وأظهرت الأرقام الرسمية أن عدد الأشخاص الذين تجاوزوا سن المئة في بريطانيا أكبر من أي وقت مضى، وهو ما يعني أن احتمالات العيش الطويل تتزايد لدى البشر عموماً، وذلك بفضل التطور في العلوم الطبية والرعاية الصحية.
ووفقاً لبيانات مكتب الإحصاءات الوطنية في لندن فقد تجاوز أكثر من 16 ألف و600 شخص في جميع أنحاء المملكة المتحدة سن المئة في عام 2024. وهذا يعني أن عدد المعمرين قد تضاعف منذ عام 2004.
وكانت احتمالية احتفال النساء ببلوغهن سن المئة أعلى بأربع مرات ونصف تقريباً من الرجال، حيث بلغ عدد المعمرات منهن أكثر من 13 ألف و500.
النساء قد يعشن أطول
يعتقد الخبراء أن النساء قد يعشن أطول من الرجال حالياً بسبب ارتفاع مستويات التدخين وشرب الكحول بين الرجال بشكل تاريخي. كما أن النساء أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان، وهما أكبر سببين للوفاة في بريطانيا، إذا تم علاجهما بشكل أكثر فعالية من الرجال.
وأشارت الأبحاث أيضاً إلى أن النساء قد يتمتعن بأجهزة مناعة أقوى من الرجال، وقدرة أكبر على مقاومة العدوى من الرجال الأكبر سناً.
لكن معدل المعمرين الذكور ارتفع بمعدل أسرع من النساء، حيث تضاعف ثلاث مرات بين عامي 2004 و2024.
ووفقاً لبيانات مكتب الإحصاءات الوطنية، فقد بلغ عدد المعمرين الذين تجاوزوا المئة عام ما يُقدر بـ16640 شخصاً على قيد الحياة العام الماضي، بزيادة قدرها 3.5 في المئة عن 16070 شخصاً في عام 2023.
كما يُمثل هذا زيادة بأكثر من الثلث (36.3 في المئة) عن مستويات ما قبل الجائحة.
وعلى مستوى بريطانيا، فقد سجّلت مقاطعة ويلز 25.9 معمّر لكل مئة ألف نسمة في عام 2024، أي ما يقارب ضعف العدد المسجل عام 2004 والبالغ 14.9 معمّر.
وشهدت إنكلترا ارتفاعاً مماثلاً، حيث بلغ 24.7 معمّر لكل 100 ألف نسمة في عام 2024، مقارنةً بـ14.3 معمّر في عام 2004.
وفي اسكتلندا، ارتفعت النسبة من 11 معمّراً لكل 100 ألف نسمة إلى 18.4 معمّر خلال الفترة نفسها.
وسجَّلت أيرلندا الشمالية أدنى نسبة معمّرين في كلا البلدين، حيث بلغت 15.3 معمّر لكل 100 ألف نسمة في عام 2024، وثمانية معمّرات في عام 2004.
وفي جميع أنحاء المملكة المتحدة، بينما ارتفع عدد المعمرات الإناث بنسبة 17.6 في المئة خلال العقد الماضي، سجّل عدد الرجال زيادة بنسبة 46.2 في المئة.
رقم قياسي جديد
وانعكس هذا الاتجاه أيضاً في أعداد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 90 عاماً فأكثر، حيث بلغ عدد السكان الذين تزيد أعمارهم عن 90 عاماً 625 ألفاً و236 نسمة في عام 2024، بزيادة قدرها 2.2 في المئة عن العام السابق، وهو رقم قياسي جديد، كما هو الحال مع عدد المعمرين.
وزعم الإحصائيون أن جزءاً من هذا النمو قد يعود إلى ارتفاع حاد في عدد المواليد في السنوات التي تلت نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918. وأدى ذلك إلى ارتفاع حاد في عدد الأشخاص الذين بلغوا سن المئة في عامي 2020 و2021.
وبدأ عدد المواليد في الانخفاض في أوائل عشرينيات القرن الماضي، ما أدى إلى زيادات طفيفة في عدد الأشخاص الذين بلغوا سن المئة في السنوات القليلة الماضية.
وصرحت كيري جادسدون، رئيسة قسم الرؤى الديموغرافية في مكتب الإحصاءات الوطنية: «على الرغم من الانخفاض المطرد في أعداد المواليد بعد ذروة ما بعد الحرب العالمية الأولى، إلا أن عدد المعمرين استمر في النمو، حيث تضاعف هذا العدد خلال العشرين عاماً الماضية، وفي عام 2024، أصبح حوالي واحد من كل 4200 شخص في المملكة المتحدة من المعمرين».
وقالت إن «هذا الارتفاع يُعزى بشكل كبير إلى التحسينات السابقة في معدلات الوفيات، والتي تعود إلى عقود عديدة، مع بقاء المزيد من الناس على قيد الحياة حتى سن متقدمة. ويرجع هذا التحسن إلى عوامل مثل تحسين مستويات المعيشة والصحة العامة، إلى جانب التقدم في العلاجات الطبية».
ويأتي هذا في الوقت الذي أشارت فيه أبحاث العام الماضي إلى أن متوسط العمر المتوقع في جميع أنحاء العالم سيرتفع بما يقرب من خمس سنوات بحلول عام 2050، حيث من المتوقع أن يعيش الرجل المتوسط حتى 76 عاماً والمرأة فوق سن الثمانين.
ومن المتوقع أن يرتفع متوسط العمر المتوقع العالمي إلى حوالي 78.1 عام في عام 2050، بزيادة قدرها 4.5 سنوات، وفقاً لدراسة أجرتها مجلة «لانسيت» للصحة العامة.
وفي ذلك الوقت، قال الخبراء إن هذا الاتجاه مدفوع بشكل كبير بتدابير الصحة العامة التي تمنع من أمراض مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، وأمراض التغذية، والتهابات الأمهات والمواليد وتُحسّن معدلات البقاء على قيد الحياة.
ويُعتقد الآن أن أكبر معمرة في العالم هي إثيل كاترهام، من مقاطعة ساري في بريطانيا، والتي وُلدت في 21 آب/أغسطس 1909 وتبلغ من العمر 116 عاماً. ويعود لقب أكبر معمرة على الإطلاق إلى الفرنسية جين لويز كالمينت، التي عاشت 122 عاماً و164 يوماً.
