الوثيقة | مشاهدة الموضوع - عودة الاتصالات الأميركية – العراقية.. والسوداني في طريقه إلى واشنطن لولا "عقدة الفصائل"
تغيير حجم الخط     

عودة الاتصالات الأميركية – العراقية.. والسوداني في طريقه إلى واشنطن لولا "عقدة الفصائل"

القسم الاخباري

مشاركة » الخميس أكتوبر 23, 2025 2:27 pm

3.jpg
 
بغداد/ تميم الحسن

من المرجّح أن يقوم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بزيارة إلى واشنطن خلال الأيام القليلة المقبلة، أي قبيل الانتخابات المقرّرة في تشرين الثاني القادم، في خطوة قد تُعدّ – وفق مصادر سياسية – ضربة انتخابية موجعة لخصومه في الداخل.
وتستند هذه الترجيحات إلى ما يمكن وصفه بعودة الدفء إلى العلاقات العراقية – الأميركية، بعد فترة من البرود استمرّت نحو أربعة أشهر، انتهت أخيرًا باتصال هاتفي بين السوداني ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو مساء الثلاثاء.
لكن هذه التحركات ما تزال رهينة عقدة «الفصائل المسلحة»، إذ لم تنجح بغداد بعد في تلبية الشرط الأميركي الأساسي المتمثل في نزع سلاح الجماعات المدعومة من إيران، رغم تنفيذها شرطًا سابقًا تمثّل في إطلاق سراح الباحثة الإسرائيلية تسوركوف.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية، مساء الثلاثاء الماضي، إن الوزير ماركو روبيو أجرى اتصالًا هاتفيًا مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، جرى خلاله بحث قضايا اقتصادية تتعلق بقطاع النفط وملف نزع سلاح الميليشيات.
غير أن بيان الحكومة العراقية حول الاتصال تجنّب الإشارة إلى الملف الأمني المتعلق بالفصائل المسلحة، مكتفيًا بالتأكيد على الجوانب الاقتصادية والتعاون الثنائي. ويظهر في نص البيان المنشور أمس تحذير من أي خطوات أحادية الجانب قد تتخذها واشنطن خارج إطار التواصل والتشاور.
ويرجّح أن هذا التحذير يعكس مخاوف الحكومة من احتمالية توجيه «ضربات عسكرية» أو فرض «عقوبات اقتصادية» جديدة على شخصيات ومؤسسات مرتبطة بالفصائل المسلحة، ما يشير إلى حساسية بغداد في إدارة التوازن بين الالتزامات الدولية وضغوط القوى المحلية.
وأضاف بيان الخارجية الأميركية: «ناقش الوزير ورئيس الوزراء الجهود المبذولة لاستكمال الصفقات التجارية الأميركية في العراق. وهنّأ الوزيرُ رئيسَ الوزراء على استئناف تصدير النفط عبر خط أنابيب العراق – تركيا، الأمر الذي سيعود بالفائدة على العراق وتركيا والشركات الأميركية».
وشدّد الوزير على أهمية نزع سلاح الميليشيات المدعومة من إيران التي تقوّض سيادة العراق، وتهدّد حياة ومصالح الأميركيين والعراقيين، وتنهب موارد العراق لصالح إيران.
وأعاد الوزير، بحسب الخارجية الأميركية، التأكيد على التزام الولايات المتحدة بالعمل عن كثب مع الشركاء العراقيين لتعزيز مصالحنا المشتركة، والمتمثّلة في حماية سيادة العراق، ودعم الاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقاتنا الاقتصادية.
تسلسل زمني للأحداث
وكان آخر اتصال جرى بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني والوزير الأميركي في آب الماضي، حيث تناول الأخير خلاله الهجمات التي استهدفت منشآت الطاقة في إقليم كردستان، إضافة إلى ملف قانون الحشد الشعبي الذي كانت بغداد قد تراجعت عن المضيّ في تطبيقه.
ويُنظر إلى ذلك الاتصال في حينه على أنه تعبير عن اعتراض أميركي واضح على تصاعد نشاط الجماعات المسلحة مجددًا، بعد سلسلة هجمات استهدفت منشآت نفطية في إقليم كردستان خلال تموز الماضي.
وجاء الاتصال في ظل استياء واشنطن من تراجع بغداد عن وعودها السابقة التي تضمنت خطة دمج الفصائل المسلحة ضمن العملية السياسية وتحويلها إلى كيانات مدنية أو أحزاب قانونية، بدلًا من استمرارها كقوى موازية لمؤسسات الدولة.
وبحسب مصادر سياسية، فإن هذا الموقف الأميركي كشف عن فتور في العلاقة بين بغداد وواشنطن، الذي بدأ يتبدد تدريجيًا بعد عملية إطلاق سراح الباحثة الإسرائيلية المثيرة للجدل تسوركوف.
وكان ذلك الاتصال سبق قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإرسال مبعوثه الجديد إلى بغداد، مارك سافايا، وهو عراقي مسيحي الأصل.
ويُعتقد أن سافايا لعب دورًا محوريًا في عملية إطلاق سراح الباحثة الإسرائيلية تسوركوف دون أي مقابل، ما أعاد تنشيط العلاقات بين بغداد وواشنطن.
وظهرت أولى مؤشرات عودة الدفء في العلاقة بين بغداد وواشنطن خلال المصافحة الشهيرة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني في مؤتمر شرم الشيخ الأسبوع الماضي.
وقد أثار حديث الرئيس الأميركي في المؤتمر عن «نفط العراق» الكثير من الانتباه، إذ اعتبره المراقبون إشارة واضحة إلى اهتمام واشنطن المباشر بالملف الاقتصادي العراقي.
ويُعتقد، بناءً على تلك التطورات، أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني سيكون قريبًا من زيارة واشنطن خلال الأيام المتبقية قبل الانتخابات، المقرّرة بعد أقل من عشرين يومًا، وفق مصادر سياسية تحدثت لـ(المدى).
وتُعدّ هذه الزيارة – إذا حصلت بالفعل – مؤشرًا على صعود أسهم رئيس الحكومة سياسيًا، إذ قد تعزز مكانته أمام خصومه الداخليين وتبرز دوره في تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع واشنطن، لا سيما في ملفات النفط، والاستثمار، وضبط الفصائل المسلحة.
«عقدة الفصائل»
بدوره، قال غازي فيصل، الدبلوماسي السابق، إن اتصال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو برئيس الوزراء يُعتبر مؤشرًا على «عودة الاتصالات بين بغداد وواشنطن، ويشكّل امتدادًا للمصافحة السريعة التي جرت بين ترامب والسوداني خلال مؤتمر شرم الشيخ».
وأضاف لـ(المدى): «هناك قدر من الانفراج، لكن هذا الانفراج ما زال مشروطًا بمبادئ وضعتها واشنطن تجاه العراق، تتعلق بالفصائل المسلحة التي تعتبرها أميركا، كما أشار روبيو، سببًا أو وسيلةً لنهب ثروات العراق وإفقار الشعب العراقي، وتحويل هذه الثروات والأموال إلى إيران، وارتباط هذه الفصائل بالاستراتيجية الإيرانية في المنطقة».
وأكد فيصل أن موقف روبيو في مسألة نزع سلاح الفصائل هو موقف لن يتغير، مضيفًا أنه واحدة من الاتجاهات الاستراتيجية الأساسية لواشنطن نظرًا لطبيعة المواجهة بين الفصائل وأميركا.
وأشار فيصل إلى أن قيادات هذه الفصائل تعلن باستمرار مقاومتها للوجود الأميركي في العراق ونفوذ الولايات المتحدة في المنطقة، وتواصل مهاجمة السفارة الأميركية بالقذائف الصاروخية (كاتيوشا) قبل الهدنة التي بدأت قبل عدة أشهر، واستهداف المصالح الاقتصادية والشركات النفطية في إقليم كردستان.
ويرى فيصل، الذي يرأس أيضًا المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، أن بقاء الفصائل المسلحة يعني استمرار العراق تحت طائلة قانون الطوارئ الأميركي الذي يُجدّد سنويًا من قِبَل الرئيس، مما يبعث تحذيرًا للمستثمرين والشركات الأميركية وحتى للأفراد من القدوم إلى العراق باعتباره بلدًا غير آمن.
وأضاف أن تفكيك الفصائل يمثل أولوية استثنائية وهدفًا استراتيجيًا من وجهة النظر الأميركية، لإتاحة الفرصة للشركات الأميركية وغيرها للمجيء إلى العراق وخلق فرص حقيقية للاستثمار في تطوير الخدمات والصناعة.
وخلص إلى أنه دون ضمان أمن واستقرار حقيقيين، لن تتجه الشركات الأميركية للاستثمار في العراق.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار