الوثيقة | مشاهدة الموضوع - استعدادات في الجيش الإسرائيلي لاحتمالية حدوث حرب مع حزب الله بتنسيق مع الولايات المتحدة
تغيير حجم الخط     

استعدادات في الجيش الإسرائيلي لاحتمالية حدوث حرب مع حزب الله بتنسيق مع الولايات المتحدة

القسم الاخباري

مشاركة » الجمعة نوفمبر 21, 2025 5:19 pm

2.jpg
 
بعد أكثر من شهر على اتفاق وقف إطلاق النار، الذي أنهى الحرب كما يبدو في قطاع غزة، فان وضع إسرائيل الإقليمي يشبه سطح مكتب الحاسوب الذي تم فيه ترك كل علامات التبويب مفتوحة. رغم الاتفاق الذي فرضه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إسرائيل وحماس، ورغم الإنجازات العسكرية الواضحة في جبهات أخرى، إلا أنه لم يتم إغلاق أي شيء وبحق.

الإنجازات العسكرية لم تترجم إلى اتفاقات سياسية ملزمة. بعد كمية السلاح الهستيرية التي أطلقتها وألقتها إسرائيل في أرجاء المنطقة، إلا أن معظم مشكلاتها الاستراتيجية بقيت على حالها. الأسلوب المحموم والمتناقض الذي تدار فيه السياسة الخارجية الأمريكية، والقيود السياسية المفروضة على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وخوفا مما يمكن أن يعتبره اليمين تنازلا وضعفا – كل ذلك يصعب على حل المشكلات التي ما زالت مشتعلة. يتجلى عدم اليقين وعدم الاستقرار العميق في كل مكان، إلى جانب التراجع الواضح لتأثير إسرائيل في السياسة الأمريكية في المنطقة.

العامل الكابح الرئيسي بقي هو الخوف المشترك، الذي تتقاسمه جميع الأطراف في الشرق الأوسط، من ردود فعل ترامب. إلى جانب الرئيس جميعهم، حتى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي استقبل بحفاوة ملكية في البيت الأبيض في هذا الأسبوع، يفضلون الحذر. ايضا تحاول قطر وتركيا، المستفيدتان الرئيسيتان من تحركات ترامب في الأشهر الأخيرة، عدم اغضاب الرئيس. المشكلة هي أن الإدارة الأمريكية نفسها ما زالت تعاني من فوضى هيكلية، تتأرجح حسب أهواء ترامب وتفضيلاته الشخصية، وتتجلى قوة الرئيس في الشرق الأوسط خلافا لتقاعسه في مواجهة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتتفوق قوته في المنطقة على أي انجاز حققه سلفه جو بايدن. ولكن الأمريكيين يواجهون سلسلة من المشكلات المستمرة، التي يبدو أن الإدارة ليس لديها أي فكرة عن كيفية التخلص منها.

الموضوع الملح الآن هو لبنان وليس غزة. قبل بضعة أشهر كان ينظر إلى لبنان على انه قصة نجاح أمريكية ـ إسرائيلية. وعلى النقيض تماما من هجوم حماس على غلاف غزة في 7 أكتوبر، فإنه في الساحة الشمالية كانت إسرائيل هي التي بادرت وأخطأ عدوها حزب الله في فهم نواياها. النتيجة كانت فشلا عسكريا كبيرا لحزب الله. في تموز – تشرين اول 2024 تم القضاء على معظم القيادة العليا في حزب الله، وعلى رأسها حسن نصر الله. ويعتبر نائبه نعيم قاسم، الذي استبدله، شخصية شاحبة يصعب عليها تولي منصب القائد. أيضا تضررت القدرة العسكرية لحزب الله بشدة، والأكثر من ذلك هو أن الحكومة والجيش في بيروت، تحت إدارة جديدة، بتشجيع أمريكي، ظهروا مستعدين لأول مرة لمواجهة حزب الله ومحاولة نزع سلاحه، على الأقل في المناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني.

هذا الأمل تلاشى في الصيف الأخير. حزب الله تبين أنه عدو عنيد وذكي أكثر مما اعتقدوا في واشنطن. هذا الحزب لم يسارع إلى الخضوع للضغوط، وفي هذه الاثناء استأنف جهود التسلح وزاد حضور رجاله السري، أيضا جنوب نهر الليطاني. إسرائيل ردا على ذلك قامت بتصعيد القصف الجوي، أكثر من 350 مقاتل من مقاتلي حزب الله قتلوا في هذه الهجمات منذ وقف إطلاق النار في نهاية تشرين الثاني السنة الماضية. وتيرة الهجمات وحجمها ازداد في الأشهر الأخيرة. في هذا الأسبوع، بشكل استثنائي، قصف أيضا هدف لحماس في جنوب لبنان، في مخيم عين الحلوة للاجئين قرب صيدا، 14 فلسطينيا قتلوا.

للوهلة الأولى كل الدلائل تشير إلى تصعيد جديد قريب من الجانب الإسرائيلي. وقد بدأ الجيش الإسرائيلي بالفعل بالتحدث عن احتمالية “أيام قتال”، أي بضعة أيام من المناوشات المركزة مع حزب الله، في محاولة لإنعاش جهود فرض القانون ضده. من الواضح أن الحزب سيدخل إلى هذا الصراع وهو أضعف مما كان عليه في السابق، لكن قيادته قد تعتقد أنه لا يوجد أمامها خيار. ومن المستحيل التقليل من الضرر المعنوي الذي سيسببه مثل هذا التصعيد للجبهة الداخلية الإسرائيلية، في ساحة معظم الجمهور فيها توقف عن متابعة ما يحدث فيها يوميا.

في الخلفية لا يمكن تجاهل السلوك السياسي لنتنياهو. تبريره، الذي لا يخلو من المنطق، يعتمد على دروس 7 أكتوبر: إسرائيل لن تضبط نفسها مرة أخرى وتستوعب الأمور إزاء بناء القوة العسكرية لأعدائها، من أجل أن لا تقابل تنظيمات إرهابية نمت ووصلت إلى حجم الجيش. ولكن يوجد لرئيس الحكومة كما يبدو اعتبارات أخرى، حيث الانتخابات تقترب.

نتنياهو يطور بانتظام الوعي بوجود عدو خارجي في الفترة التي تسبق الانتخابات: من إيران (دائما) ومرورا بحماس والسلطة الفلسطينية وانتهاء بداعش. في غزة، وربما في إيران أيضا، يداه مقيدة حاليا. الظروف الاقتصادية قاتمة جدا، وهو يفكر الآن في إقرار قانون الإعفاء من الخدمة غير الشعبي. وفي هذه الحالة يقيده الحفاظ على أجندة أمنية ثابتة في الفترة التي تسبق الانتخابات، حتى لو ذكر الناخبين بأنه لم يتم إنجاز أي مهمة عسكرية. نتنياهو ما زال يمكنه تقديم نفسه كحامي الوطن، وأنه هو الذي هزم إيران وحماس (لنفترض ذلك). لم تبق إلا مسألة صغيرة لحسمها في بيروت، ولكنه سيقول من الذي يمكن الاعتماد عليه غيره؟

إذا وصلنا إلى أيام قتال في لبنان، فان المعنى هو أن نتنياهو قد حصل على ضوء أخضر على ذلك من ترامب. لا يجب استبعاد إمكانية أنه يوجد هنا استخدام ضغط علني بمصادقة أمريكية، بهدف تحقيق مرونة من قبل الحكومة اللبنانية.

في سوريا، واشنطن بحاجة إلى كبح وهي تامل الدفع قدما بخطوات سياسية في القناة الإسرائيلية. رئيس الحكومة قام في هذا الأسبوع بزيارة مغطاة إعلاميا مع وزراء وضباط في المناطق التي احتلتها إسرائيل قبل سنة في هضبة الجولان وجبل الشيخ، بدون تفسير مقنع. هذا يبدو كمحاولة لتسخين هذا القطاع والتلميح للرئيس السوري احمد الشرع بانه لا يوجد حقا ما يدور الحديث عنه رغم التوقعات من واشنطن.

أيضا النافذة الإيرانية غير مغلقة حقا. بعد إنجازات حرب الـ 12 يوما في حزيران الماضي. لقد الحقت إسرائيل ضررا كبيرا بالنظام ومشروعه النووي، وحصلت على دعم أمريكي كبير، وكسرت الحاجز النفسي الذي منعها من مهاجمة إيران لعقدين من الزمن. من جهة أخرى، يبدو أن المرشد الأعلى علي خامنئي لا يظهر أي نية للتخلي عن المشروع النووي، إسرائيل تشعر بالقلق من تجدد انشغال إيران بالبنية التحتية لتخصيب اليورانيوم، وتشعر بقلق خاص من الوتيرة السريعة لتعافي صناعة الصواريخ البالستية.

إيران ما زالت مكشوفة تماما أمام الهجوم، إزاء الاضرار بمنظومة دفاعها الجوي. أزمة المياه الشديدة التي تصل إلى درجة انقطاع التزويد لبضع ساعات في اليوم، تضع النظام في موقف محرج أمام مواطنيه. ولكن اللمسة الأخيرة المطلوبة هنا هي أمريكية، وهي غائبة حتى الآن. وتتعلق بصياغة اتفاق نووي جديد يجدد الرقابة على تحركات إيران ويبقي النظام على مسافة آمنة من انتاج القنبلة النووية. في ظل غياب اتفاق فانه لا يوجد حديث عن اتفاق بعيد المدى في الملف النووي.

قواعد اللعب الجديدة تجسدت جيدا في لقاء ترامب وبن سلمان في هذا الأسبوع. في وسائل الإعلام الإسرائيلية نشر قبل اللقاء في واشنطن بخوف أن الرئيس من شأنه أن يزود السعودية بطائرات اف35 المتقدمة مقابل الدفع قدما بالتطبيع مع إسرائيل (هكذا، المس بمبدأ ضمان التفوق العسكري النوعي لإسرائيل الذي حرصت كل الإدارات الأمريكية عليه لخمسة عقود). تبين أن الامر ليس كما كانت تصرخ: ترامب مستعد بالفعل لبيع الطائرة للسعودية، لكن التطبيع غير مطروح على الإطلاق. بن سلمان مستعد للمضي قدما في هذا الامر، نظريا، اذا تم تحديد مسار واضح لإقامة الدولة الفلسطينية في غضون خمس سنوات. ترامب مستعد لمنح ولي العهد هدايا أخرى، رغب فيها السعوديون جدا مثل حلف دفاع والموافقة على إقامة مشروع نووي مدني برعاية أمريكية. وهذا سيكون له ثمن أيضا، لكن ليس بالعملة التي تناسب إسرائيل.

الصداقة بين الرئيس الأمريكي ونتنياهو لم تضعف بالضرورة، بل هي ببساطة يتم وضعها في سياقها الحقيقي في ضوء الانبهار الذي تثيره ميزانيات دول الخليج اللامتناهية في ترامب. أوهام اليمين المسيحاني – السيادة في الضفة الغربية، التهجير، إقامة المستوطنات في غزة – تلاشت تماما. ترامب يستمع لنتنياهو، لكنه هو الذي يحدد القواعد، بالضبط مثلما فرض عليه إنهاء الحرب في إيران في شهر حزيران وفي غزة في تشرين الأول.

قبل استكمال صفقة الرهائن الثالثة والأخيرة قدروا في “أمان” انه سيكون من الصعب جدا إقناع حماس بالتنازل عن المخطوف الأخير الحي. عمليا، العشرين مخطوفا الاحياء تم تحريرهم دفعة واحدة، وبعدهم تمت إعادة جميع الجثث باستثناء ثلاثة، (عدد أعلى بكثير مما كان متوقعا)، رغم ان الولايات المتحدة وإسرائيل تستمران في الضغط على حماس من أجل العثور على وإعادة الثلاثة الباقين. ضابط رفيع في الجيش الإسرائيلي يقول بأن السؤال هو كيف فعل ترامب ذلك، أي ما الذي وعدت به أمريكا، قطر والوسطاء الاخرين، حماس في المقابل؟ المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف سبق له والتقى مع وعانق الشخصية القيادية الرفيعة في حماس، خليل الحية، عشية الصفقة. الإدارة الأمريكية الحالية تسمح لنفسها بتقديم بادرات حسن نية ودية لحماس مثلما لم تخطر ببال أي إدارة ديمقراطية في واشنطن.

مجلس الامن مرر في هذا الأسبوع صيغة قرار طلبه الأمريكيون، صادق على تشكيل قوة الاستقرار الأمني في القطاع. بدون أن يكون لها خيار، إسرائيل أدخلت من الباب الرئيسي وجودا اجنبيا إلى المناطق الفلسطينية، وهو تنازل حذر منه نتنياهو منذ التسعينيات. هذا ليس مجرد تدويل للنزاع، الذي في حالة نجاح مفاجئ له في القطاع سيكون هناك رغبة في استنساخه أيضا في الضفة الغربية. القرار أيضا يخلق علاقة جديدة بين القطاع والضفة الغربية، وهو توجه آخر حاول نتنياهو وقفه في إطار سياسة “فرق تسد”، التي اتبعها خلال سنين بهدف التفريق بين حماس والسلطة الفلسطينية وإثارة النزاع بينهما. هذا يحدث، سواء بواسطة الاعتراف بالخطة الفرنسية ـ السعودية أو تبني خطة ترامب، التي تعطي السلطة الفلسطينية موطئ قدم في القطاع (مثلا معبر رفح، كما حدث لفترة قصيرة في وقف إطلاق النار في كانون الثاني الماضي) بدون ربط ذلك بالإصلاحات المسبقة.

القوة الدولية ما زالت لغزا. الدول العربية والإسلامية ستوافق على إرسال القوات من أجل إرضاء الأمريكيين، لكنها في الوقت الحالي غير مستعدة في أي حال من الأحوال المخاطرة بشعبها داخل نصف قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس، حيث يتركز معظم السكان الفلسطينيين. لا أحد في الشرق الأوسط يتطوع لنزع سلاح حماس: قد يكون الثمن باهظا على القادة، على جبهتهم الداخلية. لم تحل الإدارة الأمريكية هذا التحدي بعد: ربما يكون إشراك قوة فلسطينية بديلة أمر ضروري، لكن يجب ان تكون مرتبطة بالسلطة الفلسطينية (إسرائيل تعارض ذلك، وتخاطر باحتكاك نشط مع حماس. السلطة غير متحمسة لذلك).

مع عدم إحراز أي تقدم حقيقي على الأرض حتى الآن فانهم يصورون كبديل مركز التنسيق الدولي الذي أقيم في كريات غات. الأمريكيون هم الذين يقررون، وهم أيضا يحرصون على تأكيد ذلك للإسرائيليين، لكنهم يتلمسون في الظلام صياغة الاتفاق الذي سيتم تطبيقه في نهاية المطاف في قطاع غزة. صندوق مساعدة غزة الذي لم يحقق أهدافه في توزيع الغذاء، الذي شهد مجازر جماعية قرب مواقعه اللوجستية لم يختف بالكامل. ما زال نشطاء مسيحيون افنغلستيون ورجال أعمال إسرائيليون وضباط في الاحتياط، معظمهم على صلة بنتنياهو، يثيرون المشاكل.

عاموس هرئيل

هآرتس – 21/11/2025
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار