الوثيقة | مشاهدة الموضوع - نيويورك تايمز: حزب الله تراجع لكنه لم يُهزم بعد.. ولبنان تحت ضغط نزع سلاحه
تغيير حجم الخط     

نيويورك تايمز: حزب الله تراجع لكنه لم يُهزم بعد.. ولبنان تحت ضغط نزع سلاحه

القسم الاخباري

مشاركة » الثلاثاء ديسمبر 23, 2025 11:26 am

2.jpg
 
لندن- “القدس العربي”:

نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا لآرون بوكسرمان، وإيوان وورد، وناتان أودنهايمر، وهويدا سعد، يتحدث عن صورة مرحلة انتقالية دقيقة في لبنان: حزب الله تراجع عسكريًا وخسر جزءًا مهمًا من قوته وشبكة دعمه، لكنه لم يُهزم ولم يُنزع سلاحه بعد، فيما تتعرض الدولة اللبنانية لضغوط أمريكية- إسرائيلية متزايدة لإنهاء هذا الملف بحلول نهاية 2025.

ويخلص المقال إلى أن نجاح نزع السلاح يعتمد على توازن شديد الهشاشة بين إضعاف الحزب من الداخل عبر الدولة والجيش، وتجنّب تصعيد إسرائيلي قد يقوّض الحكومة اللبنانية نفسها ويعيد ترسيخ سردية “المقاومة” بدل تفكيكها.

ويقول كتّاب المقال: “قبل عام، تعهّدت الحكومة اللبنانية بنزع سلاح حزب الله، في أعقاب وقفٍ لإطلاق النار أنهى صراعًا دام عامًا بين إسرائيل والجماعة المسلحة الأقوى في لبنان”.

غير أن وتيرة التنفيذ جاءت أبطأ بكثير مما كانت تأمله واشنطن وتل أبيب، ما أثار استياءً متزايدًا لدى مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين. ورغم سريان الهدنة، واصل الجيش الإسرائيلي شنّ ضربات شبه يومية على ما يقول إنها أهداف لحزب الله داخل لبنان.

ورغم إعلان الحزب أنه سحب مقاتليه من المناطق القريبة من الحدود مع إسرائيل، وخسارته جزءًا كبيرًا من ترسانته خلال الحرب، يؤكد مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون أن الجماعة تعمل على إعادة بناء قدراتها العسكرية، وهو ما يعيد إلى الواجهة احتمال اندلاع جولة جديدة من القتال.

وفي مؤشر لخطورة المرحلة، التقى موفدون من إسرائيل ولبنان يوم الجمعة في محادثات مباشرة نادرة، هي الثانية خلال أسابيع، عُقدت تحت رعاية لجنة مراقبة وقف إطلاق النار التي تقودها الولايات المتحدة.

ويقول مسؤولون أمريكيون إنهم يريدون من الحكومة اللبنانية نزع سلاح حزب الله بحلول نهاية عام 2025، غير أن قدرة بيروت على تحقيق هذا الهدف تبقى موضع شك كبير.

معضلة الداخل اللبناني

يحذّر محللون لبنانيون من أن الاندفاع السريع نحو نزع السلاح، من دون الحصول على تنازلات إسرائيلية موازية، مثل وقف الضربات الجوية والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، قد ينطوي على مخاطر داخلية جسيمة.

فحزب الله ليس مجرد ميليشيا مسلحة، بل حزب سياسي ممثل في البرلمان، ويتمتع بقاعدة اجتماعية واسعة داخل الطائفة الشيعية. وأي محاولة لتفكيكه بالقوة أو من دون غطاء سياسي وأمني كافٍ قد تهزّ الاستقرار الهش في البلاد.

ويبقى احتمال العودة إلى الحرب مرتبطًا إلى حدّ كبير بمدى نجاح حزب الله في إعادة تنظيم صفوفه وإعادة تسليح نفسه منذ انتهاء القتال.

ماذا تبقّى من حزب الله؟

دخل حزب الله الحرب الحالية عندما عقب هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 الذي قادته حركة حماس على جنوب إسرائيل، بإطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة باتجاه إسرائيل دعمًا لحليفه الفلسطيني.

ومع تصاعد المواجهة، نزح أكثر من مليون شخص داخل لبنان، وتحوّلت بلدات إسرائيلية حدودية إلى مناطق شبه خالية، وقُتل ما لا يقل عن أربعة آلاف شخص، غالبيتهم في لبنان.

وبدعم إيراني طويل الأمد، راكم حزب الله قوة عسكرية فاقت قدرات الجيش اللبناني نفسه، مستندًا إلى أسلحة متطورة وآلاف المقاتلين ذوي الخبرة. وكانت ترسانته الصاروخية -التي يُعتقد أنها تضم عشرات آلاف الصواريخ- ركيزة أساسية في روايته بوصفه “قوة ردع” في مواجهة إسرائيل.

لكن الحرب الأخيرة شكّلت ضربة قاسية للحزب. فقد خسر آلاف المقاتلين، كما فقد زعيمه البارز حسن نصر الله الذي اغتالته إسرائيل.

ومنذ ذلك الحين، لم يُعد الحزب قادرا على إعادة بناء وجوده العسكري بشكل ملموس في جنوب لبنان، وفقًا لمسؤولين من إسرائيل ولبنان والأمم المتحدة، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم. ويؤكد الحزب أنه لم يعد يحتفظ بـ”وجود مسلح” جنوب نهر الليطاني، الذي يُنظر إليه منذ سنوات كخط فاصل رئيسي.

غير أن إسرائيل ترى أن هذا الانسحاب لم يكن طوعيًا، بل نتيجة ضغط عسكري متواصل. فمنذ وقف إطلاق النار، واصلت قصف لبنان، ولا تزال تحتل عدة نقاط داخل أراضيه، رغم تعهّدها الأولي بالانسحاب.

أما شمال نهر الليطاني، فلا يزال حزب الله حاضرًا بقوة، بحسب مسؤولين إسرائيليين ولبنانيين. ففي يونيو/ حزيران، قصفت إسرائيل ما قالت إنها مصانع تحت الأرض قرب بيروت لإنتاج طائرات مسيّرة، وفي الشهر الماضي اغتالت طائراتها القيادي العسكري البارز هيثم علي طبطبائي في ضربة قرب العاصمة.

شبكة الدعم تتفكك

تواجه محاولات حزب الله لإعادة التسلح تحديات متزايدة، مع تآكل شبكة الدعم الإقليمي التي كانت تسنده.

فإيران، الداعم الرئيسي للحزب، تلقت ضربات إسرائيلية موجعة خلال حرب استمرت 12 يومًا في يونيو/ حزيران. ورغم تمكنها من تحويل عشرات الملايين من الدولارات إلى الحزب منذ مطلع العام عبر شبكات مالية غير رسمية، وفق وزارة الخزانة الأمريكية، يرى محللون أن هذا الدعم لم يعد كافيًا لتغطية نفقات الحزب المتزايدة.

كما أن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا العام الماضي، قطع خط إمداد حيويًا كان يُستخدم لتهريب الأموال والأسلحة.

وفي خطاب متلفز، أكد زعيم الحزب الحالي نعيم قاسم أن نزع السلاح الكامل “غير مطروح”، معتبرًا أن ذلك “مطلب أمريكي- إسرائيلي يهدف إلى تجريد المقاومة من قوتها”.

ويصف محللون مقرّبون من الحزب المرحلة بأنها سباق بين إعادة بناء القدرات العسكرية ومحاولة تجنّب حرب جديدة قد تكون أكثر كلفة.
هل تتجه إسرائيل إلى التصعيد؟

ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تفضيله أن تنجح الدولة اللبنانية في نزع سلاح حزب الله بدل خوض حرب جديدة. غير أن عقيدة الأمن الإسرائيلية تغيّرت جذريًا منذ هجوم 7 أكتوبر.

ويقول تمير هايمان، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، إن “الدرس الأساسي” يتمثل في عدم التساهل مع أي تهديد ناشئ، معتبرًا أن المخاطرة بالتصعيد عندما يكون الخصم ضعيفًا أفضل من انتظاره حتى يستعيد قوته.

ويرى هايمان أن الحكومة اللبنانية لم تستغل “نافذة الفرصة” بالسرعة المطلوبة، وأن ضربة إسرائيلية جديدة قد تمنح بيروت وقتًا إضافيًا عبر إضعاف حزب الله أكثر.

في المقابل، يؤكد الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام أن حكومتهما تعمل على نزع سلاح الحزب بأقصى سرعة ممكنة. لكن استمرار الضربات الإسرائيلية، بحسب محللين لبنانيين، يعزز سردية “المقاومة” ويمنح الحزب ذريعة للاحتفاظ بسلاحه.

رهان الدولة اللبنانية

تسعى بيروت للحصول على مليارات الدولارات من المساعدات الغربية والخليجية المشروطة بتحقيق تقدم ملموس في ملف نزع السلاح. ولتحقيق ذلك، تؤكد الحكومة أن الجيش اللبناني -المدعوم أمريكيًا- يحتاج إلى مزيد من التمويل والموارد.

وتقول الولايات المتحدة إن الجيش اللبناني أزال نحو عشرة آلاف قذيفة صاروخية، ونحو 400 صاروخ موجه ضمن مبادرة نزع السلاح، التي تشمل حزب الله وفصائل فلسطينية مسلحة أصغر.

وخلال اجتماعات بوساطة أمريكية، عرض ضباط لبنانيون تسجيلات مصوّرة لمداهمات نفذها الجيش لمخازن أسلحة، فيما تبادلت إسرائيل معلومات استخباراتية محدودة مع الجيش اللبناني لتحديد مواقع تخزين السلاح، وهو تعاون نادر في ظل العداء التاريخي بين البلدين.

وترى الباحثة لينا الخطيب أن هذا التقاطع في المصالح يجعل شنّ هجوم إسرائيلي واسع أقل ترجيحًا في المدى القريب، لأن مثل هذه الخطوة قد تقوّض الحكومة اللبنانية الحالية، التي تُعد أفضل فرصة لإضعاف حزب الله من الداخل.

وتختم بالقول: “هذه الحكومة هي الرهان الأفضل لإسرائيل في هذه اللحظة. ولن يكون من المنطقي تقويضها عبر حرب جديدة تُعيد حزب الله إلى موقع المدافع الوحيد عن لبنان”.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار