هناك طرف يضحك على آخر، او الطرفان متفقان على أن يضحكا على بعضهما، لكي تبدو الصورة جميلة ومقبولة في المشهد الأخير من العلاقات العراقية الامريكية. العراق يؤكد في هذه المباحثات الجارية اليوم في واشنطن، انه لا يريد من الامريكان سوى الدعم الاستخباراتي والمعلومات والتدريب وليس القوات القتالية. وهذا يعني ان جميع المعارك المقبلة صغيرة او كبيرة ضد تنظيم داعش الذي لا يزال العنوان المبرر لوجود قوات اجنبية ستكون عراقية خالصة، ولم تعد تحتاج الى الدعم الجوي الأمريكي.
ولا ندري كيف سيكون وضع الجهد الاستخباري الأمريكي المطلوب في العراق من دون وجود حماية بقوات قتالية أمريكية، أم ان الاستخبارات الامريكية ستتعامل عن بُعد وبالمراسلة المريحة مثل هواة الماسنجر والفيسبوك، أو لعلّ الامريكان سيوافقون على ان يتجحفل جهدهم الاستخباري بالشرطة الاتحادية او الحشد الشعبي او الجيش العراقي أوربّما الشرطة المحلية ومكافحة الاجرام؟
إنَّ المشهد لن ينتهي عند قبول واشنطن بإعلان جدول لانسحاب قواتها، وهي تبلغ ألفين وخمسمائة جندي، ومن المعيب ان تسمى قوات قتالية أمام مليون عراقي مسلح في الجيش والحشد والشرطة. فقد سبق ان قبلت واشنطن بسحب جميع قواتها من العراق في اعقاب إعلانها انهاء الاحتلال الرسمي للعراق في العام ٢٠١١، فماذا كانت النتيجة في العام ٢٠١٤، حين جرى احتلال اعداد صغيرة تكاد لا ترى بالعين المجردة ثلث مساحة البلاد في بضع ساعات. ربَّ قائل يقول انَّ البلد لم يكن فيه الحشد في ذلك الوقت، والجواب ان القوات الرئيسية التي تكوّن نواة الحشد كانت موجودة تحت مسمياتها المسلحة المستقلة، وما جرى هو توسيع وتنظيم مالي واداري وتعبوي، وولائي جديد.
السؤال الذي يحمل طعم الإجابة : هل يحق للعراق كما فعلت سوريا الاستعانة بالقوات الروسية وهي متطورة ومنافسة للأمريكان في تقديم الدعم الاستخباري وربما القتالي كما يحدث في الدولة العربية المجاورة؟ وبيد مَن هذا القرار، لو كان هناك توجه في الالتجاء لتوقيع اتفاقية مع الجيش الروسي بوصفه خبيراً بالمنطقة مثل الامريكان؟
العراق واقع في منطقة محددة من مناطق النفوذ بين القوى العظمى صاحبة القرار، وليس له خيار سوى السعي الى اتفاقيات ذات ضرر أقل.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية