شنت قرابة 100 طائرة إسرائيلية هجوما كبيرا على اليمن أمس الخميس. حسب مصادر يمنية فإن الغارات استهدفت مطار صنعاء فدمرت أجزاء واسعة من صالة المغادرة وبرج المراقبة مما أدى لوقوع ضحايا مدنيين، كما قصفت المقاتلات ميناء الحديدة غربي اليمن، مستكملة عملية تدمير للبنى التحتية كان أبرزها محطات كهربائية محلية في العاصمة صنعاء، وتسبب الهجوم الإسرائيلي بالإضرار بطائرات مدنية، ومقتل مدنيين، وإصابة مساعد قائد طائرة تابعة للأمم المتحدة.
يأتي الهجوم بعد هجمات حوثية خلال الأيام العشرة الماضية استهدفت تل أبيب وعسقلان بخمسة صواريخ فرط صوتية وخمس طائرات مسيرة وفشل الدفاعات الجوية الإسرائيلية في اعتراضها مما تسبب بإصابة العشرات من الإسرائيليين.
لوحظ، في هذه الأثناء، إعادة حاملة الطائرات الأمريكية «هاري ترومان» تموضعها في البحر الأحمر، وابتعادها عن مرمى نيران قوات صنعاء إلى سواحل مدينة جدة، بالتناظر مع إعلان المتحدث العسكري الرسمي باسم الحوثيين عن هجمات بحرية استهدفت الحاملة ومجموعتها لقصف بالصواريخ والمسيرات.
حسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية فإن الأجهزة السياسية والأمنية الإسرائيلية ناقشت فشل ثلاث جولات سابقة من الضربات على اليمن في تحقيق نتائج، وبناء على ذلك فإن رئيس المخابرات الخارجية الإسرائيلية (موساد) قال إنه ليس مؤكدا أن الهجوم على الحوثيين «سيكون قادرا على إيقافهم». حسب هذه التقارير فإن برنياع رأى أن وقف هجمات الجماعة «بحاجة إلى مواجهة إيران مباشرة»!
وحسب هذه المصادر فإن بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة إسرائيل، اختلف مع تقييم رئيس الموساد قائلا إن إيران «قضية مختلفة، وسيتم التعامل معها في الوقت المناسب» فيما نقلت مواقع إخبارية إسرائيلية أن تل أبيب لن تتمكن من تكثيف هجماتها «إلى المستوى المطلوب لدحر الحوثيين» إلا بعد تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه في 20 كانون ثاني/يناير المقبل.
الحديث عن «ثمن باهظ يدفعه الحوثيون» بعد تولّي ترامب السلطة يدور عمليا عن خطط أمريكية لفرض حظر وعقوبات عليهم، بالتزامن مع هجمات جديدة قد تكون أكثر عنفا وعدوانية على الحوثيين، لكنه من المعلوم عسكريا أن الهجمات الجوية وحدها لا يمكن أن تغيّر كثيرا المعادلات على الأرض، وكل ما في الأمر أنها ستحصد مزيدا من أرواح الضحايا المدنيين، وتزيد معاناة اليمنيين.
تزامنت الغارات الإسرائيلية مع استعداد ممثل الأمم المتحدة والمنسق المقيم في صنعاء جوليان هارنيس للمغادرة عبر مطار صنعاء، والأغلب أن تؤدي الغارات الإسرائيلية إلى التأثير في المفاوضات بين أطراف الصراع في اليمن، وإلى التأثير أيضا على الجهود الأممية والعربية لحل سياسيّ للنزاع في اليمن.
يأتي هذا، فيما تنفلت حرب إسرائيل على الفلسطينيين في غزة من كل المقاييس القانونية والإنسانية وتتأكد باعتبارها حرب إبادة شاملة ضد الفلسطينيين، وفيما تتوغّل مجددا في الأراضي اللبنانية والسورية، وتتزايد تصريحات نتنياهو المهددة لـ«الجميع» في شكل من البلطجة غير المسبوقة العابرة للحدود والقارات، ويناظرها تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الذي يتطلّع لضم كندا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ويهدد بغزو بنما، ويعرض شراء غرينلاند!
إسرائيل، بهذا المعنى، هي وصفة لجنون عالمي مستطير ليس مسلطا على الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين والمنطقة العربية فحسب، وهذا الجنون لا يمكن أن يستمر!