الوثيقة | مشاهدة الموضوع - هل ستكون الدعوة لاستحداث المحافظات الجديدة بداية لتقسيم العراق؟
تغيير حجم الخط     

هل ستكون الدعوة لاستحداث المحافظات الجديدة بداية لتقسيم العراق؟

مشاركة » الخميس إبريل 17, 2025 9:19 pm

1.jpg
 
تصاعدت في العراق الدعوات لاستحداث محافظات جديدة بعد اقتراب التصويت على تحويل قضاء حلبجة في إقليم كردستان إلى محافظة لتكون بعد تصويت البرلمان عليها المحافظة العراقية الـ 19.

واللافت في الدعوات الأخيرة أنها جميعا اتخذت من الهوية المذهبية والقومية والدينية منطلقا لتشكيل المحافظات الجديدة، وهو الأمر الذي يثير الشبهات حول النوايا التي تقف وراء المطالبات الأخيرة بخصوص المحافظات الجديدة.

المطالبات باستحداث محافظات بهويات مذهبية وقومية يتزامن مع اقتراب الانتخابات البرلمانية العراقية، إذ اعتاد العراقيون على التصعيد والتحريض الطائفي من بعض الجهات السياسية قبيل كل انتخابات من أجل الكسب الانتخابي.

ولا يمكن مقارنة مدينة حلبجة بغيرها من المدن العراقية من حيث تحويلها إلى محافظات جديدة، فحلبجة قبل وبعد تحويلها منخرطة ضمن إقليم كردستان شبه المستقل عن الدولة العراقية، والأمور في إقليم كردستان لا يمكن مقارنتها بباقي المناطق العراقية من حيث التركيب السكاني، فالغالبية العظمى من سكان كردستان من القومية الكردية على عكس الخليط الذي تعيش فيه باقي المناطق والتي تشكل الغالبية في بعضها من العرب السنة، ولكنها رغم ذلك يراد لها أن تتحول إلى محافظات بصبغة شيعية كما حصل خلال الدعوات المطالبة بتحويل مدينة سامراء إلى محافظة بهوية شيعية رغم أن غالبية سكانها من العرب السنة.

وبدأت الدعوات لاستحداث المحافظات على أسس طائفية ومذهبية عندما طرح النائب عن كتلة العصائب علي تركي مشروعا لتحويل مدينة سامراء إلى محافظة شيعية، الأمر الذي أثار رفضه ممثلو سامراء ووجهاء المدينة، كما رفضته محافظة صلاح الدين التي ترتبط بها سامراء.

وبعد ذلك دعا نواب عن كتلة بدر بزعامة هادي العامري إلى استحداث محافظة جديدة في نينوى تضم مناطق سهل نينوى وتلعفر وسنجار بعد اجتزاء تلك المناطق عن محافظة نينوى، وهو الأمر الذي قوبل برفض واسع من القوى السياسية العربية في نينوى التي وصفت تلك الدعوة بأنها محاولة لتقسيم المحافظة على أسس طائفية وعرقية.

وأكد القدو أن نواب بدر أخذوا بجمع الدعم من باقي الكتل السياسية لدعم ملف استحداث المحافظات، فيما أشار إلى أن العمل يجري على إدراج مشروع إنشاء محافظات سهل نينوى وتلعفر ضمن فقرة التصويت على تحويل حلبجة إلى محافظة، لضمان التصويت عليها ضمن السلة الواحدة.


وانضم التركمان إلى مركب الداعين لاستحداث محافظات جديدة على اعتبارات قومية، حيث طالب رئيس الجبهة التركمانية العراقية محمد سمعان، الحكومة العراقية ومجلس النواب، بتحويل قضاءي تلعفر في نينوى وطوز خورماتو في صلاح الدين إلى محافظتين، مؤكداً أن هذا المطلب محوراً أساسياً في البرنامج السياسي لقائمة جبهة تركمان العراق الموحد.

وطالب سمعان في بيان الحكومة العراقية ومجلس النواب بـتحويل قضاءي تلعفر وطوز خورماتو إلى محافظتين جديدتين أسوة بحلبجة واستناداً إلى ما قدمه التركمان من تضحيات جسام في مواجهة الإرهاب، وصمودهم في وجه سياسات التهميش والإقصاء لعقود طويلة.

ويعزو الداعمون لفكرة استحداث المحافظات الجديدة في نينوى ومن بينهم النائب عن كتلة بدر وممثل كوتا الشبك في مجلس النواب وعد القدو إلى الظلم والتهميش والإقصاء الذي تتعرض له الأقليات في نينوى ومنهم الشبك وباقي المكونات الأخرى كالمسيحيين والإيزيديين والتركمان.

في المقابل وصف النائب عن نينوى أحمد الجبوري الدعوات لتقسيم نينوى بأنها بداية لتقسيم العراق، وأكد رفضه القاطع لتلك الدعوات التي يقف الدافع المذهبي والطائفي خلفها، حسب تعبيره.

أما عضو مجلس النواب طالب المعماري فحذر من محاولات تقسيم محافظة نينوى على أسس طائفية وعرقية عبر مشروع تحويل بعض المناطق إلى محافظات مستقلة عنها.

وقال المعماري في تصريح لشبكة “الساعة”: إن “الدعوات التي أطلقت في مجلس النواب إنما هي محاولات واضحة لتقسيم محافظة نينوى على أسس طائفية وعرقية والتي تجري عبر بعض المقترحات تحت غطاء تحويل أجزاء من المحافظة إلى محافظات مستقلة كمحافظة تلعفر وسهل نينوى”.

وحذر المعماري من أن “هذه الخطوات تمثل تهديداً لوحدة محافظة نينوى ونسيجها الاجتماعي المتنوع وتفتح الباب أمام مشاريع مشبوهة تستهدف تفكيك العراق وضرب تماسكه الجغرافي والاجتماعي”، مبينا أن “نينوى كانت وستبقى رمزاً للتعدد والتعايش السلمي بين مكوناتها كافة وأي محاولة لتجزئتها تصب في مصلحة الأجندات التي لا تريد الخير لهذا البلد”.

ودعا جميع القوى السياسية إلى “الوقوف صفاً واحداً لرفض هذه المحاولات المشبوهة والحفاظ على وحدة نينوى أرضاً وشعباً والعمل على دعم استقرارها وإعمارها بدل الانجرار وراء مشاريع التقسيم”.

من جانبه أكد عضو مجلس محافظة نينوى هشام الهاشمي رفض مجلس نينوى لدعوات تقسيم نينوى على الأسس المذهبية والعرقية.

وقال الهاشمي في تصريح لشبكة “الساعة” إن “هذه المحاولات تشكل خطرا يهدد نينوى ويهدف إلى تقسيمها وتمزيق نسيجها الاجتماعي”، مشددا على “رفض المجلس لتقسيم نينوى خاصة وأنها الدعوات لها تندرج ضمن أجندات خارجية مشبوهة وأجندات حزبية وانتخابية يراد منها الكسب الانتخابي”.

ودعا الهاشمي نواب نينوى إلى “اتخاذ موقف موحد وحازم للتصدي لمشروع تقسيم المحافظة”، كما دعا أهالي نينوى إلى “عدم الانجرار وراء التصريحات الطائفية الرامية لتفكيك المحافظة وتمزيق وحدة نسيجها المجتمعي”.

ويثير طرح مشروع تشكيل محافظات في سهل نينوى وسنجار وتلعفر الكثير من علامات الاستفهام ولا سيما أنها تأتي خارج إرادة سكان تلك المناطق وخلافا لرغبة الحكومة المحلية وغالبية نواب نينوى، فمنطقة سهل نينوى والتي تضم مناطق الحمدانية وتلكيف وبعشيقة يسكنها خليط من الكرد والعرب والشبك والتركمان والمسيحيين والإيزيديين، فيما يشكل العرب والتركمان السنة غالبية سكان قضاء تلعفر الذي يضم إلى جانب مركز القضاء نواحي العياضية وزمار وربيعة، في حين يضم قضاء سنجار خليطاً من الإيزيديين والعرب السنة والكرد.

كما يثير طرح هذا الموضوع من قبل كتلة بدر المخاوف لدى غالبية المكونات في المنطقة فهذا المشروع يدفع نحو إدارة المحافظات الجديدة من قبل جهات سياسية شيعية على اعتبار أنها تمتلك السلطة والنفوذ في بغداد على حساب الأغلبية من المكونات الأخرى، وهذا ما حذر منه الباحث في الشأن السياسي علي الجبوري.

وقال الجبوري في حديث لشبكة “الساعة”: إن “منطقة سهل نينوى تخضع اليوم لسلطة فصيلين مسلحين الأول يتبع لريان الكلداني وهو فصيل بابليون والثاني يتبع لوعد القدو وهو حشد الشبك”، مبينا أن المنطقة ستشهد نزاعا واقتتالا من أجل حكم المحافظة المفترضة”.

وأضاف الجبوري: أن “إعلان محافظة تلعفر يعني أنها ستخضع لإدارة كتلة بدر والجهات المسلحة التي تدعمها وتسمك الأرض في تلعفر، فيما سيكون غالبية سكان القضاء من العرب والتركمان السنة والكرد خارج منظومة الحكم في المحافظة الجديدة، وهذا الأمر من شأنه أن يخلق فتنة جديدة العراق في غنى عنها”.

وبين أن “الحال في سنجار لن يختلف كثيرا على اعتبار أن يخضع لسيطرة الفصائل المسلحة الإيزيدية وأبرزها وحدات حماية سنجار (اليبشة) الموالية لحزب العمال الكردستاني وهو الأمر الذي يترتب عليه استهداف وتهميش العرب السنة والكرد”، حسب تعبيره.

من جهته دعا رئيس مركز رصد للدراسات محمد غصوب إلى محاسبة الداعين لتمزيق وحدة المحافظات على اعتبارات مذهبية وطائفية وعرقية بتهمة الخيانة للعراق ولوحدته.

وقال غصوب في تصريح لشبكة “الساعة”: إن “الغريب في الدعوة لإنشاء المحافظات بهويات طائفية أطلقه نواب أقسموا على الحفاظ على وحدة العراق بينما هم في الحقيقة يمزقون وحدته ووحدة المحافظة الواحدة التي يراد تقسيمها إلى محافظات عديدة”.

وأضاف غصوب: أن “فحوى الدعوات الأخيرة تتلخص في أن جهات سياسية تريد أن تستحدث محافظات لكل طائفة أو قومية وذلك يعني أن محافظات جديدة سيتم استقطاعها من نينوى للإيزديين والمسيحيين والشبك والتركمان وهذا خلاف قانوني ودستوري واضح”.

وأوضح أن “الغاية من الدعوات هو الكسب السياسي والانتخابي لأن مطلقي هذه المشاريع أثبتوا إخفاقهم وفشلهم في عملهم الرقابي والتشريعي والخدمي والإداري أمام جماهيرهم”، منوها إلى أن “على القضاء العراقي التحرك لمحاسبة مروجي هذه المشاريع بتهمة الخيانة على اعتبار أنهم يشكلون خطرا على العراق ووحدته أكثر من أعداء العراق”.

ويبدو أن الجدل الذي أثاره موضوع استحداث محافظات عراقية جديدة شمل قضاء حلبجة أيضا، إذ أثار التصويت الأخير داخل مجلس النواب العراقي بشأن تحويل قضاء حلبجة إلى محافظة، جدلاً واسعاً بين النواب، وسط اتهامات بحدوث خروقات قانونية تتعلق بعدم اكتمال النصاب القانوني أثناء التصويت.

وأكد عضو اللجنة القانونية النيابية عارف الحمامي، في تصريح خاص لشبكة “الساعة”، أن “التصويت تم رغم عدم اكتمال النصاب”، مشيراً إلى أن “عدداً من النواب انسحبوا من قاعة الجلسة قبيل التصويت، احتجاجاً على الفقرة المتعلقة بحلبجة”.

وأوضح الحمامي أن “هؤلاء النواب لجؤوا إلى كسر النصاب من خلال مغادرة القاعة والجلوس في الكافتيريا، ثم وقّعوا لاحقاً على وثائق تؤكد عدم وجودهم داخل الجلسة أثناء التصويت”.

وأضاف النائب أن “اللجنة القانونية تلقت تواقيع النواب المنسحبين، وقد تم توثيق تلك التواقيع رسمياً لغرض تقديمها كجزء من الطعن في قانونية التصويت”، مبينا أن “اللجنة القانونية شخصت بوضوح أن النصاب لم يكن مكتملاً، وسترفع تقريرها إلى رئاسة المجلس لاتخاذ الإجراءات اللازمة”.

كما أشار إلى “وجود مسارات قانونية أخرى للطعن، من بينها اللجوء إلى المحكمة الاتحادية، حيث سيتم الاستعانة بتسجيلات الكاميرات للتحقق من عدد الحاضرين فعلياً داخل القاعة لحظة التصويت”.

واختتم النائب بالقول: “بعض النواب الذين سجلوا حضورهم في البداية انسحبوا لاحقاً من الجلسة، بهدف منع تمرير الفقرة الخاصة بحلبجة، وقد تم توثيق ذلك بوضوح، مما يضع علامات استفهام قانونية حول صحة عملية التصويت”.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات