القاهرة – “رأي اليوم” – محمود القيعي:
أثار إصدار د. محمد غورماز رئيس رئاسة الشؤون الدينية التركية السابق بيانا عاجلا حول ما اعتبره إساءة للرموز والشعائر الإسلامية في أرض الحرمين الشريفين في مهرجان الرياض، عاصفة من الجدل لم تنته حتى كتابة هذه السطور.
السؤال الذي فرض نفسه بقوة في الجدل الدائر: لماذا لم يصدر الأزهر بصفته المؤسسة الدينية الأكبر في العالم الاسلامى بيانا يبيّن الحقيقة في مهرجان الرياض؟
بيان المسؤول الديني التركي جاء فيه:
“بسم الله والحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه..
﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ﴾
أما بعد..
فقد هالنا وأفزعنا وفجعنا ما حصل ويحصل في موسم الرياض الرياض لهذا العام من تعدٍ على حرمات الله وحدوده، واستخدام مجسم لأقدس مقدساتنا الكعبة الشريفة مسرحاً للممثلين وديكوراً تطوف حوله الراقصات والعارضات العاريات، في مشهد لو حصل في أي من بلاد العالم لقام العالم الإسلامي قومة رجل واحد ليمنع حصولها، فكيف بها تحصل في ديار الحرمين، وفي أرض عاش فيها النبي الكريم والصحابة الأبرار؟!”.
وأضاف “غورماز” أن الكعبة هي بيت الله وليست منسوبة لأي عائلة أو دولة أو عشيرة أو جماعة، والدفاع عنها وحفظ حرمتها واجب على كل مسلم ومسلمة، ويزداد الواجب في حق العلماء فهم ورثة الأنبياء، ومن المحزن والمفجع أن نرى العلماء في بلاد الحرمين صامتين عن هذا التعدي الصارخ على الحرمات، وهم من كانوا -وما يزالون حتى هذه اللحظة- لا يجيزون بناء نماذج للكعبة المشرفة حتى لتعليم الأطفال الحج والعمرة.
وقال إن اتخاذ مجسمات للكعبة المشرفة أداة للترفيه أو تسلية للعابثين المخربين المفسدين في الأرض لهو خطب لا يتصوره عقل ولا يستوعبه منطق، وهو أمر ثقيل حتى على عصاة المسلمين وفساقهم وفاجريهم، مشيرا إلى أن كل أهل القبلة يعظمون بيت الله، وكل أهل القبلة باختلاف تقواهم وعلمهم ومذاهبهم يرون بيت الله الحرام والكعبة الشريفة خطاً أحمر لا يقبلون المساس به بأي ثمن.
وعن المبررات التي تتناقلها وسائل الإعلام ومواقع التواصل، وصفها بأنها أعذار أقبح من الذنوب، وهي تقع تحت إحدى احتمالين، إما أن من يكتبها وينشرها لا يعرف مقام كعبة الله في قلوب المسلمين وتلك مصيبة عظيمة، وإما أنه يعرف مقامها ويقوم بما يقوم به قاصداً وتلك -والله- مصيبة أشد عظماً.
وأكد أن هذا البيان ليس بيان عداء أو تشهير ببلاد الحرمين وأهلها، بل هو بيان نصح من محبين للحرمين وأهل الحرمين وبلاد الحرمين، حباً يمنعهم من أن يروا المنكر في إخوتهم فيبقوا صامتين خوفاً أو طمعاً، لافتا إلى أن أرض الحرمين الشريفين تحمل مقاماً عظيماً لدى أهل الإسلام شرقاً وغرباً.
واختتم داعيا العقلاء في بلاد الحرمين الشريفين في هذه الأوقات العصيبة التي يمر بها المسلمون، والتي قدم فيها المسلمون أكثر من خمسين ألف شهيد من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ في سبيل دينهم ومقدساتهم،ألا يسمحوا بحصول مثل هذه الجريمة في بلاد شرفها الله تعالى بالوحي الكريم والنبي العظيم، مشيرا إلى أن سنة الله في من لا يحفظ حرمة بيته معلومة مأثورة.
وأنهى قائلا: “والمسلمون في كل بقاع الأرض لا يقبلون أن تهان حرماتهم وتنتهك مقدساتهم. والواجب على علماء بلاد الحرمين ومسؤوليها أن يقفوا في وجه هذا المنكر الفاحش فهم مسؤولون يوم القيامة أمام الله فرادى عما يقع تحت أنظارهم وفي بلادهم. “.
من جهته قال عبد الناصر سلامة رئيس تحرير الأهرام الأسبق إنه عندما يصل
الموضوع إلى حد مجسم يشبه الكعبة لطواف عارضات الأزياء حوله في مهرجان الرياض، يبقى لابد من وقفة، ولابد أن نسمع صوت الأزهر على أقل تقدير.
البعض برر صمت الأزهر بأنه لا يريد إثارة أزمات مع المملكة العربية السعودية ، وهو الأمر الذي اعتبره الكثيرون غير مقبول ومهادنة في حدود الله.
على الجانب الآخر قال الكاتب المفكر د.هاني سليمان إن المجسم الشفاف الذي قيل إنه كان في عرض أزياء إيلي صعب في الرياض، لم يكن موجودا في العرض، لكن الصورة مأخوذة من عرض للأزياء حدث في نيويورك عام 2023 وليس هذا العام، والمجسم كان عبارة عن 4 شاشات ضخمة وضعت على المسرح وتم وضعها تحت الأضواء، أي لم يكن المقصود منها أبدا عمل مجسم يشبه الكعبة.
وأضاف أن صور الأصنام التي وضعت حول المجسم فيما بعد، هي خدعة فوتوشوب واضحة جدا ورديئة جدا ، مشيرا إلى أن
المكعب البني الذي ظهر في صورة أخرى، وقيل إنه للكعبة، كان عبارة عن 4 شاشات تفاعلية متصلة بالسقف تعرض أحداث حفل رياضي للملاكمة أقيم في الرياض عام 2023، وليس له علاقة بعرض أزياء إيلي صعب هذا العام.
وقال سليمان إن الصورة التي نشرها البعض لمغنية تغني وهي تضع حول وسطها ما قيل إنه سيف الإمام علي بن أبي طالب، لم تكن للمغنية الأمريكية جنيفر لوبيز ولا كانت في عرض أزياء إيلي صعب، بل كانت لمطربة تشيلية من أصل فلسطيني اسمها “إليانا”، وقدمت هذا العرض في حفل في أمريكا وليس في الرياض.
وعن الفيديو الذي انتشر عن فرقة موسيقية تتغنى بآيات من القرآن الكريم في السعودية ، قال إنه فيديو غير حقيقي ومفبرك حيث تم تركيب الصوت عليه، ولم يحدث في السعودية في أي وقت.
واختتم مؤكدا أن هذا ليس دفاعا عن السعودية أو عن حكامها، لكنها فقط الحقيقة التي لا يريد الكثيرون تصديقها، لأننا نصدق ما نريد أن نصدقه، بغض النظر عما إذا كان هذا حقيقيا أو غير حقيقي.
في ذات السياق نشر الكاتب تامر شيرين صورة لأشهر صحيفة سعودية متضمنة الخبر فى صدر صفحتها.
وأضاف أن أول انطباع لأي مشاهد أن هذا المجسم يجسد الكعبة ولا مجال لإنكار هذا، مشيرا إلى أن التبرير من حق أى شخص، وعدم الاقتناع من حق اي شخص.
واختتم مؤكدا أن كل واحد حر فى ما يراه، ولكنه يحتفظ بكامل الحق فى أن يعترض و لا يوافق على أي تبرير ينتقص من مقدسات دينه و لو بالتشبيه.
وأردف قائلا: “الحقيقة الأكيدة أننا نخوض معركة وعي خاسرة.. و كلها مخاطر بلا أي مكسب، و أن كلمة الحق أصبحت تكلفتها فوق أي احتمال”.