غداد/المسلة: تتسم المعارك الدائرة في الشمال السوري بتشابك الأطراف الفاعلة، حيث تنقسم الجهات المشاركة إلى مجموعات رئيسية، لكل منها أهداف ودوافع مختلفة:
تقود فصائل المعارضة العملية العسكرية ضد قوات الجيش السوري وحلفاءه تحت مسمى “ردع العدوان”. وتشمل هيئة تحرير الشام، والجيش الوطني السوري، وفصائل أخرى تعمل ضمن غرفة “إدارة العمليات العسكرية”.
و تهدف هذه الفصائل إلى كسر تقدم الجيش السوري وحلفاءه وتأمين المناطق الخاضعة لسيطرتها، مع السعي لخلق ظروف مواتية لعودة المهجرين.
العملية، التي جاءت بعد سنوات من الجمود النسبي، تحظى بدعم شعبي محلي، حيث تعتبرها المعارضة خطوة لحماية المدنيين من التصعيد المتكرر من قبل النظام، خصوصًا القصف الجوي والمدفعي. كما توظف المعارضة تكتيكات جديدة مثل استخدام الطائرات المسيّرة المصنعة محليًا.
الحكومة السورية وحلفاؤها:
تتصدر الحكومة السورية الطرف الآخر من المعادلة. يعتمد بشكل كبير على الدعم العسكري من روسيا وإيران. ورغم أن القوات الروسية لم تتدخل بشكل نشط حتى الآن، تشير التطورات إلى اعتماد النظام على فصائل حليفة من العراق ولبنان .
الحكومة السورية وصفت العملية بأنها هجوم إرهابي واسع النطاق يستهدف القرى الآمنة والنقاط العسكرية، واعتبرها جزءًا من تصعيد مدعوم خارجيًا لزعزعة استقراره.
إيران وحزب الله:
تُظهر إيران التزامًا واضحًا بدعم الحكومة السورية من خلال المستشارين العسكريين والفصائل التابعة لها. يأتي ذلك في ظل تقارير عن تكثيف حزب الله لتحركاته داخل سوريا، وترى إيران أن العملية جزء من خطة أميركية-إسرائيلية لزعزعة أمن المنطقة.
تركيا:
تلعب تركيا دورًا غامضًا حتى الآن. ورغم عدم صدور بيان رسمي واضح، تشير تقارير إلى احتمال وجود موافقة ضمنية تركية، بالنظر إلى أن العمليات العسكرية تقع ضمن منطقة خفض التصعيد التي تشرف عليها أنقرة. تسعى تركيا إلى استغلال الوضع الراهن لتحسين موقفها التفاوضي مع الحكومة السورية ، خاصة في ظل تعثر مسار التطبيع بين الطرفين.
روسيا:
يبدو الدور الروسي في هذه المرحلة محدودًا نسبيًا، حيث لم تشارك القوات الروسية بفعالية في التصدي للهجوم. يُعزى ذلك إلى انشغال موسكو في الحرب الأوكرانية، مع تراجع الأولوية للملف السوري. ورغم ذلك، يبقى التدخل الروسي محتملاً إذا تجاوزت العمليات حدود التفاهمات السابقة مع تركيا.
الدعم الدولي والإقليمي:
تشير تقارير إلى احتمال وجود دعم غربي عسكري محدود للمعارضة، بهدف الضغط على روسيا وإيران. يأتي ذلك في ظل تصعيد أوسع في المنطقة، واستفادة المعارضة من الانشغال الروسي في أوكرانيا وتراجع الاهتمام الدولي بالملف السوري خلال السنوات الماضية.
الخلاصة:
تدور المعارك الحالية في الشمال السوري في ظل سياق سياسي وعسكري معقد، حيث تسعى كل الأطراف لتحقيق مكاسب جغرافية وسياسية على حساب الأخرى. وبينما تواصل المعارضة تقدمها، يبقى الموقف التركي والروسي عاملين حاسمين في تحديد مسار العمليات ومستقبل التوازنات في المنطقة.