الوثيقة | مشاهدة الموضوع - إسرائيل اليوم : هل تتحول سوريا إلى دوامة “حرب الكل ضد الكل”؟
تغيير حجم الخط     

إسرائيل اليوم : هل تتحول سوريا إلى دوامة “حرب الكل ضد الكل”؟

مشاركة » الأربعاء ديسمبر 18, 2024 12:16 am

6.jpg
 
المجال السوري معروف كمكان حيث سارت فيه الانعزالية والانطواء السياسي يداً بيد. إمبراطوريات جاءت ورحلت. أظهرت قوة عسكرية وسياسية، لكن سوريا بقيت مكاناً يصعب حكمه. انقسامات عرقية، فجوات جغرافية (مركز مديني مقابل محيط قروي) وأساساً خصومات دينية وطائفية ساهمت في انعدام الاستقرار في المنطقة.

بغياب حكم مركزي ومستقر، أدار سكان المجال حياتهم بشكل مستقل. الأطر التقليدية وفرت الغلاف بالإنسان البسيط، والعشيرة، والقبيلة، والإطار القروي أو المديني وأخيراً الطائفة الدينية، ووقف على رأس كل الدائرة رؤساء العائلات والشيوخ والزعماء الدينيون وأصحاب المال والمتفرغون السياسيون. صورة الوضع هذه ميزت سوريا في القرون الماضية، وهي لا تختلف كثيراً عن الصورة الحالية. نظرة سريعة إلى الخريطة تظهر دولة في حالة تفكك: الأكراد يسيطرون على مناطق واسعة في الشمال والشرق، والأتراك الذين يخافون من الأكراد احتلوا بضع مناطق فاصلة بينهم وبين الحدود السورية؛ والعلويون يواصلون التجمع في المناطق الجبلية في شمال غرب سوريا، والدروز في الجنوب، في جبل الدروز.

بقدر ما يحاول أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) بث الهدوء والاستقرار، فإن الأرض تعج بالتوتر، وتحوم فوق كل هذا مسألة هوية الدولة والنظام الجديد. فهل ستواصل سوريا توفير بنية لهوية وطنية لسكانها؟ أم أن الإطار الديني سيحتل الصدارة مرة أخرى؟ نرسم بحذر، من الجيد إلى الأقل واقعية إلى الأسوأ والواقعي، نبرز سيناريوهات سوريا في اليوم التالي للأسد:

يعيش الذئب مع الخروف: السيناريو المطلق. تبقى سوريا دولة موحدة، تجتاز تغيير النظام وتنطلق إلى طريق جديد. تصبح ديمقراطية ليبرالية يكون فيها لأبناء الأقليات، حتى للعلويين المكروهين، تمثيل عادل، وإضافة إلى ذلك تتحلل من حلفها مع إيران وترتبط بالدول العربية المؤيدة للغرب. لاحقاً، نتخيل أيضاً تناول الحمص في دمشق (مقابل تنازلات إقليمية في الجولان).

تعالوا ننفصل كأصدقاء: لما عانت سوريا من انشقاقات وخصومات منذ قيامها، ففي قرار عاقل من رؤساء الطوائف الدينية في الدولة، وانطلاقاً من رغبة بمنع حرب أهلية إضافية، يتم تفكيك الدولة إلى أقاليم مختلفة. الدروز في الجنوب ينالون حكماً ذاتياً، والأكراد في شمال شرق سوريا يحصلون على استقلال جزئي – مرغوب فيه بدعم إسرائيلي وبعلاقات حميمية مع الطائفتين. أما العلويون، في مجال جبال أنصارية، فيقيمون لأنفسهم دولة انعزالية، مثلما كان في عهد الانتداب الفرنسي في القرن الماضي. وباقي أبناء الأقليات، خصوصاً المسيحيين والإسماعيليين، يعترف بهم باعتبارهم ذوي مكانة خاصة؛ للحفاظ على أمنهم وحقوقهم. وللحفاظ على السلام الداخلي، يقوم حكم فيدرالي أو كونفدرالي، قد يحظى بدعم من دول الخليج الفارسي والغرب.

خراب وفوضى: مثلما تفكك العراق وليبيا وغرقا في صراعات داخلية مضرجة بالدماء، ومثلما صعدت قوى إسلامية في مصر وتونس بعد سقوط حسني مبارك وزين العابدين بن علي، ها هي سوريا تنجر إلى حرب أهلية وانقلابات بعد عقود من نظام طاغية (أتتذكرون يوغسلافيا؟). ستكون هذه حرب الكل ضد الكل. كل طائفة لنفسها، كل منظمة تحاول الاستيلاء على الثورة وتصميم سوريا على شكلها وصورتها. ستصبح سوريا دولة إرهاب، أرضاً يصل إليها الأكثر تطرفاً لتطبيق مبدأ الجهاد، في الطريق إلى الهدف التالي. اغتيالات، أعمال قتل وذبح في الأقليات، تصبح اعتيادية. الأمريكيون يحذرون من التدخل، لكن إيران وروسيا تبديان تدخلاً في الدولة الخربة. ترممان مكانتهما في المنطقة، وستساعد طهران حزب الله ومنظمات أخرى مرة أخرى لإعادة بناء جبهة ضد إسرائيل.

لكل سيناريو تداعيات على الساحة الشرق أوسطية كلها، لكن كما الحال دوماً، سنكون أول من يحتاج للتصدي لذلك.

يهودا بلنغا

إسرائيل اليوم
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الصحافة اليوم