الوثيقة | مشاهدة الموضوع - خياران مستبعدان: انفراد «إسرائيل» بمهاجمة إيران أو اشتراك أمريكا معها : عصام نعمان
تغيير حجم الخط     

خياران مستبعدان: انفراد «إسرائيل» بمهاجمة إيران أو اشتراك أمريكا معها : عصام نعمان

مشاركة » الأحد مارس 07, 2021 11:16 pm

تتوالى تهديدات قادة إسرائيليين بضرب إيران.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي قال إن الجيش يعدّ خططاً ويستعد لضربها. وزير الأمن بني غانتس قال في مقابلةٍ مع شبكة «فوكس نيوز» الأمريكية، إن جيشه يعمل على تحسين استعداداته لضرب المنشآت النووية الإيرانية، وإنه «مستعد للعمل بصورة مستقلة». رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قال في مقابلةٍ مع صحيفة «يسرائيل اليوم» (25/2/2021) إنه «يطّور خياراً لمنع سلاح نووي ايراني بأي ثمن» وأكد التهديد نفسه في اتصال هاتفي مع كامالا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
ما وراء تهديدات القادة الإسرائيليين؟ وما تداعياتها على إيران وحلفائها من قوى المقاومة؟
غالبيةُ المعلّقين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين تُجمع، أو تكاد على أن نتنياهو وغانتس وكوخافي، يتوجهون بتهديداتهم إلى أمريكا وإيران في آن. يريدون من إدارة بايدن عدم العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، أو في الاقل، استدراجها إلى مفاوضات تنتهي إلى تقييد قدرتها على تصنيع أسلحة نووية، وصواريخ باليستية بعيدة المدى، قادرة على حملها وإصابة الأهداف المتوخاة. يريدون من إيران أن تتهيّب قدرات «إسرائيل» العسكرية التقليدية والنووية، وجدّيتها في تنفيذ تهديداتها، لحملها على الرضوخ لمطلب الولايات المتحدة بإجراء مفاوضات معها.

الشعب الأمريكي بات بعد حروب مكلفة بشرياً ومادياً، ولاسيما الحرب على العراق، معارضاً بشدة لأي حرب خشنة جديدة

الرئيس بايدن، ومعظم أركان إدارته، ميّالون للعودة إلى الاتفاق النووي، لكنهم يتحفظون بشأن بعض المتغيرات. ويندي شيرمان مرشحته لمنصب نائب وزير الخارجية، عبّرت عن هذه التحفظات أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ بقولها، إن سنة 2021 مختلفة عن سنة 2015 عندما تمّ التوصل إلى اتفاق مع إيران. الوقائع على الأرض تغيّرت، والمعالم الجيوسياسية في المنطقة تغيّرت. هذا يعني أن الطريق تغيّرت أيضاً. شيرمان توخْت طمأنة معارضي العودة إلى الاتفاق النووي بأن إدارة بايدن تعي المتغيّرات، وأنها حريصة على وضعها في الحسبان أثناء المفاوضات المقبلة. إيران ما زالت متمسكة بموقفها الذي يدعو الولايات المتحدة إلى العودة إلى الاتفاق النووي دونما شروط، وإن عليها البدء أولاً برفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على إيران، كدليل على حسن نيتها. غير أن طهران لم توصد باب المفاوضات بصورة نهائية، بدليل أن أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي قال في تصريح لصحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية: «إن إيران مستعدة للعودة إلى المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، والقوى العالمية الأخرى في حال أرسل الطرف المقابل إشارات واضحة وضامنة لرفع العقوبات في غضون عام واحد».
ماذا لو أخفقت أمريكا في إقناع إيران بالجلوس إلى طاولة المفاوضات؟ هل ينفذ قادة «إسرائيل» تهديداتهم بضرب منشآت إيران النووية؟ صحيح أنه يقتضي عدم الاستخفاف بتهديدات القادة الإسرائيليين، خصوصاً نتنياهو الذي لن يتورع عن اعتماد أيّ طريقة لإبعاد خطر حكم القضاء عليه بجرائم الفساد وقبول الرشى والنصب. غير أنه يقتضي أيضاً ألاّ ننسى أن نتنياهو وأركان الأحزاب المشاركة في حكومته حريصون على الفوز في الانتخابات، التي ستجري بعد أيام معدودة، ما يدفعهم إلى طمأنة الرأي العام، بإطلاق تصريحات يظنّون أنها تؤكد قدرات «إسرائيل» العسكرية، واستعداد جيشها لتقويض قدرات إيران ولاسيما النووية منها. حتى لو افترضنا أن قادة «إسرائيل» جادون في تهديداتهم، فهل يعقل أن يكون الجيش الإسرائيلي، حسب ما قاله وزير الأمن غانتس «مستعداً فعلاً لضرب المنشآت النووية الإيرانية بصورة مستقلة» أيّ بالانفراد ومن دون مشاركة أمريكا أو بدعمٍ منها؟ من المستبعد جداً، إن لم يكن من المستحيل، أن تقوم «إسرائيل» بمهاجمة إيران من دون مشاركة أمريكا، أو في الاقل، من دون علمها ودعمها مباشرةً أو مداورةً. والحال أن أمريكا اليوم ليست في صدد تدبير من هذا القبيل لأسباب عدة أبرزها:
إن الشعب الأمريكي، بات بعد حروب متعددة ومكلفة بشرياً ومادياً، ولاسيما الحرب على العراق، معارضاً بشدة لأي حرب خشنة جديدة.
أمريكا تعاني في الوقت الحاضر وبتكلفةٍ بشرية واقتصادية باهظة، تداعياتِ جائحةِ كورونا، واضطرار إدارة بايدن لتخصيص تريليونات الدولارات لإنهاضها من محنتها ما يحول دون الانجرار إلى حربٍ باهظة التكاليف السياسية والاقتصادية والمالية.
إن أمن «اسرائيل» ليس في الوقت الحاضر عرضةً لخطر داهم يتطلّب انغماس أمريكا في حربٍ باهظة التكلفة عليها، وعلى جميع حلفائها الإقليميين، وفي مقدّمهم «اسرائيل».
إن ثمة تطورات وسيناريوهات متعددة لحماية مصالح أمريكا وأمن «اسرائيل» افضل وأوفر من اللجوء إلى الحرب.
ـ إن ثمة مؤشرات إلى إمكان التوصل لمفاوضات غير مباشرة مع إيران في إطار الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحت عنوان التباحث للتوافق على حلّ الإشكالات الفنية المتصلة بموضوع الرقابة على مختلف مجهودات التصنيع النووي التي ستقبلها إيران بحكم كونها طرفاً في اتفاقية إقامة الوكالة المذكورة .
إلى ذلك كله، ثمة عامل آخر بالغ الدلالة، هو أن إيران قطعت شوطاً طويلاً في التقدم التكنولوجي وتصنيع الأسلحة المتطورة، وأنه سيكون في مقدورها الدفاع عن نفسها، وإحباط مخططات اعدائها وإلحاق بالغ الأذى بهم، فلماذا تقامر أمريكا، ناهيك من «إسرائيل» في حربٍ مكلفة وفاشلة؟
الخلاصة: لا مصلحة ولا فائدة لأصدقاء الولايات المتحدة ولخصوم قوى المقاومة في المنطقة، ولاسيما اللبنانيين منهم، في المراهنة على تدخلها في صراعاتهم مع خصومهم في الداخل، أو أن يكون لتدخلها تأثير مجز يستحق المراهنة.
كاتب لبناني
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron