بغداد/ تميم الحسن
تسخن الانتخابات قبل شهرين من موعدها المفترض، لتصل إلى تحذيرات من استخدام «مفخخات»، ومن سيطرة «غوغائيين»، أو عودة «ابنة رئيس نظام البعث السابق» المحظور.
وترافق هذه التحذيرات «أزمات سياسية»، خاصة داخل المنظومة الشيعية، التي اختلفت في طريقة إدارة الانتخابات، وانقسمت في الرؤى بخصوص القضايا الإقليمية ومصير «الحشد الشعبي».
ضمن «حمّى التنافس»، قدمت كتلة «حقوق» – المظلة السياسية لكتائب حزب الله – شكوى لدى مفوضية الانتخابات لاستبعاد رئيس حزب السيادة، خميس الخنجر، بعد وصفه العراقيين بـ«الغوغائيين».
وكانت وثائق قد عُرضت في وقت سابق، أظهرت استبعاد الخنجر عن الانتخابات بسبب «حزب البعث».
وفي بيان للنائب عن «حقوق»، سعود الساعدي، أكد الأخير أن «الخنجر استخدم عبارة (الغوغائيين) التي كان النظام السابق يستخدمها ضد الانتفاضة الشعبانية، لإساءته المتعمدة للشعب العراقي».
وأضاف أن «تبنّي هكذا خطاب يمسّ مشاعر أغلبية الشعب العراقي ولا يمكن أن يكون ضمن التعددية السياسية في العراق»، مطالباً رئيس مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بـ«اتخاذ الإجراءات القانونية واستبعاد المرشح خميس فرحان الخنجر من المشاركة في الانتخابات النيابية».
وجاء في الكتاب الرسمي أن «الخنجر استخدم المؤسسات الدينية، مثل جامع أبي بكر الصديق في منطقة الغزالية، لأغراض انتخابية تتضمن الترويج له ولحزبه في انتخابات مجلس النواب، الأمر الذي يشكل جريمة يعاقب عليها قانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات».
وظهر الخنجر في مقطع فيديو داخل الجامع، يتحدث عن إنقاذ أبناء المكوّن السني وعدم تركهم لـ«الغوغائيين».
وفي 16 آب الماضي، أعلنت هيئة المساءلة والعدالة رسمياً استبعاد خميس الخنجر من المنافسة الانتخابية بسبب عضويته السابقة في «حزب البعث» المحظور، ما يمنعه قانونياً من تأسيس حزب سياسي أو الترشح للانتخابات.
وكانت المفوضية قد أرسلت في 11 تموز الماضي استفساراً رسمياً إلى الهيئة لتوضيح ما إذا كان الخنجر مشمولاً بقرارات اجتثاث البعث، بهدف تحديد موقفه القانوني من المشاركة الانتخابية.
وفي 28 تشرين الثاني 2024، قدم خميس الخنجر استقالته من رئاسة «حزب السيادة»، لحماية نفسه من تدقيق هيئة المساءلة والعدالة، وأُبلغت المفوضية العليا للانتخابات رسمياً بهذا القرار.
وحذرت قوى شيعية في موسم الانتخابات من «شخصيات سنية» – لم تُذكر بشكل واضح – تطلق «تصريحات طائفية» لها تأثير «المفخخات».
وحذر نوري المالكي، زعيم «دولة القانون»، أكثر من مرة من «توغّل حزب البعث» في المؤسسات الحكومية، فيما قال عضو في ائتلافه إن «رغد صدام حسين» ستشارك بالانتخابات.
وجاء ذلك بالتزامن مع الكشف عن أكبر تجمع لـ«البعثية» في قوائم «الإطار التنسيقي»، والتي قُدّرت بنحو 150 مرشحاً، مهددة في حال الفوز بتشكيل «الكتلة الأكبر»، بحسب النائب عن بابل، أمير المعموري.
ويعتقد محمد نعناع، باحث في الشأن السياسي، أن التحذيرات من «مؤامرات» وعودة «حزب البعث» تأتي بسبب عدم وجود إنجاز حقيقي لـ«قوى الإطار التنسيقي».
واختلف «الإطاريون» في النزول بقائمة موحدة في الانتخابات، وانقسموا إلى 9 قوائم رئيسية وثلاثة أخرى فرعية في المحافظات المختلطة، التي يهيمن عليها غالباً المكوّن السني.
ويتهم كل طرف شيعي الآخر بأنه يقرب إليه «طرفاً سنيّاً أو إرهابياً للاستقواء عليه، وهو نمط مكشوف وقديم لا يخص هذه المرحلة»، على حد قول نعناع.
واختلف التحالف الشيعي فيما بينه في التعامل مع النظام السوري الجديد و«أزمة قانون الحشد».
ويمنع قانون الانتخابات مشاركة «البعثيين» وأعضاء الأجهزة القمعية السابقة في الانتخابات، لكن ماجد شنكالي، نائب كردي، يقول إن «حزب البعث لم يعد موجوداً، وأغلب أعضائه كبار السن أو توفّوا».
ويُعتقد أن «التصريحات النارية» في وقت الانتخابات تتعلق بالبحث عن «إقناع الجمهور» بالمشاركة في الاقتراع، وفق ما يقوله الأكاديمي والباحث باسل حسين.
ويضيف أن هناك «توقعات بانخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات، وجمهور المقترعين غالباً يتكون من قواعد زبائنية مرتبطة بالأحزاب المتنفذة».
وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات استبعاد 647 مرشحاً من السباق الانتخابي حتى الآن، مشيرة إلى أن ثلاثة مرشحين فقط تمكنوا من العودة بموجب قرارات قضائية.
وأكد المستشار القانوني للمفوضية، الحسن قبس، أن جميع قرارات الاستبعاد تصدر استناداً إلى القانون، نافياً تعرض المفوضية لأي ضغوط سياسية أو خارجية.
وأوضح قبس أن القانون يلزم المفوضية بإرسال أسماء المرشحين إلى «13 جهة تدقيقية»، من بينها وزارتا الدفاع والداخلية، وهيئة النزاهة، وهيئة المساءلة والعدالة، والأمن الوطني، وجهاز المخابرات.
وأضاف أن المفوضية ملزمة بتنفيذ ما يرد من تلك الجهات، وفي حال ثبوت مؤشرات قانونية أو أمنية، يتم اتخاذ قرار الاستبعاد.
وأشار قبس إلى أن جميع قرارات الاستبعاد قابلة للطعن أمام الهيئة القضائية المختصة، إذ يمنح القانون المرشح أو الحزب مهلة ثلاثة أيام لتقديم الطعن أو استبدال المرشح، فيما تُلزم الهيئة القضائية بالبت خلال عشرة أيام.
وأكد أن المفوضية تعيد أي مرشح حال صدور قرار قضائي بإرجاعه، بينما تعتمد الاستبعاد إذا ثبتت صحته من الجهات المختصة.
ومن ضمن المستبعدين المتوقعين بالانتخابات، أعلنت النائبة عالية نصيف خوضها الانتخابات النيابية رسمياً.
وقالت نصيف في منشور على حسابها بمنصة (إكس): «بتوفيق من الله سبحانه، سأخوض الانتخابات رسمياً، وخاب مسعى الأبواق الرخيصة».
وأضافت: «أتوجه بالشكر الجزيل والعرفان والامتنان لأصحاب المقام العالي والشخصيات الحكومية والسياسية التي ساندتني ودعمتني، لن أنسى مواقفكم النبيلة المشرفة».
كما عبرت نصيف، ضمن تحالف رئيس الحكومة «الإعمار والتنمية»، عن شكرها لجمهورها الوفي الذي وقف إلى جانبها في السراء والضراء، مؤكدة أنها ستبقى تخدمهم وتؤدي رسالتها.
وكانت المفوضية قد أعادت النائب حسنين الخفاجي عن ائتلاف رئيس الحكومة، والقائد العسكري ومحافظ نينوى السابق، نجم الجبوري، فيما رفضت طلبات استبعاد رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي.