الوثيقة | مشاهدة الموضوع - الخدعة الإيرانية الكبرى.. لماذا تتصاعد تهديدات بينيت بتدمير المنشآت النووية مجددا عبر منبر الأمم المتحدة هذه الأيام؟ وهل امتلكت طهران “القنبلة” فعلا؟
تغيير حجم الخط     

الخدعة الإيرانية الكبرى.. لماذا تتصاعد تهديدات بينيت بتدمير المنشآت النووية مجددا عبر منبر الأمم المتحدة هذه الأيام؟ وهل امتلكت طهران “القنبلة” فعلا؟

مشاركة » الاثنين سبتمبر 27, 2021 5:06 pm

عبد الباري عطوان
يبدو ان الولايات المتحدة الامريكية بدت شبه يائسة من عودة ايران الى المحادثات النووية في فيينا، وبدأت في ممارسة ضغوط عليها سواء عبر وكالة الطاقة الذرية، او عبر تهديدات إسرائيلية بشن عدوان لتدمير برامجها النووية، بحجة تجاوز هذه البرامج كل الخطوط الحمر.
أمريكا لوحت مجددا اليوم بفرض عقوبات “دبلوماسية” على ايران اذا لم تسمح للمفتشين الدوليين بدخول ومراقبة منشآة لتصنيع اجهزة الطرد المركزي في مدينة كرج شمال طهران، ورد السيد كاظم غريب ابادي مندوب ايران في الوكالة الدولية بأن التفاهمات المتعلقة بهذه المنشأة لا تشملها على وجه التحديد، وان بلاده لن تسلم اشرطة التسجيل الأممية داخل هذه المنشأة الا بعد رفع كامل العقوبات، وإدانة الوكالة للهجمات الاسرائيلية الإرهابية التي استهدفتها.
ربما يجادل البعض محقا، بأن التهديدات الاسرائيلية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية ليست جديدة، وبدأت قبل عشر سنوات، ان لم يكن اكثر، ولكن من تابع كلمة نفتالي بينيت رئيس الوزراء الاسرائيلي امام الجمعية العامة للأمم المتحدة امس يلمس ان هناك حالة قلق واحباط إسرائيلية غير مسبوقة، جعلت من “نغمة” هذه التهديدات مختلفة هذه المرة.
بينيت الذي خاطب الجمعية العامة لأول مرة، سيرا على نهج سلفه بنيامين نتنياهو، ولكن دون ان يعرض صورا وبيانات توضيحية، حول مدى تقدم هذه البرامج النووية، حتى انه، وعلى عكس كل الخطابات السابقة، لم يتطرق مطلقا لقضية الصراع العربي الإسرائيلي، واظهر هوسا وتأزما تجاه ايران، وبرامجها النووية، التي وصلت لحظة فاصلة، وقفزات كبيرة الى الامام، في مجال البحث والتخصيب النووي، وبناء منشآت نووية سرية في توركوز آباد وماريغان وظهران حد زعمه، ودعم حركات مسلحة تحيط بإسرائيل، وهاجم بشراسة الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي.
***
حالة الهذيان الإسرائيلية المتفاقمة هذه الأيام تعود الى حدوث تطورين أساسيين:

الأول: تبلور قناعة لدى الامريكان والإسرائيليين، مدعومة بتقارير امنية غربية سرية، تفيد بأن ايران أصبحت “دولة الحافة” نوويا، أي انها باتت تملك القدرات التكنولوجية، واليورانيوم المخصب لإنتاج رؤوس نووية، وامكانية تحميلها على صواريخ باليستية بعيدة المدى تصل الى العمق الفلسطيني المحتل.
الثاني: عدم اكتراث الحكومة الإيرانية الجديدة برئاسة السيد إبراهيم رئيسي “الثورية” بالعودة الى مفاوضات فيينا النووية، فقد أبعدت عباس عراقجي المفاوض السابق في حكومة روحاني من منصبه، واعفته من جميع مهامه، ولم تعين حتى الآن خلفا له، بينما قال حسين امير عبد اللهيان، وزير الخارجية الإيراني الجديد، ان بلاده ليست في عجلة من امرها للعودة الى مفاوضات فيينا وتحتاج ثلاثة اشهر على الأقل لتكون جاهزة لهذه المهمة.

القلق الإسرائيلي ربما يعود الى تصريحات انتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، الذي قال بعد توليه مهام منصبه قبل تسعة اشهر ان ايران على بعد ثلاثة اشهر من انتاج أسلحة نووية، الامر الذي يحتم العودة الى مفاوضات حول اتفاق نووي انسحبت منه بلاده عام 2015، الآن مرت تسعة اشهر دون ان تنجح أمريكا من خلال المفاوضات والاستعداد لتقديم تنازلات كبيرة من بينها رفع معظم العقوبات، مما يؤكد الفرضية التي تقول بأن السيد علي خامنئي المرشد الأعلى المشرف شخصيا على الملف النووي كان يتبنى سياسة كسب الوقت، انتظارا للانتخابات الرئاسية الإيرانية، للإطاحة بحكومة روحاني “الإصلاحية” والاتيان بحكومة رئيسي “الثورية”، والعودة الى المربع الأول، أي ما قبل توقيع الاتفاق النووي، وهذا ما يحصل حتى الآن.
إسرائيل تجني نتائج سياساتها الاستراتيجية “الغبية” في مواجهة مؤسسة إيرانية تتسم بالدهاء، فقد “تشابهت عليها “أي إسرائيل” البقر”، واعتقدت ان الإيرانيين على درجة كبيرة من السذاجة مثل بعض الحكام العرب يمكن ارهابهم بالتهديدات العسكرية، وخداعهم بأكذوبة التفوق العسكري والأمني، واجبارهم على توقيع اتفاقات “استسلام ابراهام” التطبيعية.
ما يؤكد ما نقوله ان نتنياهو هو الذي اوعز للرئيس الأمريكي السابق بالخروج من الاتفاق النووي مستخدما تلميذه “غير النجيب” جاريد كوشنر للقيام بهذه المهمة، ولم يدر انه كان يقدم “خدمة كبيرة” لإيران، وللمرشد الاعلى للخروج من هذا الاتفاق بأقل قدر ممكن من الخسائر، وبما يؤدي الى رفع معدلات التخصيب، وتطوير القدرات النووية الإيرانية، واعطائها الوقت اللازم في هذا المضمار.
***
التهديدات الإسرائيلية لن ترهب ايران، بل ستعطي نتائج عكسية تماما، فايران تحولت الى قوة إقليمية عظمى و”شبه” نووية، تأقلمت مع العقوبات، ووظفتها لتطوير قدرات ذاتية عسكرية متطورة جدا، واسست منظومة الاذرع العسكرية و”الثورية” الضاربة التي حيط بإسرائيل من الجهات الثلاث، وقريبا إضافة الجهة الرابعة (البحر)، وفازت في حرب السفن، وكسرت الحصار الأمريكي على حلفائها في سورية (قيصر)، ولبنان (المازوت)، واليمن (تحقيق التفوق العسكري في مواجهة العدوان السعودي)، وقطاع غزة (الردع الصاروخي).
لم نلتق السيدين خامئني ورئيسي، ولكن ما نستطيع استشرافه عن بعد، ان ابتسامة عريضة ارتسمت على محياهما وهما يتابعان تهديدات بينيت لإيران من فوق منبر الأمم المتحدة، وان كنا نشك بأنهما يملكان الوقت، وربما الرغبة في هذه المتابعة، ليس لتكررها، وانما أيضا لأنها فارغة من أي قيمة.. وكلام في الهواء.. والله اعلم.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron