الوثيقة | مشاهدة الموضوع - معاريف: إسرائيل فقدت الردع في المنطقة.. و7 أكتوبر سيتناسل شيئاً فشيئاً
تغيير حجم الخط     

معاريف: إسرائيل فقدت الردع في المنطقة.. و7 أكتوبر سيتناسل شيئاً فشيئاً

مشاركة » الأربعاء أكتوبر 23, 2024 3:58 pm

3.jpg
 
7 أكتوبر، هو أحد الأيام الظلماء في دولة إسرائيل، حين غزت منظمة إرهاب إجرامية أراضيها، واحتلت إقليماً، وقتلت مئات عديدة من المواطنين والشرطة والجنود، واختطفت مئات من المواطنين والجنود إلى أراضيها. الجيش و”الشاباك” فشلا في إدارة معركة الدفاع حين لم ينجحا في إعطاء إخطار للغزو، وساعات طويلة جداً مرت إلى أن وصلت قوات الاحتياط إلى المنطقة.
قيادة المنطقة الشمالية سبقت حزب الله في ذاك الصباح، حين جندت عشرات آلاف جنود الاحتياط، الذين بنوا على الفور خطوط دفاع في الجبهة الشمالية، وخلقوا فاصل أمان منعاً لغزو في الشمال.
بسرعة نسبية، انتقل الجيش الإسرائيلي في جبهة الجنوب من الدفاع إلى الهجوم. وفي ختام يومين من المعارك، نجح الجيش في تطهير منطقة جنوب البلاد من أكثر من 2000 مخرب. ولاحقاً، دخلت أربع فرق عسكرية للهجوم داخل أراضي القطاع، لكن بسبب نقص منظم لدى الإدارة السياسية، نفذ الجيش الأعمال في جنوب القطاع بتأخير أشهر طويلة؛ ما سمح لحماس بالإعداد للهجوم منذ البداية.
بالتوازي مع الخطوات في الجنوب، حافظ الجيش على حجوم كبيرة من القوات على حدود الشمال، والتي وقفت في وجه محاولات حزب الله خوض قتال قوي في الشمال من خلال استخدام نار مضادات الدروع نحو البدلات وقوات الجيش ونار الصواريخ إلى عمق الشمال. هناك ألحقت المنظمة ضرراً شديداً في بلدات عديدة إلى جانب مصابين في أوساط المدنيين والجنود.
الجيش من جهته أدار حرباً منظمة: استغل الحدث لنزع قدرات جوهرية من حزب الله، واستهدف مئات القادة والمسؤولين الخاصين في المنظمة، وجمع معلومات استخبارية عن كل واحد منهم، ونفذ بشكل ممنهج تصفيات لأولئك القادة والمسؤولين. في غضون سنة، نجح الجيش في تفكيك منظومة قيادة حزب الله والتحكم بها: من رئيس أركان المنظمة فؤاد شكر، عبر قادة الفرق، وقادة أجهزة الاستخبارات، وقادة قوة الرضوان، وقادة ميدانيين من مستوى قادة سرايا وقادة كتائب.
كما ضرب الجيش الإسرائيلي منظومة النقليات في المنظمة في ظل ضرب مخازن الذخيرة، ومحاور النقل والتموين وحتى القواعد ومناطق الاحتشاد للمنظمة.
وجاءت الذروة في هجمة “البيجر”، وبعد يوم من ذلك أجهزة الاتصال؛ ما أدى إلى شلل المنظمة على مدى أيام، الخطوة التي سمحت للجيش بتدمير منظومة صواريخ “بر بحر” هددت إسرائيل وحرية الملاحة استراتيجياً. بالتوازي، أدت الهجمة إلى تصفية حسن نصر الله، إلى جانب ضرب مخازن الذخيرة الدقيقة والصواريخ الاستراتيجية وإعطاء إشارة للجيش الإسرائيلي لمناورة برية.
خطط حزب الله لإطلاق نار مكثفة من الصواريخ والمُسيرات في أثناء المناورة، لكنه لم يطلق إلا بشكل محدود. كانت المقاومة طفيفة في خطوط دفاعه. في بضعة أماكن قليلة، خاض المخربون معارك دفاع موضعية لم تنجح في صد قوة الجيش الإسرائيلي.
في السنة الأخيرة، تتصدى إسرائيل لأربع جبهات أخرى: جبهة الضفة بخاصة في شمال “السامرة” [شمال الضفة الغربية] حيث يعمل الجيش بقوة مع فرقة “المناطق”، بعد سنوات من الامتناع عن أعمال فاعلة عنيفة، ويعمل الجيش بشكل مختلف مع اقتحامات يومية إلى معاقل الإرهاب في جنين، وبلاطة، وقصبة نابلس، وطولكرم، كما عاد الجيش لاستخدام سلاح الجو في الساحة، وصفى مئات المخربين وفكك بنى تحتية للإرهاب.
بالتوازي، تفتح إسرائيل عينها على الأردن، بسبب محاولة إيران إقامة بنية تحتية إرهابية في المملكة. الساحات الأبعد هي اليمن وسوريا والعراق. هناك تفعل إيران ميليشيات تعمل على إطلاق الصواريخ والمُسيرات. وتعمل إسرائيل بشكل علني وخفي في هذه المناطق. وحالياً، تمتنع عن جباية ثمن مباشر من الرئيس السوري بشار الأسد.
التحدي المركزي هو -كما أسلفنا- محدثة الإرهاب في المنطقة: إيران. في السنة الأخيرة، عملت إيران ضد إسرائيل في مناسبتين مختلفتين، وردت إسرائيل بشكل محدود على الهجمة الأولى. أما الهجمة التالية، فلم يرد الجيش حتى اللحظة، وهو ما يفسر حالياً على أنه ضعف للجيش ولدولة إسرائيل.
بعد هزيمة 7 أكتوبر، نجح الجيش في الوصول إلى إنجازات، لكنه لم يحقق بعد أهداف الحرب: إعادة المخطوفين، وتفكيك قدرة حماس العسكرية والسلطوية، وإعادة سكان الشمال بأمان إلى منازلهم. لم ينجح الجيش في ردع إيران، ولم تتمكن دولة إسرائيل من بلورة تحالف إقليمي ضد إيران أو استراتيجية لإنهاء المعركة.
الجيش الإسرائيلي في مفترق طرق في هذه الأيام. فقد سجل إنجازات تكتيكية لم تترجم إلى خطوات سياسية، ويبقي الجيش على مئات آلاف جنود الاحتياط على مدى نحو سنة كاملة في حالة تآكل عظيم. كما أن إسرائيل باتت في عزلة سياسية جزئية في ما تحوم فوق رأسها تحقيقات “لاهاي”.
لقد فقدت إسرائيل من قوة ردعها في المنطقة، وربما تستغرقها سنوات إلى أن تعيد تفوقها الردعي. لكن الأمر ذا الأهمية الأعلى هو أن دولة إسرائيل والجيش الإسرائيلي ملزمان بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث أكتوبر. دون التعلم والبحث، سنجد أنفسنا مرة أخرى نتصدى للكارثة التالية.
آفي أشكنازي
معاريف
 

العودة إلى الصحافة اليوم