الوثيقة | مشاهدة الموضوع - حرب التسريبات” تربك المشهد السياسي.. ابتزاز أم كشف للفساد؟ متابعات
تغيير حجم الخط     

حرب التسريبات” تربك المشهد السياسي.. ابتزاز أم كشف للفساد؟ متابعات

مشاركة » الخميس نوفمبر 14, 2024 9:17 am

تصدرت التسريبات الصوتية المشهد في العراق لتزيد من التعقيد في المعادلة السياسية وذلك قبل أقل من عام على إجراء الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في تشرين أول 2025، فضلا عن إساءتها لسمعة الدولة العراقية بشكل عام.
وتباينت الروئ لملف التسريبات الصوتية في العراق بين كشف الحقائق الخاصة بالفساد وقيادة الدولة العميقة وإدارة السلاح وبين الضغط السياسي والتسقيط الشخصي والابتزاز.
تحقيق في التسريبات
وبدأت هيئة النزاهة التحقيق في تسجيل صوتي منسوب إلى رئيس هيئة المستشارين بمكتب رئيس الوزراء يتعلق بتلقي رشى مقابل منح فرصة استثمارية.
وأوضحت الهيئة أن التحقيق جاء بتوجيه من رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني وبالتعاون والتنسيق مع قاضي محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية.
وتداول الإعلام العراقي ومنصات على مواقع التواصل الاجتماعي تسريبا صوتيا لكبير مستشاري رئيس الوزراء عبد الكريم الفيصل وهو يتحدث عن طلبه الرشوة خلال مكالمة صوتية ويعاتب على استلام مليون دولار فقط، لكن الفيصل نفى تلك الاتهامات وقال إنه “مقطع صوتي مفبرك”.
وفي التسجيل المنسوب إليه والذي لم يتم التحقق من صحته، يعبر شخص عن امتعاضه من تسلمه مليون دولار فقط مقابل ملايين سلمت لوزير ما، وكذلك وعد في التسجيل أنه سيطرح فرصة استثمارية لرئيس الوزراء.
وهذا هو التسجيل الثالث الذي ظهر خلال الأيام القليلة الماضية يتعلق بمسؤولين كبار أبرزهم رئيس هيئة النزاهة السابق، الذي أعفى من منصبه الشهر الماضي، ورئيس هيئة الضرائب الذي تم توقيفه عن العمل لمدة 60 يوما واعتقاله على ذمة التحقيق، بحسب مسؤول في هيئة النزاهة.
وفتحت السلطات في نهاية أكتوبر تحقيقا في المعلومات التي تضمنها التسريب الصوتي المنسوب إلى المدير العام للهيئة العامة للضرائب علي علاوي بحسب بيان رسمي.
ويوحي التسجيل الصوتي الخاص بعلي علاوي أنه يتلاعب بأموال الضرائب مقابل تخفيض نسبة الضرائب على مشاريع أحد رجال الأعمال.
وكذلك تم إعفاء رئيس هيئة النزاهة السابق من منصبه نهاية شهر أكتوبر بعد إجراء تحقيق في تسجيلات صوتية منسوبة إليه تتضمن جرائم تقاضي الرشى، ولكنه ورغم إعفائه حصل على منصب مستشار في وزارة العدل.
كما تداول ناشطون على مواقع التواصل ووسائل إعلام عراقية تسجيلا صوتيا منسوبا إلى السياسي خميس الخنجر، يشتكي فيه لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني من إجراءات في دائرة الأوقاف السنية، تشمل بيع بعض العقارات، بحسب التسجيل.
تسريبات المالكي
وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها نشر مثل هذا النوع من التسريبات، إذ شهدت الساحة العراقية في السنوات الأخيرة عدة تسريبات أبرزها ما نُسب إلى رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، حيث تضمنت التسجيلات انتقادات لاذعة لخصومه السياسيين، خاصة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وتحذيرات من احتمالية اندلاع اقتتال داخلي بين القوى الشيعية، ما أثار موجة توتر وتباينات بين القوى السياسية.
لكن ما أثار انتقادات الكثير من العراقيين أن تلك التسريبات لم تنته بمحاسبة المالكي، وهو ما عزز الشكوك بقدرة الجهات القضائية في محاسبة المتورطين بملفات الفساد أو التهديد أو خلق الفوضى بسبب نفوذهم السياسي.
تسريبات في الطريق
بالتزامن مع ذلك، كشف المتحدث باسم ائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي، عن أهداف كشف بعض التسريبات الصوتية لبعض الشخصيات السياسية والحكومية.
وقال المتحدث باسم الائتلاف عقيل الرديني إن “ما يجري حالياً هو فعلا حرب فهناك (حرب تسريبات) لبعض الشخصيات السياسية والحكومية، والموضوع حالياً تقف خلفه جهات داخلية، والهدف من ذلك هو تسقيط سياسي مقدمة للانتخابات المقبلة، كذلك ورقة ابتزاز سياسي لقضايا سياسية حول مكاسب وغيرها”.
وأضاف الرديني أن “حرب التسريبات فيها عمل وتدخل خارجي لبعض الأجهزة المخابراتية وغيرها، وربما التسريبات التي تقف خلفها أجندة خارجية تستخدم خلال المرحلة المقبلة، وتكون هي أخطر من التسريبات الحالية، وتستخدم ضد الحكومة والعملية السياسية في العراق، خاصة وأن العراق مخترق بشكل كبير وخطير”، حسب تعبيره.
ما هي أبرز مخاطر التسريبات؟
ولم يستبعد الباحث والأكاديمي غالب الدعمي وجود تسريبات صوتية جديدة سيتم الكشف عنها لاحقاً على اعتبار أن العراق دخل فعليا بعصر التسريبات.
وقال الدعمي إن “العراق وللأسف دخل عصر التسجيلات الصوتية والمشكلة الأكبر أن البعض لا يدرك خطورة هذه التسريبات بعيدا عن الخطورة الجنائية لها”.
وأضاف أن “الخطر الأبرز لهذه التسريبات بعيدا عن صحتها أو عدم صحتها لأن ذلك متروك للقضاء العراقي، هو إساءتها لسمعة الدولة ومؤسساتها من جهة، وانعدام الثقة بين الشارع العراقي والطبقة السياسية والحكومة العراقية من جهة أخرى”.
وتابع أن “من شأن هذه التسجيلات الصوتية والتسريبات أن تؤدي إلى فقدان الثقة بهيئة النزاهة والحكومة وجميع مؤسسات الدولة لا سيما وأن الرأي العام العراقي يرى أن الطبقة السياسية متورطة بالفساد”، مؤكدا أن “المواطن لو كان يثق بالطبقة السياسة والحكومة لما تعاطى مع هذه التسريبات”.
لماذا يغيب التفاعل مع ملف التسريبات؟
ويؤكد مختصون في الشأن القانوني أن التسريبات الصوتية يجب أن تخضع للتحقيق القضائي بعيدا عن الضغوطات السياسية خاصة وأن المواضيع التي تتضمنها بعض التسريبات تمس أمن الدولة ومصير أموالها.
ويقول الخبير القانوني داود العكيدي إن “التسريبات الصوتية التي تتضمن اعترافا بأفعال جرمية أو قضايا فساد وملفات أمن الدولة تجعل المشاركين فيها عرضة للمساءلة القانونية”، مبينا أن “تلك التسريبات تعتبر دليلا قانونيا يستوجب التحقيق سواء أكان المتحدث هو الجاني أو طرفا ذكر أثناء التسريب”.
وأشار العكيدي إلى أن “التسريبات في العراق ربما تكون مفبركة الغرض منها الاستهداف الشخصي وربما الابتزاز السياسي والمالي، ولفت إلى بعضها قد يكون حقيقيا والأخيرة يجب أن تتابع قضائيا ويقدم المتورطين بارتكاب أي جرم للمحاسبة”.
وبين أن “العراق لم يشهد تفاعلا مع هذا الملف لسببين الأول هو غياب الدور الفاعل للادعاء العام في متابعة هذه القضايا، والثاني يرجع إلى الضغوطات السياسية الكبيرة التي تمارسها بعض الجهات لطي صفحة تلك التسريبات”.
ورغم الفساد الذي تسلل إلى جميع مؤسسات الدولة والإدارات العامة في العراق، غالبا ما تستهدف العقوبات المستويات المتوسطة في الدولة أو المدراء البسطاء، ونادرا ما تستهدف قمة الهرم وكبار الفاسدين.
تسريبات صحيحة
وغالبا ينفى المعنيون والذين توجه لهم التهم بالتسريبات الصوتية صحة هذه التسريبات، معتبرينها محاولات لتشويه سمعتهم والتأثير على مواقفهم السياسية.
وتؤكد هذه التسريبات، رغم الجدل حول مصداقيتها، على التحديات المستمرة التي تواجهها المؤسسات العراقية في تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد.
وكان فريق التقنية من أجل السلام وهو أشهر فريق فني عراقي، قد أكد صحة التسجيلات المنسوبة إلى المالكي، وقال إنها ليست مفبركة.
ويؤكد مؤمل الجبوري وهو رئيس شبكة العراق الرقمي في العراق إن “هناك جهل رقمي كبير لدى غالبية الطبقة السياسية في العراق، يتجلّى في الاتهامات المتبادلة فيما بينهم بما يخص أساليب التجسس والتنصت، بعضها كان اتهامات هوليودية ليست مبنية على أي أساس تقني وغير مدعومة من مختصين بالمجال التقني”.
ويضيف: “كما يتّضح عدم المعرفة بالتفاصيل التقنية عند محاولة إنكار التسجيل على أنه تزييف باستخدام تقنيات التزييف العميق والذكاء الاصطناعي، الأمر الذي ثبُت خطأه أكثر من مرة بعد أن أثبتت التحقيقات القضائية صحة بعض التسجيلات الصوتية التي سربت لشخصيات بارزة”.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات