القاهرة -مصطفى عمارة
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأحد أن المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس قد تستمر «بضعة أيام»، بينما أكد وزير خارجيته على ضرورة «توقف» القصف الإسرائيلي على قطاع غزة.
وقال الرئيس الأميركي لصحافيين في البيت الأبيض «إنهم في خضم المفاوضات الآن. لقد بدأوا المفاوضات. وستستمر لبضعة أيام».
وأضاف «سنرى كيف ستسير الأمور. لكنني سمعت أن الأمور تسير على ما يرام».وكشفت مصر استعداداتها لبدء المفاوضات غير المباشرة التي سوف تُجرى الاثنين في شرم الشيخ بين وفدي حماس وإسرائيل. وفي هذا الإطار استقبلت مصر وفد حماس، كما وصل إلى القاهرة ستيف ويتكوف، المبعوث الأمريكي للسلام، فضلًا عن وفد إسرائيل للمفاوضات. وتعقيبًا على المفاوضات القادمة، قال موسى أبو مرزوق، القيادي بحركة حماس، للزمان إن هناك ملاحظات يجب تناولها في المفاوضات القادمة، فهناك على سبيل المثال قوات دولية سوف تدخل القطاع، فلابد من معرفة ما هي مهمتها ومن أين مصادر تمويلها. وبشأن السلاح، فيُسلَّم إلى السلطة التي سوف تحكم غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي، فيما وافقت حماس على ألا يكون لها ممثل في لجنة الإسناد المجتمعي. وبالنسبة للبند الأول والخاص بتبادل الأسرى، فإنه من الصعب تبادل الأسرى والجثامين خلال يومين فقط كما يريد ترامب، خاصة فيما يتعلق بالجثامين. أما بالنسبة للانسحاب الإسرائيلي التدريجي، فإن الأمر يتطلب معرفة خطوط الانسحاب، ومن هذا المنطلق فإن البنود التسعة التي وافقت عليها حماس في مبادرة ترامب تحتاج إلى مفاوضات مكثفة.
وأكدت حماس الأحد حرصها على البدء «فورا» في عملية تبادل الرهائن بمعتقلين فلسطينيين لدى إسرائيل، مع استعداد الطرفين لعقد مباحثات غير مباشرة الاثنين في مصر إثر موافقة الحركة على الافراج عن المحتجزين في غزة ضمن مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب. واعتبرت دول عربية ومسلمة أن موافقة حماس على الافراج عن الرهائن في إطار مقترح ترامب يمثّل «فرصة حقيقية» نحو إنهاء الحرب في القطاع المدمّر.
وقال قيادي بارز في حماس لوكالة فرانس برس الأحد طالبا عدم ذكر اسمه، إن الحركة «حريصة جدا على التوصل لاتفاق لوقف الحرب وبدء فوري لعملية تبادل الأسرى وفق الظروف الميدانية». وأضاف «يتوجب على الاحتلال عدم تعطيل تنفيذ خطة الرئيس ترامب. إذا كان لديه نوايا في الوصول لاتفاق فحماس جاهزة». وأوضح مسؤول آخر أن المباحثات ستعقد في شرم الشيخ، ومن المقرر أن يصل اليها مفاوضو الحركة الأحد من الدوحة.
من جهتها، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أن المباحثات ستبدأ الاثنين. وقالت المتحدثة باسمها شوش بادروسيان للصحافيين «سيغادر الوفد الليلة ويرتقب أن تبدأ المحادثات غدا»، موضحة أنها ذات طابع «تقني».
وكان البيت الأبيض أكد السبت أن صهر ترامب جاريد كوشنر وموفده ستيف ويتكوف توجّها الى مصر، بينما أمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بعودة الرهائن خلال أيام. ووافقت حماس على الإفراج عن كل الرهائن الأحياء والأموات، وتسليم إدارة غزة لهيئة من «المستقلين»، لكنها شددت على وجوب التفاوض بشأن نقاط أخرى مرتبطة بـ»مستقبل القطاع» وردت في مقترح ترامب، من دون أن تتطرق الى مطلب رئيسي هو نزع سلاحها. وحذّر الرئيس الأميركي السبت من أنه «لن يتهاون مع أي تأخير» في تنفيذ خطته التي تشمل وقف الحرب وإطلاق الرهائن خلال 72 ساعة، وانسحاب إسرائيل بشكل تدريجي من غزة، ونزع سلاح حماس والفصائل على ألا تؤدي دورا في الحكم، وأن تدير القطاع هيئة تكنوقراط تُشرف عليها سلطة انتقالية برئاسة ترامب. وسبق لنتانياهو أن أكد دعمه للمقترح، مؤكدا أنه يحقق أهداف إسرائيل. وقال ترامب السبت إن الدولة العبرية وافقت على «خط انسحاب أولي عرضناه على حماس»، يبعد من حدود القطاع مع إسرائيل مسافة تراوح بين 1,5 كيلومترا و3,5 كيلومترات، وهو في انتظار موافقة حماس عليه.
قال مسؤول فلسطيني مطلع على سير المفاوضات إن المباحثات ستشهد «تبادل رسائل بين الطرفين عبر الوسطاء المصريين والقطريين»، متوقعا أن «يتواجد وفدا الطرفين في المبنى نفسه وبعيدا من وسائل الإعلام».
وأوضح أن المفاوضات تهدف إلى «مناقشة تهيئة الظروف الميدانية لبدء عملية نقل الأسرى المحتجزين في غزة تمهيدا للشروع في تنفيذ عملية التبادل». أضاف «أكدت حماس أنه من الضروري أن توقف إسرائيل العمليات العسكرية في كافة مناطق قطاع غزة، ووقف كافة نشاطات الطيران الحربي والاستطلاعي والمسيرات والانسحاب من داخل مناطق مدينة غزة لتهيئة الظروف الميدانية». وواصلت إسرائيل عمليات القصف في غزة، رغم أن ترامب طلب منها وقفها. فيما كشف مصدر أمني رفيع المستوى للزمان أن مصر أبدت تحفظًا على أن يُدار قطاع غزة من اللجنة الأممية التي يترأسها توني بلير ، على أن يكون مقرها في العريش، مؤكدًا أن قطاع غزة يجب أن يُدار من خلال السلطة الفلسطينية دون أي تدخل خارجي، وبمعاونة الشرطة الفلسطينية التابعة للسلطة الفلسطينية، والتي تقوم مصر بتدريبها. وفي السياق ذاته، أشاد الخبراء السياسيون برد حماس على خطة الرئيس ترامب، الذي جاء ذكيًا ومتماشيًا مع الموقف العربي والإسلامي.
وفي هذا الإطار قال نزار نزال، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إن موافقة حماس على خطة الرئيس الأمريكي كانت متوقعة، لأن الأولوية بالنسبة لأمريكا وإسرائيل كانت إطلاق سراح الرهائن، وهو ما التزمت به الحركة بشكل واضح.
وأوضح أن إطلاق سراح 48 أسيرًا من شأنه أن ينزع من الشارع الإسرائيلي أي مبرر لاستمرار الحرب، إلا أنه يجب الحذر من التجربة السابقة في لبنان، حيث لم تلتزم إسرائيل بالاتفاق بشكل كامل.
وأشاد الدكتور علي الأعور، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، بأن موافقة حركة حماس على الخطة تمهد لوقف الحرب، خاصة بعد إعلان استعدادها للإفراج عن جميع الرهائن، وهو ما دفع ترامب إلى إصدار أوامره لرئيس الوزراء الإسرائيلي بوقف جميع العمليات العسكرية فورًا.
وأشاد الدكتور أيمن الرقب، القيادي بالتيار الإصلاحي لحركة فتح، برد حماس وتجاوزها ضغوط بعض الأطراف كجماعة الإخوان المسلمين التي دعت إلى رفض الخطة.