بغداد/المسلة: ظاهرة تسرب العمالة الأجنبية والعربية إلى العراق تشكل تحدياً متزايداً للسلطات العراقية، حيث تشير التقارير إلى غياب قوانين فعالة تنظم استقدام هذه العمالة بشكل منظم ومحكم.
وبالرغم من وجود تشريعات وقوانين تُعنى بتنظيم دخول وإقامة العمال الأجانب في البلاد، إلا أن ضعف العقوبات والغرامات المفروضة على المخالفين، إلى جانب عدم تطبيقها بجدية، أدى إلى انتشار واسع للعمالة غير الشرعية.
و حضَّت هيئة النزاهة على أهميَّة تعديل قوانين استقدام العمالة العربيَّة والأجنبيَّة، ووضع موادَّ قانونيَّةٍ صارمةٍ، وتشديد النصوص العقابيَّة للقضاء على الطرق غير الشرعيَّة لدخول وتسرُّب العمالة إلى داخل العراق.
وإحدى أكبر المشكلات المرتبطة بهذه الظاهرة هي تورط الشركات السياحية في استقدام العمال الأجانب تحت غطاء السياحة، ليقوم هؤلاء العمال بعد انتهاء فترة إقامتهم السياحية بالتسلل إلى سوق العمل المحلي.
وقال النائب حسين عرب إن تنظيم سوق العمل وتحديد السياسات المناسبة لاستقبال العمالة الوافدة بشكل يضمن عدم الإضرار بالاقتصاد الوطني وحقوق العمال المحليين يعد من الأمور الضرورية للحفاظ على توازن السوق وضمان العدالة الاجتماعية.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، إذ أن معظم هذه العمالة غير ماهرة، وهو ما يتناقض مع التوجهات الحكومية التي تدعو إلى استقطاب الكفاءات المهنية العالية لتعزيز الاقتصاد العراقي وتطوير بنيته التحتية.
وغياب قاعدة بيانات رصينة تستخدم أنظمة حديثة مثل البصمة الإلكترونية أدى إلى صعوبة تتبع هؤلاء العمال وضمان مغادرتهم البلاد في الوقت المحدد.
مكتب الإعلام والاتصال الحكومي أشار في بيان، إلى أنَّ “الفريق المُؤلَّف في دائرة الوقاية للاطلاع على الآثار الاقتصاديَّـة والاجتماعيَّة والأمنيَّة المُترتّبة على عدم تنظيم دخول العمالة العربيَّة والأجنبيَّة إلى العراق على المدى البعيد، قام بزياراتٍ إلى وزارتي العمل والشؤون الاجتماعيَّة والداخليَّة”، داعياً إلى”تفعيل النصوص العقابيَّة الواردة في قانون إقامة الأجانب رقم (٧٦ لسنة ٢٠١٧)، خصوصاً الغرامات المفروضة على العُمَّال المُستقدمين أو من يقوم باستقدامهم”، لافتاً إلى “ضعف الغرامات المفروضة على الأجانب الداخلين خلافاً لأحكام قانون الإقامة أو الذين لم يطيعوا أوامر الترحيل الصادرة بحقّهم؛ ممَّا يُكبِّد الدولة مبالغ ماليَّة كبيرةً لإبعاد العمالة الداخلة بطريقةٍ غير مشروعةٍ”.
المنافذ الحدودية، لا سيما تلك التي تقع في إقليم كردستان، تمثل إحدى النقاط الرئيسية التي يتم عبرها تسريب العمالة الأجنبية إلى داخل العراق.
وبسبب ضعف الرقابة والإجراءات المتبعة عند هذه المنافذ، يتمكن الكثير من العمال من الدخول بدون إجراءات قانونية أو إقامة مناسبة، مما يزيد من تعقيد المشكلة فيما الشركات المتعاقدة مع مؤسسات الدولة غالباً ما تتجاهل مسؤولياتها في متابعة العمال الأجانب لضمان مغادرتهم بعد انتهاء عقودهم، مما يترك المجال مفتوحاً لتفاقم الأزمة.
واشار مكتب الإعلام إلى أنَّ ” “أغلب العمالة الوافدة غير ماهرةٍ، خلافاً للتوجيهات الحكوميَّة باستقطاب العمالة الماهرة؛ لغرض تدريب الكوادر الوطنيَّـة، وحثّ الجهات المُختصَّة على إعداد قاعدة بياناتٍ رصينةٍ فيما يخصُّ مغادرة المجاميع السياحيَّة؛ لضمان عدم تسرُّبهم بعد انتهاء مُدَّة إقامتهم؛ وبخلافه تتمُّ محاسبة الشركات السياحيَّـة التي دخلوا عبرها إلى العراق”.
الإجراءات المتاحة حالياً تبدو غير كافية، وتفتقر إلى الصرامة المطلوبة للحد من هذه الظاهرة. إضافة إلى ذلك، فإن العقوبات المفروضة على من يخالف قانون الإقامة تعتبر ضعيفة ولا ترقى إلى مستوى الردع المطلوب، كما أن عدم وجود عقوبات فعلية على الجهات التي تتورط في استقدام العمالة بطرق غير قانونية يعزز من انتشار هذه الظاهرة، ويجعل العراق بيئة جاذبة للعمالة غير الشرعية.
وترى تحليلات ان من الضروري العمل على توفير قاعدة بيانات تعتمد على نظام البصمة الإلكتروني، مع ضرورة توجيه الوزارات والمؤسسات المتعاقدة مع الشركات الأجنبية إلى متابعة أوضاع العمال الأجانب وضمان مغادرتهم بعد انتهاء عقودهم.
وتطبيق هذه الإجراءات يمكن أن يساهم في تقليل تسرب العمالة الأجنبية والعربية غير القانونية، ويضع حداً لهذه الظاهرة التي تؤثر سلباً على سوق العمل العراقي، حيث يشكو الكثير من العراقيين من مزاحمة العمالة الوافدة لهم في الوظائف، خاصة في قطاعات البناء والخدمات.