الوثيقة | مشاهدة الموضوع - الاغتيالات وعجز الحكومة ينسفان الانتخابات العراقية المقبلة : مصطفى العبدي
تغيير حجم الخط     

الاغتيالات وعجز الحكومة ينسفان الانتخابات العراقية المقبلة : مصطفى العبدي

مشاركة » الأحد مايو 16, 2021 10:03 am

10.jpg
 
بغداد-»القدس العربي»: فجر اغتيال المزيد من ناشطي التظاهرات، بركان الغضب الشعبي، إزاء عجز الحكومة عن وقف التصفيات التي تشنها الفصائل الولائية ضد الناشطين والمشاركين في الانتخابات، وتواطؤ بعض أجهزتها للتستر على المجرمين، وسط مخاوف جدية محلية ودولية، من دعوات لمقاطعة سياسية وشعبية للانتخابات المقبلة، بسبب غياب البيئة الأمنة لإجراءها.
وجاءت تداعيات اغتيال الناشط ايهاب الوزني، مسؤول تنسيقية التظاهرات في محافظة كربلاء، وصحافي مستقل، واستمرار ملاحقة الناشطين، لتشعل مجددا فتيل الحراك الاحتجاجي في المحافظات الجنوبية، وعدد من مدن العراق الأخرى، من بينها بغداد. وكان تشييع الشهيد الوزني هذه المرة مختلفا عن حالات مماثلة سابقة، حيث ردد آلاف المشيعين من داخل ضريح الإمام الحسين، هتافات عبرت عن رفض الخضوع لتهديدات وضغوط الفصائل، ويأس الشعب من العملية السياسية باكملها، فجاءت شعارات «الشعب يريد إسقاط النظام» و «إيران برة برة كربلاء تبقى حرة» تعبيرا عن تطور واضح في تحديد الجهة التي تقف وراء عمليات الاغتيالات وفشل العملية السياسية. بل ان المشيعين وبعد الانتهاء من دفن الشهيد، توجهوا نحو القنصلية الإيرانية في كربلاء وحاولوا اقتحامها وحرقها كما فعلوا في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 إلا ان قوات الأمن منعتهم، فاكتفوا بحرق كرفانات حراسة القنصلية. وهو ما أثار غضب طهران التي طالبت بمعاقبة المهاجمين، مدعية انها «لم تأمر بقتل العراقيين!» مما أثار سخرية الجميع الذين يعلمون بأن حوادث الاغتيالات تقف وراءها الفصائل الولائية. خاصة وان تسجيلات عديدة للشهيد الوزني مؤخرا، انتقد فيها الحكومة وشرطة كربلاء وذكر انه أبلغهم بتعرضه لتهديدات وانه زود الشرطة بأسماء الذين هددوه، كما اتهمهم بالعجز عن حماية المتظاهرين إضافة إلى انتقاده إيران وحلفاءها علنا، مما عجل في قرار تصفيته.
ورغم الوعود الحكومية بالتحقيق لكشف قتلة المتظاهرين والناشطين مع كل جريمة اغتيال جديدة، فقد بات مؤكدا انها عاجزة ولا تجرؤ على كشف نتائج التحقيق في تلك الجرائم وتحديد من يقف وراءها، لأن الجهات المنفذة مدعومة من قوى سياسية فاعلة حسب اعتراف رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي الذي أقر بأن «السلاح المنفلت في العراق محمي بقوى سياسية» بدون ان يذكر ما هي إجراءات الحكومة لتغيير هذا الواقع.
ومع اتفاق ردود الأفعال على استنكار حملة الاغتيالات، التي وصلت إلى «أكثر من 70 عملية اغتيال طالت ناشطي التظاهرات منذ عام 2019 وحتى الآن» إضافة إلى أعداد المغيبين في التظاهرات الذي وصل لنحو 80 شخصا، حسب مفوضية حقوق الإنسان العراقية، عدا نحو 700 شهيد و25 ألف جريح في التظاهرات، إلا ان جديد تداعيات الاغتيالات، هو إعلان العديد من القوى السياسية، مقاطعة الانتخابات المقبلة، وذلك بعد ان تأكد لها بأن الحكومة لا تستطيع ضمان نزاهتها ولا تحمي المرشحين، كما انها لا تتمكن من إنهاء تأثير السلاح المنفلت والمال السياسي فيها، مما يفقد الانتخابات أي مصداقية أو أمل، بانها قد تغير الأوضاع المتدهورة في البلد نحو الأفضل. وحسب عضو الحزب الشيوعي العراقي جاسم الحلفي، فإن «قوى الظلام هي المستفيدة من الفوضى والاغتيالات» محذرا من ان «مقاطعة شاملة للانتخابات بسبب فقدان الثقة، سيجعل الانتخابات صورية». وحتى الآن، فقد أعلنت عدة كيانات لثوار تشرين، مقاطعتها للانتخابات وهي «البيت الوطني، نازل آخذ حقي، البيت العراقي، الوعد العراقي، والاتحاد العراقي للعمل والحقوق» إضافة إلى الحزب الشيوعي العراقي، وحزب الشعب التركماني، والحركة الإسلامية الكردستانية، إضافة إلى مرشحين مستقلين. وما زالت قائمة المقاطعين متواصلة، مع تزايد المطالبات الشعبية للأمم المتحدة بإجبار حكومة بغداد على نزع سلاح الفصائل كشرط للمشاركة في الانتخابات.
وكانت المخاوف من المقاطعة دفعت مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة إلى العراق، جينين بلاسخارت، إلى حث المسؤولين العراقيين، لضمان «نزاهة العملية الانتخابية» المقررة في 10 تشرين الأول/اكتوبر المقبل، وذلك خلال مشاركتها عبر الفيديو في جلسة مجلس الأمن الدولي الأخيرة حول العراق. وحذرت بلاسخارت من أن «غياب انتخابات ذات مصداقية سيؤدي إلى غضب وخيبة أمل كبيرة، وسيسهم في زعزعة استقرار البلاد». وأكدت المبعوثة الأممية أن «الضغط والتدخل السياسي والترهيب والتدفقات المالية غير المشروعة كلها عوامل تضر بمصداقية الانتخابات، وبالتالي تؤثر في نسبة المشاركة» فيما وصفت دعوات مقاطعة الانتخابات بإنها «مجازفة سيكون ثمنها باهضا» ولتعبر بذلك عن مخاوف المجتمع الدولي من دعوات المقاطعة وتداعياتها الخطيرة على أوضاع العراق.
وهكذا لم يعد خافيا ان اتساع مخطط خلق الفوضى الأمنية والسياسية في البلد، هدفه تأجيل الانتخابات أو إلغاءها أو افراغها من امكانية تحقيق الغاية من إجراءها، ألا وهو إحداث التغيير الحقيقي في هيمنة أحزاب السلطة الفاسدة، على شؤون البلد واستبدالها بقوى وطنية.
ومع قناعة الجميع بأن عمليات الاغتيالات والسلاح المنفلت، التي تديرها فرق الموت التابعة لقوى داخلية وخارجية، سيكون لها تأثير حاسم على نتائج الانتخابات، إضافة إلى المال السياسي والتزوير، وهي وسائل بدأت أحزاب السلطة، العمل عليها منذ الآن، لإفشال الانتخابات المرتقبة وتجيير نتائجها لصالحها، مستغلة عجز حكومة بغداد عن تغيير هذا الواقع، وبالتالي فإن تلويح تنسيقيات التظاهرات، بعودة انتفاضة تشرين للساحات بعد عطلة العيد رغم الاغتيالات المتواصلة، هو خيار وارد جدا، يعززه انسحاب المزيد من الأحزاب من المشاركة في الانتخابات والعملية السياسية الفاشلة، وذلك لأن كل المؤشرات تؤكد ان أحزاب السلطة وفصائلها، تريد انتخابات صورية مضمونة النتائج لصالحها، تكرس هيمنتها على كنز السلطة، ولو على أنقاض ما تبقى من العراق.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron