اضطرت أم دعاء (60 عاماً)، لبيع بطاقتها الانتخابية قبل شهر تقريباً بمبلغ زهيد وسلة غذائية بسيطة، عرضها عليها مندوب أحد المرشحين للانتخابات النيابية المقبلة.
وتقول أم دعاء إن سبب اضطرارها لبيع بطاقتها الانتخابية يعود لحاجتها إلى المال لشراء الدواء.
وتوضح، أنها باعت بطاقتها “بمبلغ 100 ألف دينار فقط، مع حصة تموينية”، حيث سلّمت البطاقة للمندوب بعد تسلّمها المقابل، غير أنها قررت عدم الذهاب إلى التصويت لأن “لا شيء يرجوه الجميع من المرشحين”.
في الحي العشوائي الذي تسكنه أم دعاء، لم يعد غريباً مشهد تزاحم السيارات الفارهة، للبحث عن الناخبين الذين يوافقون على بيع بطاقاتهم الانتخابية، حيث يبحث مندوبو المرشحين عن هذه البطاقات بأسعار تختلف بحسب وزن وثقل القائمة أو المرشح، إلى جانب عمر الناخب والمدينة أو الحي الذي ينحدر منه.
حيث حصل رعد العبودي (22 عاماً)، على مبلغ أكبر من الذي حصلت عليه أم دعاء، بعد أن قرر بيع بطاقته الانتخابية لأحد مندوبي المرشحين.
ويقول العبودي إن “مسؤولي الحملات الانتخابية عادة ما يباشرون مهامهم في استقطاب أكبر عدد من الأصوات وبمختلف السبل، وقد قدّم لي أحدهم عرضاً يقضي بدفع 200 دولار مقابل تسليمه بطاقتي الانتخابية ليضمن مني الولاء والتصويت لصالح مرشحه في يوم الاقتراع”.
ويضيف “كنت أحسب أنه بمجرد استلام النقود وتسليم البطاقة تنتهي القصة بإلزام من يبيع بطاقته بالتصويت في يوم الاقتراع، وهو ما دفعني لوضع شروطي واستقطاب أصدقائي، وأن يدفع لنا مبالغ مقطوعة لحين إجراء الانتخابات، على أن لا تقل عن 150 ألف دينار شهرياً وبذلك نجحت في تأمين مصروف ثابت لأكثر من شهرين”.
ووفقاً للعبودي، فالأمر أصبح “عرفاً بين أوساط الناخبين، لا سيما من الشباب”.
لكن عملية الترويج الانتخابي ليست بهذه السهولة، كما يقول أبو عبد الله الساعدي، (45 عاماً)، وهو مشرف على الترويج الانتخابي لإحدى القوائم في جانب الرصافة.
حيث يؤكد الساعدي، أن “عملية الترويج ليست سهلة لا سيما للمرشحين الجدد، كونهم غير معروفين بالنسبة للناخبين ضمن الدائرة الانتخابية، أو خارج حدود منطقة المرشح، وبالتالي فلا بد من استحداث سبل لضمان النجاح من بينها شراء صوت الناخب، وليس بطاقة الناخب، بمعنى أن أغلب الناخبين عرضوا بطاقاتهم الانتخابية للبيع وبأسعار متفاوتة بحسب مواقع سكناهم”.
ويوضح أن “سعر بطاقة الناخب في زيونة يختلف عنه في الفضيلية أو حي المعامل أو حي الأمين وهكذا، إلى جانب أن عملية الشراء تقتضي إلزام البائع بالحضور يوم الاقتراع إلى المركز الانتخابي والإدلاء بصوته لصالح من باع له بطاقته، وهنا تكمن الصعوبة في كيفية التزامهم”.
ووفقاً لما يرويه الساعدي، تم اعتماد آلية دفع سعر البطاقة على شكل دفعات، تُسلّم آخر دفعة بعد مشاركته بالاقتراع، وذلك يتم عن طريق آلية أخرى وهي أن تتكفل الجهة (الحزب، القائمة، المرشح) بتهيئة سبل نقل الناخب من منزله إلى المركز الانتخابي التابع له عن طريق فرق خاصة تهتم بذلك، وتلك الخدمات مدفوعة الثمن.
ويضيف أن “أغلب الذين باعوا بطاقاتهم يقدمون عناوينهم التفصيلية مع الاحتفاظ ببطاقاتهم لحين يوم الاقتراع، والأمر لا يخلو من المفاجأة كون أغلب الذين باعوا بطاقاتهم قد لا يلتزمون بعهودهم وبالتالي يسقط حقهم بالتصويت كما لا يمكن الإفادة من بطاقاتهم وهذه تعد خسائر مادية مضافة على المرشح حيث أن الأسعار ترتفع مع اقتراب موعد الانتخابات”.
ولا تقتصر عمليات بيع البطاقات الانتخابية على استخدامها في التصويت، حيث تسعى كتل سياسية إلى شراء البطاقات الانتخابية لإتلافها وإبعادها عن ساحة المنافسة.
ويؤكد مراقبون أن بعض عمليات شراء البطاقات الانتخابية تهدف إلى تسقيط مرشح أو قائمة ما، من خلال دفع مبالغ كبيرة لجماهيرها مقابل إتلاف البطاقة البايومترية وبما يضمن عدم المشاركة بالاقتراع من قبل الناخب، حيث تصل أسعار البطاقة الواحدة إلى مليون دينار في بعض المناطق كالمنصور والكرادة والجادرية مقابل إتلاف البطاقة من قبل الناخب كشرط لتسليمه المبلغ المشار إليه.
وتعليقاً على الموضوع، تقول نائبة المتحدث باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، نبراس أبو سودة، إن “من الصعب المستصعب استخدام بطاقة الناخب من غير أصحابها، حيث يُعد هذا الأمر خرقاً يُحاسب عليه القانون”.
وتشير إلى أن “المفوضية اتخذت إجراءات وقائية تتمثل في أن هذه البطاقة لا تُستخدم إلا من قبل صاحبها عبر البصمة البايومترية الخاصة بالناخب والمطابقة الثلاثية يوم الاقتراع، أي هناك ثلاث بصمات يجب أن تتطابق، البصمة الحية مع البصمة الموجودة في البطاقة البايومترية، مع البصمة الموجودة داخل جهاز التحقق، وهذه المطابقة الثلاثية لا تتم إلا بوجود الناخب نفسه