بورت سودان-(أ ف ب) – أعلنت قوات الدعم السريع الاثنين سيطرتها على مدينة بابنوسة، آخر معاقل الجيش في غرب كردفان، في وقت تشتد المعارك في الإقليم الواقع بجنوب السودان، ما تسبب في مقتل العشرات ونزوح الآلاف.
وأكدت قوات الدعم السريع في بيان تحقيق “انتصار ساحق حيث تمكنت قوات تأسيس (المتحالفة مع الدعم السريع).. من تنفيذ عملية عسكرية دقيقة أدت إلى تحرير الفرقة 22 ومدينة بابنوسة بالكامل، وتحييد التهديدات العسكرية التي استهدفت المدنيين في عدد من المناطق”.
وقال البيان إن العملية العسكرية لقوات تأسيس في بابنوسة جاءت ردا على “هجوم مباغت على مواقع قوات تأسيس في مدينة بابنوسة، رغم التزامنا الكامل بالهدنة الإنسانية ووقف إطلاق النار منذ لحظته الأولى”.
وكانت قوات الدعم السريع أعلنت الأسبوع الماضي هدنة إنسانية لمدة ثلاثة شهور من طرف واحد بناء على مقترح قدمته الرباعية الدولية بشأن السودان ورفضه الجيش.
والسبت قُتل 40 شخصا على الأقل وأصيب آخرون في قصف استهدف منطقة كُمو بجنوب كردفان، نسبته قوات الدعم السريع ومجموعة حقوقية إلى الجيش.
واتّهمت قوات الدعم السريع في بيان الأحد الجيش بتنفيذ “هجوم بطائرة مسيّرة على منطقة كُمو بإقليم جنوب كردفان/جبال النوبة” صباح السبت.
وقالت المتحدثة باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال المتحالفة مع الدعم السريع لوكالة فرانس برس إنّه “يوم 29 (تشرين الثاني) نوفمبر قصف طيران ومسيرات (الجيش مدينة) كاودا ومناطق حولها تسيطر عليها الحركة”.
من جهتها، قالت مجموعة “محامو الطوارئ” في بيان الاثنين إنّ “الجيش استهدف في قصف جوي يوم السبت 29 (تشرين الثاني) نوفمبر منطقة كُمو التابعة لمحلية هيبان بولاية جنوب كردفان مدرسة حكيمة للتمريض العالي ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا من الطلاب وإصابة آخرين بجروح بالغة”.
وقال كافي كالو، من أهالي بلدة هيبان، لفرانس برس عبر تطبيق واتساب “سمعنا أن طائرة ضربت كُمو، ذهبت إلى هناك حيث يعيش أقاربي ورأيت النيران مشتعلة في مدرسة التمريض والناس تحاول إطفائها”.
وأضاف كالو الذي اتصل بالإنترنت عن طريق شبكة ستارلينك الفضائية “خرجت 40 جنازة من كُمو” في ذلك اليوم.
بدوره، أفاد تيه عيسى بأنه توجه وآخرون من أهالي هيبان إلى كُمو للمساعدة “في حفر القبور. الموت كان كثيرا. حفرنا أكثر من 40 قبرا”.
وأكد مصدر عسكري بالجيش السوداني لفرانس برس أن “القوات المسلحة لا تقصف المدنين ولا تستهدف منشآت مدنية”.
وبحسب بيانات منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة نزح أكثر من خمسة آلاف شخص من عدة قرى صغيرة بجنوب كردفان “بسبب انعدام الأمن” خلال تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
– “نظام مدني” –
وسيطرت قوات الدعم السريع في نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي على الفاشر في شمال دارفور ما أدى إلى إحكام سيطرتها على إقليم دارفور المجاور لكردفان بالكامل.
ومنذ ذلك الحين، اتسعت رقعة المعارك إلى منطقة كردفان الغنية بالنفط والأراضي الزراعية.
وتعتبر منطقة كردفان الممتدة بين وسط السودان وجنوبه خطا واصلا بين إقليم دارفور والعاصمة الخرطوم التي سيطر عليها الجيش في وقت سابق من العام.
وبعد أسابيع من سقوط الفاشر أعلنت الدعم السريع الهدنة من طرف واحد “استجابة للجهود الدولية، بما في ذلك مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووسطاء” من المجموعة الرباعية التي تضم الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر.
من جانبه رفض قائد الجيش عبد الفتاح البرهان مقترح الهدنة المقدم من الرباعية الدولية، غير أنه ناشد الرئيس الأميركي العمل على إحلال السلام في السودان.
ووصف البرهان مقترح الهدنة بأنه “الأسوأ حتى الآن”، فيما دعا مبعوث ترامب إلى إفريقيا مسعد بولس طرفي الحرب إلى قبول الهدنة دون شروط مسبقة، معتبرا أنها “خطوة حاسمة نحو حوار مستدام” و”الانتقال إلى نظام مدني”.
وأسفرت الحرب المستمرة منذ نيسان/أبريل 2023 إلى تقسيم البلاد فعليا إلى مناطق نفوذ، إذ يسيطر الجيش على شمال وشرق البلاد فيما تسيطر قوات الدعم السريع على الغرب وأجزاء من الجنوب.
وتسببت الحرب في مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 12 مليونا داخل البلاد وخارجها، ما أدى إلى “أسوأ أزمة إنسانية في العالم” بحسب الأمم المتحدة.