بغداد ـ «القدس العربي» :
يصطدم إعلان الحكومة العراقية ووزارة الخارجية الاتحادية عن الترحيب بتصويت مجلس النواب على قائمة تضم أكثر من 90 اسماً مرشحاً لشغل منصب سفير، بموجة رفض سياسي واسعة لآلية اختيار المرشحين وأيضاً للطريقة التي تمّ بموجبها التصويت عليهم، وسط حديث قانوني عن إمكانية الطعن بالجلسة المثيرة للجدل.
وعقد مجلس النواب، مساء الثلاثاء، جلسته الخامسة من فصله التشريعي الثاني للسنة التشريعية الرابعة من الدورة الانتخابية الخامسة، برئاسة محمود المشهداني رئيس المجلس، وحضور 169 نائبا، صوّت في مستهلها على قائمة السفراء المرسلة من قبل رئاسة مجلس الوزراء، والمكونة من 93 سفيرا، حسب الدائرة الإعلامية للبرلمان.
وحسب البث المباشر للجلسة، فإن قراءة أسماء السفراء المرشحين لم تستغرق دقيقتين، قبل أن يطرحها المشهداني للتصويت، ويقرر اعتمادها بنحو 5 ثوانٍ فقط.
ويقول نواب في تصريحات صحافية، إنه بعد طرح فقرة التصويت على أسماء المرشحين لشغل منصب سفير، خرج العشرات من النواب قاعة الجلسة، الأمر الذي كسر نصابها القانوني، غير أن هيئة الرئاسة مضت في التصويت وإتمام جدول الأعمال.
ووصف عضو مجلس النواب مختار الموسوي، جلسة التصويت على قائمة السفراء بـ «المهزلة»، مؤكداً أن التصويت تم بصورة غير قانونية، مع وجود شكوك حول عدّ الأصوات، مشيراً إلى أن الحكومة ورئيس البرلمان محمود المشهداني فرضا إرادتهما على المجلس، وهي سابقة خطيرة.
وقال إن «ما حدث خلال التصويت على قائمة السفراء لم يشهده البرلمان من قبل، حيث تم فرض إرادة رئيس البرلمان شخصياً والحكومة على المجلس، وهذه سابقة خطيرة»، موضحاً أن «نجل رئيس البرلمان مدرج ضمن القائمة».
وأضاف أن «عملية التصويت تمت في جو صاخب، وهناك شكوك كبيرة بشأن عدد الأصوات»، مشيراً إلى أن «بعض الأسماء في القائمة تم استبعادها من الترشح للانتخابات وفق فقرة حسن السيرة والسلوك».
كذلك قال النائب المستقل رائد المالكي، في «تدوينة» له، «أبدینا اعتراضنا على الآلية والطريقة التي تم بها تمرير قائمة السفراء في مجلس النواب وبشكل مخالف للنظام الداخلي»، مضيفا أن «التصويت على القائمة تم جملة واحدة ودون أن يتم إدراجها على جدول الأعمال ابتداء أو التصويت على إضافتها للجلسة، لذا فهي معرضة للطعن من كل ذي مصلحة».
ووفق الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، فإن المحكمة الاتحادية يمكن أن تبطل أي تصويت داخل البرلمان، بما في ذلك القوانين أو القوائم مثل قائمة السفراء، إذا ثبتت مخالفة النظام الداخلي لمجلس النواب.
وأفاد في تصريحات صحافية أمس بأن «جدول أعمال البرلمان يعد من قبل رئيس المجلس ونائبيه، ويسلم نسخة منه للنواب قبل يومين من عقد الجلسة للاطلاع والتحضير»، مبيناً أن «النظام الداخلي لا يجيز طرح أي موضوع لم يطلع عليه النواب مسبقا إلا إذا جرى التصويت على إضافته بالأغلبية المطلقة».
وأضاف أن «أي خرق لهذه الإجراءات يجعل التصويت عرضة للطعن أمام المحكمة الاتحادية من قبل أي ذي مصلحة»، مشيراً إلى أن «المحكمة تعتمد في نظر الطعن على الأدلة المتوفرة مثل تسجيلات الكاميرات إفادات الشهود، وجدول الأعمال، لتقرر بعدها مدى شرعية الجلسة وإمكانية إبطال ما صدر عنها».
وتضم قائمة السفراء الجديد أسماء شخصيات مقربة من قادة الكتل السياسية، فضلاً عن نواب ومسؤولين سابقين، من بينهم نجل رئيس البرلمان محمود المشهداني، وشقيق زعيم تحالف «الفتح» هادي العامري، وابن النائب السابق حنين قدو، بالإضافة إلى يزن الجبوري، نجل السياسي العراقي مشعان الجبوري، فضلاً عن اسماء 10 شخصيات تنتمي للحزب «الديمقراطي» الكردستاني، و8 آخرين من «الاتحاد الوطني» الكردستاني، وغيرهم.
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قد اعتبر أن التصويت على قائمة السفراء خطوة ستعزز قدرة المؤسسة الدبلوماسية.
وذكر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان أن « السوداني ثمن تصويت مجلس النواب على قائمة السفراء»، مشيداً «بروح التعاون التي أبدتها رئاسة المجلس ولجنة العلاقات الخارجية النيابية والقوى السياسية، من أجل حسم هذا الملف المعلق منذ سنوات، حيث لم يتم التصويت على مواقع السفراء منذ عام 2009».
وشدد على أهمية أن «يؤدي السفراء مهامهم على أكمل وجه في تمثيل العراق خارجياً، وحفظ مصالحه ورعاية العراقيين في البلدان التي سيخدمون فيها».
وأضاف أن «الحكومة حرصت على إنهاء حالة الفراغ التي استمرت لسنوات في بعض مواقع العمل الدبلوماسي، نتيجة لشغور تلك المواقع، وهو أمر يأتي في إطار الإصلاح الإداري بجميع مؤسسات الدولة، والذي تبنته الحكومة في منهاجها الوزاري والبرنامج الحكومي».
وأكمل ان «هذه الخطوة ستعزز حتماً من قدرة المؤسسة الدبلوماسية للقيام بدورها المرسوم في الدستور والقوانين النافذة، بما يحقق المنفعة العامة لأبناء شعبنا الكريم».
وعلى المستوى ذاته، رحبت وزارة الخارجية بتصويت مجلس النواب على قائمة السفراء، فيما أشارت إلى أن هذه الخطوة لتعزيز الحضور الدبلوماسي للعراق.
وذكر بيان للوزارة أنها ترحب بـ«تصويت مجلس النواب على قائمة السفراء، هذه الخطوة ستسهم في تعزيز الحضور الدبلوماسي للعراق في الساحة الدولية، وتوسيع شبكة العلاقات مع دول العالم، فضلاً عن دعم الجهود الرامية إلى حماية المصالح الوطنية العليا وخدمة أبناء الجالية العراقية في الخارج».
وجددت الوزارة «التزامها بالعمل على تمكين السلك الدبلوماسي من أداء مهامه على نحو يليق بمكانة العراق ودوره الفاعل إقليمياً ودولياً».