الوثيقة | مشاهدة الموضوع - من هم عرب إسرائيل أو فلسطينيو الداخل؟ حسين عمارة
تغيير حجم الخط     

من هم عرب إسرائيل أو فلسطينيو الداخل؟ حسين عمارة

مشاركة » الجمعة مايو 14, 2021 7:30 pm

يمثل عرب إسرائيل، أو من يطلق عليهم كذلك فلسطينيي الداخل أو عرب 48، نسبة 20 بالمئة من عدد سكان إسرائيل، باتوا مواطنين إسرائيليين منذ عام 1948 وهو عام تأسيس الدولة العبرية، لكنهم لا يزالون يتعرضون للتمييز. فالعنف الأخير الذي اندلع في المدن التي يعيش فيها العرب منذ عقود مع اليهود الإسرائيليين، أحدث خللا كبيرا بالتوازن الهش فيها.
إعلان

"أنا عربي إسرائيلي، لكني فلسطيني أيضا. فهويتي مزدوجة"، هكذا يصف ثابت أبو راس وضعه لفرانس24. يقول: "لدي جواز سفر إسرائيلي، ولكن نصف أفراد عائلتي يعيشون في قطاع غزة وأنا على اتصال وثيق بهم". يقطن ثابت بالقرب من بلدة اللد حيث يقع مقر عمله. وهو المدير التنفيذي لمنظمة "مبادرات أبراهام" التي تعمل على تعزيز التقارب الثقافي بين اليهود والعرب الإسرائيليين ويقود فريقا من أفراد المجموعتين.

مثل العديد من العرب الإسرائيليين، أي الفلسطينيين الذين بقوا في أرضهم عند تأسيس إسرائيل عام 1948، يشعر ثابت أبو راس أنه عالق بين نارين، بين هويته العربية الفلسطينية وبين جنسيته الإسرائيلية. شعور بعدم الارتياح زاده حدة اندلاع أعمال عنف دموية في الأيام الأخيرة.

للمزيد: تواصل القصف الإسرائيلي على غزة وحصيلة الضحايا الفلسطينيين ترتفع إلى 119 قتيلا 31 منهم أطفال

"فلسطينيو الداخل"،"العرب"، "عرب 48"... العديد من المصطلحات المستخدمة للإشارة إلى عرب إسرائيل وتعكس الكثير عن تعقيد وضعهم. مصطلح "العرب الإسرائيليون" أصبح مألوفا، لكنه مستخدم بشكل رئيسي من الدولة الإسرائيلية" كما تقول أنييس لوفالوا. فهذه الباحثة في شؤون الشرق الأوسط تفضل أكثر مصطلح "فلسطينيو إسرائيل" عند الحديث عن الأقلية العربية من حاملي الجنسية الإسرائيلية الذين يعيشون هناك. "لقد سكنوا هذه الأراضي قبل تأسيس إسرائيل، وهم الفلسطينيون الذين بقوا على هذه الأرض التي أصبحت إسرائيل بعد الحرب العربية الإسرائيلية الأولى [عام 1948]. فاستخدام هذا المصطلح، عرب إسرائيل، يهدف في المقام الأول إلى دمجهم وتحويل انتمائهم إلى ما يسمى بالأمة الإسرائيلية وعزلهم بذلك عن الفلسطينيين القاطنين في قطاع غزة والضفة الغربية. حتى لو كان بعضهم ينأى بنفسه عن الفلسطينيين ويفضلون العيش في إسرائيل حيث يتمتعون بمزيد من الحرية والإمكانات"، كما يؤكد نائب رئيس مركز "Iremmo" (معهد أبحاث ودراسات الشرق الأوسط المتوسطي) في باريس.

"التمييز المؤسساتي"

يمثل عرب إسرائيل اليوم أكثر من 20 بالمئة من سكان إسرائيل، فعددهم رسميا يبلغ 1,8 مليون مواطن، ينحدرون من 160 ألف فلسطيني بقوا في 1948. أقلية صغيرة منهم من الدروز والمسيحيون، والأغلبية منهم مسلمون.

"إنهم مواطنون إسرائيليون كاملون، متساوون في الحقوق، على الأقل من حيث المبدأ"، يعلق جان-مارك ليلينغ، محام فرنسي إسرائيلي يعيش في تل أبيب، متخصص في شؤون المجتمع المدني الإسرائيلي وناشط في مجال السلام. "يجب أن أعترف أن هناك بعض التمييز المؤسساتي، المرتبط بغياب تعريف واضح ’للدولة اليهودية‘" فالتساؤل حول الهوية في البلاد مستمر "لكن تحت ستار كونها دولة يهودية وديمقراطية يتم إعطاء الأفضلية للسكان اليهود الذين يمثلون الأغلبية، ومن ثَمَّ هناك نوع من التمييز ضد عرب إسرائيل".

ما هي "وضعية عرب إسرائيل"؟

لطالما شجب عرب إسرائيل هذا التمييز - فهم من حقهم التصويت وهناك اثنا عشر نائبا منهم في الكنيست ( البرلمان الإسرائيلي) من أصل 120 نائبا. لكن كما يقولون، لم يسبق لأي حزب عربي أن شارك في ائتلاف حكومي. مع أنهم يدفعون الضرائب ويتمتعون بالمزايا الاجتماعية التي تمكنهم نظريا من تقلد جميع أنواع المناصب.

وفي حكم مدوِّ صدر في تموز/يوليو عام 2000، اعترفت المحكمة العليا بأن الأقلية العربية تعاني من التمييز، وخاصة في مجال التوظيف.

مثال آخر، وعلى عكس باقي السكان، لا يخدم عرب إسرائيل في الجيش والمؤسسات العسكرية باستثناء الدروز. "وهذه علامة على وجود أزمة ثقة فيما يتعلق بهذا المجتمع. قد يبدو الأمر وكأنه جزء من رواية، لكنه واضح الدلالة"، كما تقول أنييس لوفالوا في تحليلها، "فالخدمة العسكرية هي رمز الانتماء إلى الأمة".

طبقة وسطى تطمح للمساواة

من أكثر النقاط حساسية موضوع مصادرة الأراضي، فالسلطات الإسرائيلية قد استولت على جميع أراضي البلديات العربية تقريبا لتوطين المهاجرين اليهود. يأسف ثابت أبو راس على التمييز المرتبط بالمساكن. وكما يوضح ثابت الذي تلقى تعليمه في مجال الجغرافيا "تطمح الطبقة الوسطى العربية اليوم للعيش في مساكن أفضل حالا. على سبيل المثال، لا يمكنهم الحصول على وحدات في الكيبوتس لأن الطلبات تمر من خلال ’لجنة خاصة‘ تقرر ما إذا كان من المناسب لك العيش مع اليهود أم لا، وترفض تلقائيا طلبات العرب". كل هذه التفرقة التي وضعت بالتدريج وعلى أساس يومي معناها أن هذا العربي الإسرائيلي لا يشعر بأنه "مساوٍ" للمواطن اليهودي الإسرائيلي.

بالنسبة إلى جان مارك ليلينغ، فإن تصور العرب الإسرائيليين على أنهم "مواطنون من الدرجة الثانية" يبرز من خلال التمييز العمراني. "فأغلب السكان العرب الإسرائيليين الذين يعيشون في الضواحي لا يحصلون على نفس نوعية خدمات الدولة" كما يؤكد جان مارك ليلينغ.

أما أنييس لوفالوا التي ألفت كتابا عن هذا الموضوع فقد لاحظت الأمر نفسه، وتقول عنه: "الموارد الاقتصادية التي توفرها الدولة من أجل تنمية القرى التي يقيم فيها الفلسطينيون الإسرائيليون لا ترقى إلى مستوى الخدمات المقدمة للبلدات المأهولة باليهود الإسرائيليين".

التعاون بين العرب واليهود للتصدي لفيروس كورونا

في المدن الإسرائيلية المختلطة، حيث تفجر العنف بين العرب واليهود يقول ثابت أبو راس إنه "في الأيام الأخيرة، كانت الحياة طبيعية جدا". وفي اللد، ليس بعيدا عن تل أبيب، "تميزت الأشهر القليلة الماضية بتعاون حقيقي بين سكان المدينة من اليهود والعرب للتصدي معا لتفشي فيروس كورونا"، كما يقول ثابت. ومع ذلك، فإن التوترات كانت محسوسة بالفعل. ويتهم مدير "مبادرات إبراهام" الأفكار السياسية المنتشرة لليمين الإسرائيلي المتطرف.

في هذه المدينة الصناعية التي يشكل العرب، وغالبيتهم من المسلمين، 40 بالمئة من سكانها، رئيس البلدية، كما يقول ثابت أبو راس، "بدأ يشتكي من صوت أذان الصلاة. حتى إنه ذهب إلى حد دخول المسجد شخصيا لإسكات الأذان، بالرغم من توصيات الشرطة له بتجنب القيام بذلك".

أما الآن، فيخشى ثابت أبو راس على مصير التنوع الموجود في اللد حيث لم يتوقف إلقاء زجاجات المولوتوف وحرق السيارات طوال ليلة الأربعاء الماضي، وبالرغم من فرض حظر تجول من قبل السلطات، كما يحذر من "خطورة الأوضاع التي يمكن أن تؤدي إلى حرب أهلية".
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات