الناصرة- “القدس العربي”:

يبدأ اليوم الثلاثاء جيش الاحتلال بالتجنيد الفعلي لـ60 ألفا من جنود الاحتياط ليستبدلوا الجنود النظاميين (الجنود الذين يؤدون الخدمة العسكرية الإجبارية ويفتقرون عادة للتجارب) بفعل خبرتهم العملياتية، واستعدادا للمشاركة في حملة “مراكب جدعون الثانية” أو “القبضة الحديدية” وسط سجال بات علنيا بين المستويين السياسي والعسكري/ الأمني حولها.

ومنذ مطلع الأسبوع الجاري تتزايد التسريبات من اجتماع الكابنيت الأخير، حيث دعا قائد الجيش ورئيس الموساد ونائب رئيس الشاباك وغيرهم من قادة الأذرع الأمنية للموافقة على الصفقة المطروحة وحذروا من أن احتلال مدينة غزة سيكون مكلفا ولن يحسم حماس.

ونقلت التسريبات عن قائد جيش الاحتلال إيال زامير قوله: “أعطوا فرصة للصفقة المطروحة وفكروا مليًا قبل القرار بالاجتياح”. وقد استفزت تحذيراته الوزيرة المتشددة الداعية لعدم التمييز بين عسكريين ومدنيين في غزة، أوريت ستروك، فبادرت لتوبيخ زامير وإهانته بشكل شبه مباشر باقتباسها نصاً من التوراة تتحدث عن خطورة ضعفاء القلوب والجبناء.

كما تفيد هذه التسريبات أن الجيش يخشى من استجابة ضعيفة لجنود الاحتياط، ولذا فقد أعلن أمس عن امتيازات اقتصادية لمن يمتثل لمذكرات التجنيد مثلما يخشى من خطورة المعركة داخل المدينة، فهي مليئة بجنود حماس الموجودين الآن في حالة تأهّب قصوى، وبالمباني المفخخة وبالقناصة والألغام، كما يوضح آفي أشكنازي المحلل العسكري في صحيفة “معاريف” اليوم منوها أن هذا الواقع يدفع الجيش للقيام بالتقدم ببطء وتدريجيا رغم أن ذلك يتناقض مع رغبة بنيامين نتنياهو بأن تكون الحملة سريعة خوفا من تغير الموقف الأمريكي حيال الحرب.
بخلاف التحذيرات

وفيما تستمر التسريبات عن إقرار الجيش بفشل حملة “مراكب جدعون”، تنقل صحيفة “يسرائيل هيوم” عن ضباط كبار يقولون اليوم أيضا إن “مراكب جدعون الثانية” ستفشل هي الأخرى. ويحذّر عدد كبير من المراقبين الإسرائيليين من مغبة اجتياح مدينة غزة، فيقول المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل إن كل رؤساء أذرع الأمن عبروا في الكابنيت الأخير عن تأييدهم للصفقة وحذروا من نتائج السيطرة على غزة لأنها ستجبي ثمنا باهظا من إسرائيل ولن تحسم حماس.

ويقول هارئيل أيضا إن هذه المرة الأولى التي يريد فيها كابنيت تنفيذ عملية كبيرة بخلاف موقف قادة المؤسسة الأمنية.

ويذهب زميله محرّر الشؤون الحزبية والسياسية في “هآرتس” يوسي فرطر إلى ما هو أشد، في مقال بعنوان “مراكب الحماقة” يقول فيه إن الحملة العسكرية عديمة جدوى. ومضى في حملته على المستوى السياسي: “وفقا للوزراء يمكن التنازل عن المخطوفين الأحياء من أجل هدف فارغ وكاذب: تدمير حماس. كل من يخالفهم الرأي فهو جبان حتى لو كان قائد الجيش. ما سيحدث فعليا هو ما قاله الوزير دافيد إمسالم (الليكود) الممانع للحملة المرتقبة خلال اجتماع الكابنيت: “هذه ستكون فيتنام الإسرائيلية”.

وهذا ما يؤكده المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” يوسي يهوشع بقوله إن نتنياهو يتنازل فعليا عن المخطوفين وعليه البوح بذلك للاسرائيليين.
الصبر الأمريكي

في المقابل، تكشف الإذاعة العبرية الرسمية أن نتنياهو قال داخل غرف موصدة، إنه يريد حملة عسكرية سريعة وأقصر من تلك التي يخطّط لها الجيش، وإنه يرفض صفقة جزئية لأن ترامب لن يعطي دعما غير محدود للحرب. فهو بخلاف بايدن، يمنحنا دعما سياسيا غير مشروط لكنه يريد الإسراع في الاحتلال والتهجير، ودعمه هذا ليس إلى ما نهاية.

يشار إلى أن نتنياهو سبق وقال بموجب تسريب آخر إنه يؤيد حملة سريعة لتخفيف الأعباء عن جنود الاحتياط. وتقول الإذاعة العبرية إنه ينجح حتى الآن بتثبيت ترامب إلى جانب إسرائيل مستغلا قلة التجربة العسكرية للرئيس الأمريكي، لكنه يخشى تقلّب مزاجه خاصة بعد رواج الحملة الدعائية الناجحة عن الجوع في غزة.

وكان ترامب قد قال في حديث لموقع ديلي كولير الأمريكي اليميني يوم الجمعة ونشر ليلة أمس، إن الحرب في غزة تمس بإسرائيل وعليها وقفها. وردا على سؤال حول الانتقادات في العالم، قال ترامب إن إسرائيل ربما تربح بالحرب ولكنها تخسر في العالم وتفقد دعم الكونغرس.

وتابع: “قبل 20 سنة، امتلكت إسرائيل اللوبي الأقوى من كل دولة أو مجتمع وكانت لهم سيطرة مطلقة على الكونغرس، والآن لا يوجد لهم. أنا متفاجئ قليلا من ذلك”.

وفي منشور سابق قبل نحو أسبوعين، قال ترامب نفسه رغم مناصرته لمبدأ الصفقات، إن استعادة المخطوفين يتم بدخول غزة وإخضاع حماس فهذه الطريقة الوحيدة دون أن يشرح كيف سيتم ذلك. وقتها قال مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف في تصريحات إعلامية، إن الحرب ستنتهي قبيل العام الجاري وفق تقديراته.