صنعاء – «القدس العربي»: أكدَّت مصادر محلية، أمس الإثنين، استمرار الاشتباكات لليوم الخامس بين مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي (الانفصالي) من جهة، وقوات حلف قبائل حضرموت ومسلحين قبليين من جهة ثانية، وذلك في مناطق بادية الشحر والشرقية، وخرد وحلفون والمعميلة، وهي مناطق قبائل الحموم في ساحل حضرموت، ومناطق غيل بن يمين ووداي نحب في هضبة حضرموت، والخشعة في وادي حضرموت، وأسفرت الاشتباكات في الأخيرة عن مسقط قتيلين من قوات الانتقالي.
وأعلن الانتقالي، أمس الإثنين، سقوط قتيلين من قواته، فيما اعتبره «هجومًا إرهابيًا في وادي حضرموت نفذته عناصر إرهابية على نقطة عسكرية في منطقة الخشعة بالوادي».
إلى ذلك، قال القيادي في حلف قبائل حضرموت، صبري بن مخاشن، لـ«القدس العربي» إن «الاشتباكات ما زالت مستمرة من خلال ثلاثة ألوية تابعة لمليشيات الانتقالي، وتستخدم الأسلحة المختلفة، بما فيها الثقيلة، وتهاجم المواطنين في منطقة خرد، وبادية الشام، والديس الشرقية وغيرها»، متحدثًا عن أن «استمرار الاشتباكات لليوم الخامس، مع استمرار فرض الحصار على سكان تلك المناطق».
وأضاف ابن مخاشن، وهو رئيس دائرة الإعلام والعلاقات بالحلف، أن «هناك قتلى وجرحى في صفوف الانتقالي، وهناك أسرى منهم لدى الحلف»، مؤكدًا أن «التعزيزات العسكرية لقوات الانتقالي تصل تباعًا في محاولة لإخضاع هذه المناطق بالقوة» .
وقال إن «حضرموت تشهد انتهاكات وجرائم تُرتكب ضد أبنائها، إذ تقوم مليشيات الانتقالي بمحاصرة مدينة غيل بن يمين وبادية الشام والديس الشرقية ومناطق خرد والمعميلة وحلفون، وغيرها».
وأشار إلى «قيام مليشيات الانتقالي بإغلاق المدارس والمستشفيات وفرض حظر تجوال بالتوازي مع استمرار الانتهاكات المختلفة، بما فيها قتل المواشي وتنفيذ اعتقالات واسعة في صفوف الشباب والكبار واقتحام المنازل والتمترس في المدارس والمنشآت».
وأضاف أن «الوضع مأساوي»، داعياً «المنظمات الدولية للنزول الميداني وتوثيق الانتهاكات بحق أبناء حضرموت، وفي المقابل نرفض فرض مشاريع سياسية على حضرموت بالقوة».
وأشار إلى أن مليشيات الانتقالي قامت، أمس الإثنين، باعتقالات في مدينة المكلا، التي شهدت مظاهرات واعتصامات تطالب برفع الحصار عن تلك المناطق، وإيقاف الانتهاكات التي ترتكب هناك.
في المقابل، نظم المجلس الانتقالي الجنوبي، أمس الإثنين، بمدينة المكلا عاصمة حضرموت، ما سماها «مليونية المكلا» التي شارك فيها أنصاره.
وقال رئيس الجمعية الوطنية في الانتقالي، علي الكثيري، «إن مليونية يوم الأحد في مدينة سيئون ومليونية المكلا أمس تمثل رسالة تفويض شعبي واضحة للقوات المسلحة الجنوبية، وتجسيدًا لمطالب أبناء حضرموت بإعلان دولة الجنوب العربي الفيدرالية».
وفي كلمته بالتظاهرة، قال عضو هيئة رئاسة الانتقالي، عبد الرؤوف السقاف، «إن حضرموت هي الجنوب، وإن الجنوب هو حضرموت». «إن ما يجري اليوم على أرض حضرموت والجنوب عمومًا هو امتداد طبيعي لإرادة شعب الجنوب الحرة».
وينظم الانتقالي تظاهرات شعبية لأنصاره في محافظات الشرق اليمني بدأت الأحد بمسيرة في مدينة سيئون، تلتها أمس الإثنين مدينة المكلا، واليوم الثلاثاء في مدينة الغيضة بمحافظة المهرة بهدف إبراز ما يعتقد أن مشروعه يحظى به من دعم شعبي في رد على مطالب التحالف العربي بسحب قواته من محافظتي حضرموت والمهرة.
في سياق تداعيات الانقسام في الوزارات بين الحكومة والانتقالي تصدرها ما تعرف بحرب البيانات، أعربت وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان في الحكومة المعترف بها، أمس الإثنين، عن استنكارها من «صدور بيان مزور ومفبرك منسوب إليها بتاريخ 29 ديسمبر 2025، لغايات تضليلية يتضمن مزاعم عدم وجود أي انتهاكات لحقوق الإنسان في محافظتي حضرموت والمهرة».
وقال وزير الشؤون القانونية وحقوق الإنسان، أحمد عرمان، في بيان صحافي «إن البيان المزعوم صدر دون الرجوع إلى الوزير المختص، أو المرور بالقنوات القانونية المعتمدة، ودون الاستناد إلى تقارير ميدانية أو آليات رصد وتوثيق سارية».
وقال عرمان «إن إنكار الانتهاكات أو التقليل منها، أياً كان مصدره أو مبرراته، يُعد تضليلًا للرأي العام، ويتعارض مع مهام الوزارة واختصاصاتها».
وجددت التزامها الكامل «برصد وتوثيق كافة الانتهاكات في جميع المحافظات اليمنية دون استثناء، بالتعاون مع الضحايا والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية».
وكان بيان صدر باسم الوزارة نفسها معبراً عن وجهة نظر الانتقالي ونفى «وجود أي وقائع انتهاكات لحقوق الإنسان في محافظتي حضرموت والمهرة»، مؤكداً «أن ما يتم تداوله من ادعاءات لا يستند إلى أي مسار قانوني أو حقوقي».
وقال البيان إن الوزارة «لم تتلقَّ أي شكاوى أو بلاغات رسمية بشأن وقائع انتهاكات لحقوق الإنسان، وإن ما يتم تداوله من ادعاءات لا يستند إلى أي مسار قانوني أو حقوقي معتمد».
في السياق، أعلنت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، تقريرًا لما اعتبرتها «الانتهاكات في حضرموت»، وقالت إنها وثقت «نحو 614 واقعة انتهاك ارتكبتها قوات تابعة للمجلس الانتقالي، وتهجير قسري وتشريد لما يقارب 5000 أسرة في محافظة حضرموت خلال الفترة من 2 ديسمبر/كانون الأول 2025 وحتى 25 منه، في سياق تصعيد منظم وممنهج استهدف المدنيين والبنية المجتمعية بالمحافظة».
وكانت أوضحت، الأحد، أن فريقها الميداني «وثق قيام قوات المجلس الانتقالي بفرض حصار عسكري شامل وغير مشروع على مناطق مأهولة بالسكان في نطاق قبائل الحموم، بما في ذلك وادي خرد، وحلفون، وغيل بن يمين، وهو حصار أفضى إلى تقييد غير مشروع لحرية التنقل، ومنع نقل المرضى والحالات الطارئة، وعرقلة الوصول إلى الخدمات الصحية، والاعتداء على الممتلكات الخاصة، فضلًا عن تسجيل أعمال نهب وسرقة واسعة النطاق».
في الموازاة، أعلن المركز الإعلامي لـ«قوات درع الوطن» المدعومة سعوديًا، أمس الإثنين، «أن ما يتم تداوله عبر بعض منصات ومواقع التواصل الاجتماعي من بيانات عسكرية منسوبة لقيادة قوات درع الوطن هي بيانات غير صحيحة».
وأكدَّ «أن التعامل والاعتماد يتم حصرياً على البيانات والتوضيحات والمعلومات الصادرة رسمياً عنه أو المعتمدة عبر قنواته الرسمية».
إلى ذلك، دخلت إيران على خط الأزمة في جنوب اليمن من خلال محادثات أجراها وزير الخارجية، عباس عراقجي، مع وزير الخارجية في المملكة العربية السعودية، الأمير فيصل بن فرحان، ووزير الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة، عبدالله بن زايد.
وقالت وكالة تسنيم الإيرانية، أمس الإثنين، إن عراقجي أجرى مكالمة هاتفية مع عبد الله بن زايد، بحثت التطورات في جنوب اليمن.
وحسب الوكالة الإيرانية، فقد دعا عراقجي «جميع دول المنطقة إلى بذل الجهود للحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، وتلبية المطالب المشروعة للشعب اليمني»، مضيفًا: «إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتبر أن حل الأزمة اليمنية يكمن في حوار يمني-يمني يرتكز على وحدة اليمن وسلامة أراضيه».
فيما شدد وزير خارجية الإمارات، «على ضرورة الحفاظ على السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة»، موضحًا الإجراءات التي اتخذتها الإمارات لخفض التوتر في اليمن.
كما أجرى عراقجي، الأحد، مكالمة هاتفية، مع وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان.
وحسب وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) فقد تناولت المكالمة العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية.
وقالت «إرنا» إن عراقجي أشار في معرض حديثه إلى التطورات في جنوب اليمن، وضرورة الحفاظ على وحدة البلاد وسلامة أراضيها وضرورة تنفيذ خارطة الطريق.
فيما أكدَّ وزير الخارجية السعودي، وفق الوكالة الإيرانية، على أهمية استمرار التوافق والتعاون بين دول المنطقة للحفاظ على السلام والاستقرار، مشددًا على ضرورة محاسبة الكيان الصهيوني.
وحسب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) بنسختها التابعة للحوثيين، فإن نائب وزير الخارجية في حكومة «أنصار الله»، عبد الواحد أبو راس، قد أجرى، الأحد، مكالمة مع وزير الخارجية الإيراني عراقجي
وقالت الوكالة إنها تناولت مجالات التعاون والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية.
وجدد أبوراس التأكيد على حرص صنعاء على تحقيق السلام «وأن الوقت قد حان لإنهاء حالة اللاسلم واللاحرب، والمضي قدماً نحو تسوية تنهي معاناة الشعب اليمني وتحافظ على حقوقه المشروعة».
فيما نقلت وكالة تسنيم الإيرانية عن نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين تأكيده «أن هذه الإجراءات (في جنوب اليمن) التي يقف خلفها أعداء اليمن والمنطقة، وتهدف إلى زيادة زعزعة أمن المنطقة، من شأنها أن تعقّد الوضع القائم أكثر فأكثر».
وكانت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا قد طلبت من التحالف العربي التدخل عسكرياً في حضرموت والمهرة، التي اجتاحتهما قوات الانتقالي، وهو ما استجاب له التحالف.
الجدير بالإشارة إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتبنى، منذ تأسيسه في عام 2017، مشروع انفصال جنوب وشرق البلاد، وفق حدود ما قبل عام 1990م، لكنه يتبنى، بموازاة ذلك، مشروع انفصال هوياتي يتنكر فيه ليمنية جنوب وشرق البلاد؛ مناديًا بتأسيس ما سماها (دولة الجنوب العربي)، لكنه يريدها على جغرافيا ما كانت تُعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، قبل إعادة تحقيق وحدة البلاد في 22 مايو/ أيار 1990م، وقيام الجمهورية اليمنية.
وبينما يؤكد أنه يمثل ما تُعرف بـ«القضية الجنوبية»، إلا أن مكونات جنوبية أخرى ترفض ذلك، وعبّرت عنه في إحجامها عن المشاركة في مؤتمر الحوار الجنوبي، الذي نظمه الانتقالي في مايو2023م، وخرج بميثاق يمهد للانفصال.
ويُعدُّ «الانتقالي» شريكًا في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا منذ توقيع اتفاق الرياض عام 2019. كما أصبح، منذ عام 2022م، جزءًا من مجلس القيادة الرئاسي.