الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
مستغلّةً سياسة العربدة والبلطجيّة والقوّة، تُواصل دولة الاحتلال التوسّع على حساب كلٍّ من سوريّة ولبنان، ضاربةً عرض الحائط بسيادة هاتيْن الدولتيْن العربيتيْن، وذلك في إطار سعيها الحثيث لإقامة ما يُسّميه الصهاينة بإسرائيل الكبرى، وفي هذا السياق، أفادت قناة (كان) التابعة لهيئة البثّ الإسرائيليّة الرسميّة، بأنّ الكيان بعث برسالةٍ إلى نظام أبو محمد الجولاني في دمشق، طالب فيها بأنْ تتم إدارة جنوب سوريّة من خلال جهاز الأمن العام السوريّ التابع لوزارة الداخليّة، وبغيابٍ كاملٍ للجيش السوريّ، أيْ فرض حالة منزوعة السلاح هناك.
وحسب التقرير، الذي اعتمد على مصادر وازنةٍ في تل أبيب، فإنّ قوات الأمن العّام ستتألّف من عناصر محليّةٍ في المناطق الدرزيّة، ما يُتيح للنظام تثبيت سلطته دون تهديدٍ مباشرٍ لسكان الجبل، باعتبار أنّ هذه القوات ستضُمّ أبناء الطائفة نفسها.
ad
في سياق متصل، كُشف أن وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، المقرّب من الجولاني، أجرى قبل أشهر اتصالًا مفاجئًا مع الشيخ موفق طريف، الزعيم الروحيّ للطائفة الدرزيّة في الداخل الفلسطينيّ، ودعاه إلى زيارة دمشق، إلّا أنّ طريف رفض الدعوة، مشددًا على ضرورة حلّ النظام قضاياه مع الدروز داخل سوريّة أولًا.
وشدّدّ التقرير الإسرائيليّ على أنّ الاتصال سبق أحداث العنف الأخيرة في السويداء، ومع ذلك، تشير المصادر إلى استمرار محاولات دمشق للتواصل مع الشيخ طريف، لكنها لم تلقَ استجابةً بعد التطورات في جبل الدروز.
وكان المبعوث الخاص للرئيس الأمريكيّ إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف كشف أنّ هناك جهودًا قيد التنفيذ لتوسيع اتفاقيات أبراهام للسلام، مشيرًا إلى أنّ عددًا من الدول العربيّة ستُعلِن قريبًا عن انضمامها إلى هذه الاتفاقيات، وهو الأمر الذي ألمح إليه الرئيس دونالد ترامب خلال استقباله رئيس وزراء كندا بالبيت الأبيض.
بالإضافة إلى ذلك، أكّد ويتكوف استمرار الجهود لتوسيع اتفاقيات إبراهام، وقال: “سنُعلن عن هذه الجهود قريبًا جدًا، ونتطلع لأنْ تُحقق نتائج مهمة بحلول العام المقبل”.
كما أشار إلى مناقشاتٍ مستمرّةٍ حول القضايا الإقليميّة مثل سوريّة ولبنان وإيران، وأكّد أنّ طهران لن تحصل أبدًا على سلاحٍ نوويٍّ.
وجدّدّ ويتكوف التذكير بأنّ اتفاقيات إبراهام تشمل حاليًا السودان والإمارات والبحرين والمغرب، وهي دول وافقت على تطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد توسط الرئيس ترامب عام 2020، ممّا أدى إلى تعاونٍ جديدٍ في مجالات التجارة والسياحة والأمن وغيرها.
في السياق ذاته، كان وزير الخارجية الإسرائيليّ جدعون ساعر، قد أكّد اهتمام بلاده بتطبيع العلاقات مع سوريّة ولبنان ضمن الاتفاقات الإبراهيميّة، دون التفريط بالجولان، ورفض أيّ تسويةٍ مع حماس إلّا بشروط إسرائيل. وقال إنّ إسرائيل مهتمة بتطبيع العلاقات مع سوريّة ولبنان بإطار الاتفاقات التي أبرمتها مع دولٍ عربيّةٍ بدعمٍ أمريكيٍّ.
من ناحيته قال الناشط السوريّ، شادي مارتيني، في حديثٍ لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة إنّ التطبيع الإسرائيليّ-السوريّ بات ممكنًا، ولكن ليس في هذه الفترة بالذات، وأضاف إنّ موقف الكيان من الدروز في سوريّة هو موقفٌ منطقيٌّ من منطلقاتٍ إسرائيليّةٍ، مُحذّرًا من أنّ هذا الموقف يُفسِّر على أنّه تدخلاً في الشأن الداخليّ السوريّ.
وكانت القناة الـ 13 بالتلفزيون العبريّ قد بثت تقريرًا حول زيارة مارتيني والإعلامي السعوديّ عبد العزيز خميس إلى الكنيست الإسرائيليّ الشهر الفائت، حيث أعلن مارتيني، الذي غادر سوريّة عام 2012، أنّه أجرى قبل نحو أسبوعين “اجتماعًا مثيرًا” مع الرئيس السوري المؤقت الجولاني في قصر الرئاسة بدمشق.
وأضاف: “اللقاء استمر ساعتيْن وكان موضوع إسرائيل هو المُسيطر”، مشيرًا إلى قول الشرع لكلمةٍ لامست قلبه: “نحن نمنح هذه الفرصة مرّةً واحدةً كلّ مائة عامٍ، إنّها فرصة فريدة، لكن النافذة لن تبقى مفتوحةً إلى الأبد”.
أمّا فيما يتعلّق بلبنان، فقال المُستشرق د. تسفي بارئيل، في مقالٍ نشره بصحيفة (هآرتس) العبريّة إنّ “رؤية ما يُسّمى بأرض إسرائيل الكبرى (فلسطين التاريخيّة) لم تعد مقتصرةً فقط على مناطق الضفة الغربيّة ولا على الأراضي في قطاع غزة، وإذا صدقنا تصريحات الوزير بتسلئيل سموتريتش، فإنّ حدود الدولة ستمتد أيضًا إلى داخل الأراضي اللبنانيّة”.
وأضاف “أستطيع أنْ أقول لكم بأوضح طريقةٍ، الجيش الإسرائيليّ لم ينسحب، ولن ينسحب، من النقاط الخمس التي نتواجد فيها داخل الأراضي اللبنانيّة”، وتابع “القرى الشيعيّة التي دُمّرت لن يعاد بناؤها. وعدنا بذلك عندما وقعنا على الاتفاق، وكان من الصعب على كثيرين تصديقه، لكنّنا نفي بوعدنا، قال سموتريتش بحماس هذا الأسبوع في مؤتمر (ندعم الشمال)”، مُضيفًا: “أقول لكم إنّ هناك احتمالًا غيرُ ضئيلٍ أنْ يتم نزع سلاح حزب الله بالكامل”، طبقًا لأقواله.
وخلُص المستشرق إلى القول إنّ إسرائيل تقوم بتوسيع حدوها في كلٍّ من لبنان وسوريّة، غيرُ مهتمّةٍ بأنّها عبر ذلك تدوس على المصالح الأمريكيّة في الدولتيْن العربيتيْن المذكورتيْن.