بالتزامن مع قرب موعد إجراء الانتخابات التشريعية عبّر سياسيون عن مخاوفهم من خطورة تعميق الانقسامات في المجتمع العراقي، وأشاروا إلى حيّل انتخابية يستغلها الساسة لكسب الأصوات.
بغداد ـ «القدس العربي»:أشّر سياسيون عراقيون، تصاعداً في حدّة التصريحات والخطابات الطائفية، بالتزامن مع قرب موعد إجراء الانتخابات التشريعية المقررة في موعدٍ لا يتعدى الـ25 من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وفيما عبّروا عن مخاوفهم من خطورة تعميق الانقسامات في المجتمع العراقي، أشاروا إلى «حيّل انتخابية» يستغلها الساسة لكسب الأصوات.
النائبة في مجلس النواب العراقي، زهرة البجاري، حذّرت من محاولات بعض الأطراف السياسية تكرار سيناريوهات الانتخابات السابقة، التي شهدت استغلال النعرات الطائفية مع اقتراب الاستحقاق البرلماني، مشددة على أن هذه الممارسات تشكل خطرًا على استقرار العراق وتؤجج الانقسامات المجتمعية.
وقالت البجاري في تصريحات لمواقع إخبارية محلّية إن «اللعب على وتر الطائفية مع كل استحقاق انتخابي أصبح أسلوبًا مرفوضًا يضر بالنسيج الوطني»، مشيرة إلى أن «بعض الشخصيات السياسية تعمل على استغلال الخطاب الطائفي لحصد الأصوات، بدلاً من التركيز على البرامج الانتخابية الفعالة».
وأضافت أن «الأحزاب والقوى السياسية مطالبة بالالتزام بمبادئ التنافس الديمقراطي النزيه، بعيدًا عن الممارسات التي تهدد وحدة المجتمع»، داعية «الجهات الرقابية إلى متابعة الخطاب الانتخابي واتخاذ الإجراءات القانونية ضد أي تحريض على الفتنة».
ومن بين جمّلة المخاوف السياسية من التلاعب بإرادة الناخبين، يشير الوزير العراقي السابق، زعيم تحالف «مستقبل العراق»، باقر الزبيدي، إلى أنه مع اقتراب الانتخابات النيابية ما زال البعض يصر على اتباع أساليب وحيل أصبحت مظهرا من مظاهر الانتخابات.
ووفق الزبيدي فإن هذه «الحيل الانتخابية» لطالما تضمنت «توفير محولات كهربائية لبعض المناطق أو تبليط الشوارع أو توفير خدمات لمناطق متجاوزة أو وعود بالتعيينات»، مبيناً أن «هذه الحيل الانتخابية ورغم أنها نجحت إلى حد ما في الدورات السابقة فإنها لن تنجح في المرة المقبلة، لأن الوعي الوطني زاد في المدة الأخيرة وخصوصاً بعد أحداث غزة وما تمر به المنطقة من منعطفات حرجة».
وذكر في بيان صحافي أن «البعض للأسف ما زال يعمل بنفس العقلية التي تعتمد على هذه الحيل، بل أن بعض النواب السابقين والحاليين باتوا يعرفون بالشارع عن طريق هذه الأساليب وأصبحوا مادة للتندر بين المواطنين»، لافتاً إلى أن «من ينتهجون هذه الأساليب يعلمون أنهم غير قادرين على القيام بواجبات النائب الحقيقية من عمليات استجواب أو تشريع قوانين، لأنهم ببساطة غير مؤهلين لمثل هذا الأمر لافتقادهم للخبرة السياسية كما أنهم يستخدمون التهديد بالاستجوابات كوسيلة ابتزاز لتحقيق أرباح ومنافع شخصية».
وأفاد بأن «الشارع العراقي اليوم بات واعياً لهذه الأساليب، واستطاع أن يكشف الحيل والألاعيب الانتخابية، وهو قادر على معاقبة أصحابها في الانتخابات المقبلة»، على حدّ وصفه.
وكان الزبيدي قد وثّق انطلاق حملات «التشويه والتظليل» تقف خلفها جهات- لم يسمها- قال بأنها تراهن على الخطاب نفسه، تزامنا مع قرب الانتخابات النيابية.
واعتبر أن هذه الأساليب «تضع شرعية الانتخابات على المحك، خصوصا مع نسب المشاركة المتدنية خلال الدورات السابقة وغياب مفاهيم الشرف في الخصومة السياسية، ينعكس بشكل كبير على الجمهور والشارع العراقي».
وأفاد في بيان سابق بأن «حملات التظليل والأخبار الكاذبة أعادت النبرة الطائفية حتى في الخطاب السياسي لدى البعض، في وقت نحتاج فيه إلى التكاتف كعراقيين أكثر من أي وقت مضى، ونحن نرى ما يجري على حدودنا من فوضى».
ودعا الزبيدي إلى أن «يكون التنافس بين القوى السياسية مبنيا على البرامج التي تقدمها خلال الانتخابات، والتي تستهدف المواطن وتعمل على انتشاله من أزماته ومشاكله، وما يجري اليوم لن يوصل الجهات التي تقف خلف هذه الموجة من الأكاذيب إلى أي نتيجة، لأن العراقيين باتوا يعرفون وبدقة كبيرة من هي القوى الوطنية الحقيقية».
ولفت إلى أن «حملات التظليل صاحبتها أيضا محاولة الترويج لبعض الوجوه الكالحة التي أثبتت فشلها وطرحها كحلول لإنقاذ العراق، بينما هي في الحقيقة وخلف الكواليس تحاول صناعة الأزمات للبلاد»، منبّهاً إلى أن «البعض ما تزال رائحة ملفات فسادهم تزكم أنوف العراقيين، وما تزال ملفاتهم في الجهات الرقابية زاخرة بالعديد من القضايا».
ورأى أن «من يفتقد الشرعية الجماهيرية مهما كانت الجهات التي تقف خلفه، لن يكون سوى عميل بنظر العراقيين».
ووفق تأكيدات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فإن الاقتراع العام في البلاد سيجري في موعده نهاية عام 2025، مستبعدة تغيير القانون الذي جرت بموجبه انتخابات عام 2021.
وحسب رئيس الفريق الإعلامي للمفوضية عماد جميل، فإن «الانتخابات العامة ستجري في موعد أقصاه 25 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، حيث يلزم القانون الالتزام بموعد إجرائها قبل 45 يوماً من انتهاء ولاية الدورة البرلمانية الحالية»، موضحاً أنه «يحق لنحو 30 مليون شخص التصويت»، فيما استبعد أي «امكانية لتغيير قانون الانتخابات».
وفي نهاية الأسبوع الماضي، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، انطلاق عملية تحديث سجل الناخبين، بهدف إجراء حالات التحديث التي تشمل التسجيل لأول مرة والإضافة والتصحيح والتغيير والحذف.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية، جمانة الغلاي، إن «مجلس المفوضين قرر إطلاق عملية تحديث سجل الناخبين التي ستستمر لمدة شهر، لإجراء حالات التحديث على التسجيل لأول مرة والإضافة والتصحيح والتغيير والحذف وتسجيل النازحين والقوات الأمنية».
وأشارت الغلاي إلى أن مفوضية الانتخابات «ستستقبل الناخبين لتحديث بياناتهم في 1079 مركز تسجيل، في عموم العراق».
وتواصل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات استعداداتها لإجراء الانتخابات وفق القانون المعدل، حيث أكدت الغلاي أن «المفوضية ماضية في عملية تحديث سجل الناخبين، إذ تجاوز عدد الناخبين المسجلين 29 مليون ناخب».
وبيّنت أيضاً أن «المفوضية ماضية في عملها لإجراء انتخاب مجلس النواب على وفق قانون الانتخابات المعدل والنافذ رقم 12 سنة 2018، وبدأت استعداداتها لإجراءات هذه الانتخابات وفقاً للمعايير الدولية».