. كما التزمت الدول باتخاذ خطوات ملموسة ومحددة زمنيًا ولا رجعة فيها لتسوية سلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين.
وحسب ما جاء في الوثيقة، فقد اتفقت الدول على دعم هذا الهدف ضمن عملية محددة زمنيًا لإبرام وتنفيذ اتفاقية سلام شاملة بين إسرائيل وفلسطين، استنادًا إلى قرارات الأمم المتحدة ومرجعيات مدريد، ومبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية. ودعت إلى إنهاء الاحتلال، وحل القضايا العالقة، وتحقيق السلام الدائم، وضمان أمن جميع الأطراف، وتمكين التكامل الإقليمي والاعتراف المتبادل.
وأكدت الوثيقة على ضرورة إنهاء الحرب في غزة فورًا، ودعم جهود الوساطة لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بكامل مراحله، بما يشمل وقفًا دائمًا للأعمال العدائية، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وتبادل الأسرى، وإعادة الرفات، وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة. كما طالبت الوثيقة حركة “حماس” بإطلاق سراح جميع الرهائن.
وطالبت الوثيقة بإيصال المساعدات الإنسانية فورًا وبشكل آمن وغير مشروط إلى قطاع غزة، عبر جميع المعابر، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر. وطالبت كذلك برفع القيود وفتح المعابر، واستئناف الكهرباء، والسماح بدخول الوقود والمواد الأساسية، مشددة على حماية العاملين الإنسانيين، ورفض استخدام التجويع كسلاح في الحرب.
كما أكدت الوثيقة أن غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، ودعت إلى توحيدها مع الضفة الغربية، وإنهاء الاحتلال والحصار، ومنع التهجير القسري. وشددت على أن تكون الحوكمة وإنفاذ القانون بيد السلطة الفلسطينية، داعية إلى إنهاء حكم “حماس” في غزة وتسليم السلاح للسلطة، بمشاركة ودعم دوليين.
وطالبت الوثيقة بالتنفيذ العاجل لخطة إعادة الإعمار العربية التعاونية، وشجعت المشاركة في مؤتمر إنعاش غزة المرتقب في القاهرة. كما دعت إلى تشكيل لجنة إدارية انتقالية فورًا للعمل في غزة تحت مظلة السلطة الفلسطينية بعد وقف إطلاق النار.
ودعت الدول المتبنية للوثيقة الختامية إلى نشر بعثة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار، بدعوة من السلطة الفلسطينية وتحت رعاية الأمم المتحدة وبتكليف من مجلس الأمن، مع توفير دعم إقليمي ودولي. وأشارت الوثيقة إلى أن هذه البعثة يمكن أن تتطور حسب الحاجة، لتوفير الحماية للسكان المدنيين، ودعم الأمن، ومراقبة وقف إطلاق النار وتنفيذ اتفاق السلام، وضمان أمن الطرفين.
ورحبت الوثيقة بالتزامات الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومنها السعي لحل سلمي ورفض العنف، وتصريحاته بأن الدولة الفلسطينية ستكون منزوعة السلاح، ومستعدة لترتيبات أمنية، وإجراء انتخابات عامة خلال عام، بإشراف دولي، في جميع الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية.
ودعت الوثيقة القيادة الإسرائيلية إلى الالتزام العلني بحل الدولتين، وإنهاء العنف ضد الفلسطينيين، ووقف الأنشطة الاستيطانية والضم، ورفض أي مشروع استيطاني، وسن قوانين لمعاقبة المستوطنين العنيفين، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 904 (1994) المتعلق بالحماية والذي اعتُمد بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل.
الوثيقة: غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية.. ويجب أن تكون الحوكمة بيد السلطة الفلسطينية، مع إنهاء حكم “حماس” وتسليم السلاح بدعم دولي
وأكدت الوثيقة رفض الدول لأي إجراءات تقوّض حل الدولتين، من الجانبين، بما في ذلك الاستيطان، والتزمت باتخاذ تدابير وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة لدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير، ومواجهة سياسات الاستيطان والضم والتهجير القسري.
كما شددت الوثيقة على الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي للأماكن المقدسة في القدس، مع التأكيد على دور الوصاية الهاشمية ودائرة أوقاف القدس. ودعت الدول إلى اتخاذ تدابير تقييدية ضد المستوطنين المتطرفين وداعمي الاستيطان، ورفض استخدام العنف أو خرق القانون الدولي.
واتفقت الدول المتبنية للوثيقة على دعم تجديد الجهود على المسارين السوري–الإسرائيلي واللبناني–الإسرائيلي، بالتوازي مع جهود السلام بين فلسطين وإسرائيل، لتحقيق سلام شامل في الشرق الأوسط وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
وتعهدت الدول بتمهيد الطريق لـ”يوم سلام” مستقبلي، مستند إلى مبادرة السلام العربية، وحزمة دعم السلام الأوروبية، ومبادرات دولية أخرى، بما يشمل مشاريع في التجارة والطاقة والبنية التحتية، وتعزيز بنية أمنية إقليمية شاملة.
وفي ختام الوثيقة، أشار الموقعون إلى أن هذه الوثيقة وملحقها يعكسان نتائج مجموعات العمل الثمانية التي شاركت في المؤتمر، والتي وضعت إطارًا قابلًا للتنفيذ للتسوية السلمية، وفق خطة عمل واضحة ومحددة زمنيًا، تشمل الأبعاد السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية والقانونية. ولفتت الوثيقة إلى إمكانية انضمام دول أخرى لاحقاً.