يبدو أن أعضاء الحكومة يخجلون، أو على الأقل لا يتفاخرون باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان أمام حزب الله، الذي دفع نتنياهو نحوه بكل قوة. باختصار، عندما يبررون ألاعيب تسويق نتنياهو، فالحديث يدور عن اتفاق مناقض لمبادئ اليمين وروح القاعدة والأقوال الفارغة حول النصر المطلق، وفوق كل ذلك هو مناقض لرغبة معظم رؤساء السلطات في الشمال الذين يرفض سكانه العودة إلى بيوتهم. حتى نتنياهو يبدو أنه لا يصدق وعوده بخصوص إعادة سكان الشمال بشكل آمن – هو نفسه لم يخاطر بدعوتهم إلى العودة إلى بيوتهم.
إن حرج الحكومة وقف وراء إحاطات سريعة لأعضاء الحكومة حول ضغط الإدارة الأمريكية. وشملت هذه الإحاطات أخطاراً مختلفة جداً، ربما لا صلة حقيقية لها بالواقع الذي الموجود خلف صفحات رسائل نتنياهو، مثل تمرير قرارات ضد إسرائيل في مجلس الأمن بدون فرض الفيتو الأمريكي، وتسهيلات مبالغ فيها للفلسطينيين، وبالطبع تأخير إرساليات السلاح.
التلميح إلى انهزامية الإدارة الديمقراطية وقف في مركز خطاب نتنياهو الذي قرر بنفسه ما هو النصر المطلق، حتى لو لم يكن لذلك أي صلة بواقع عشرات آلاف الإسرائيليين المخلين. البيبية، التي لا ترتبط باليمين ولا باليسار، تكتفي بذلك أصلاً. بل أكثر، أن نتنياهو لم يعد يهتم.
بعض الأعضاء في الحكومة أظهروا خلال اليوم فجأة براغماتية يقظة بشأن “عالم بدائل”، الاتفاق فيه هو أفضل ما يمكن التوصل إليه. ولكن الدليل الأفضل على حرج الحكومة هو رفض الكثير من الوزراء تسميتهم في قائمة المؤيدين الواضحين لخطوة نتنياهو. لا أحد منهم يرغب بأن يكون في القاعدة المؤيدة للاتفاق، لكنهم لم يتجرأوا على الوقوف ضده.
باستثناء قلائل، مثل عميحاي شكلي، ودان اليزور، وعميت هليفي، وتالي غوتلب، وموشيه سعادة، حافظت القائمة على هدوئها. “في قاعدتنا معارضة شاملة لهذا الاتفاق”، قال وزير من الليكود. “لكن حجم هذه المعارضة لم يصل إلى مستوى يزعج بيبي، الذي عمل في هذه المرة بقوة لتمرير الاتفاق”.
حاول نتنياهو تأطير الاتفاق مع حزب الله على أنه وقف مؤقت لإطلاق النار، يخضع للامتحان، ويبث رسالة تقول بأنه يكسب الوقت إلى حين دخول ترامب إلى البيت الأبيض، الذي سيمنحه كما يبدو حرية عمل أكبر. إضافة إلى عدم وجود شخص جدي يصدق نتنياهو، فثمة مكان للشك بأن ترامب كان معنياً جداً بوقف إطلاق النار الذي يدور الحديث عنه، واحتمالية السماح باستئناف الحرب في ولايته تبدو صفراً تقريباً (“ترامب يريد تسلم منصبه دون حرب”، قال مصدر مطلع على المحادثات).
في تصريحه المسجل والمحرر، حاول نتنياهو العودة إلى عامله المعروف، وهو التلويح باجتثاث تهديد إيران كذريعة لإهمال كل المشكلات الأخرى (ليس لأن الهدف الأساسي تحقق، خصوصاً في السنة التي هاجمت فيها إيران إسرائيل بمئات الصواريخ، وهي الآن تحث الخطى نحو السلاح النووي). ولما سئل: لماذا يمكن العودة إلى القتال متى شئنا أو عند الحاجة في الشمال، أما في غزة، التي فيها إخوتنا وأخواتنا يعانون من تنكيل مستمر، لا يمكن فعل ذلك؟ لم يكلف نفسه عناء الرد على هذا السؤال.
إن فصل الساحات يعتبر انتصاراً لإسرائيل، وإنجازاً يمكن أن ينسبه نتنياهو لنفسه. ولكن محظور نسيان الفرق الجوهري بين الجبهات، الذي يقف في علاقة معاكسة مع أهمية استمرار الحرب. إنهاء الحرب في غزة سيخيب أمل الشركاء أصحاب الطموحات العقارية في القطاع. لذلك، سيحل الحكومة. أما إنهاء القتال في الشمال فلم يطرح تهديداً كهذا لأنه باستثناء عدد من الحالمين، لا أحد يريد الاستيطان في لبنان. هذه هي القصة كلها.
رفيت هيخت
هآرتس 27/11/2024