بغداد/المسلة: شهدت الساحة العراقية جدلاً واسعاً حول التداعيات المحتملة لسقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، مع تباين واضح بين المواقف السياسية والطائفية للقوى المختلفة.
هذا الحدث المفترض أصبح محور النقاشات في الدواوين العشائرية، والاجتماعات السياسية، وحتى منصات التواصل الاجتماعي، حيث تتشابك الآراء بين التفاؤل الحذر والترقب القلق.
في بغداد، عقدت قيادات سنية اجتماعات مكثفة لمناقشة مستقبل المنطقة في حال تحقق السيناريو المفترض.
وقد أكد مصدر سني عراقي أن سقوط الأسد سيكون “بداية لمرحلة جديدة من التوازن الإقليمي”. وأضاف أن التغيير في سوريا يمكن أن يمنح القوى السنية في العراق دفعاً سياسياً، مما يعزز من موقعها في مواجهة النفوذ الشيعي، الذي تصفه بعض القيادات بأنه “متضخم على حساب الشراكة الوطنية”.
وتحدث شيخ عشيرة من الأنبار قائلاً: “ما يحدث هناك سينعكس علينا، نحن وسوريا جسد واحد، فإذا تحررت هناك أيدينا ستصبح أقوى هنا”.
من جهة أخرى، عبرت القوى الشيعية عن تحفظها إزاء هذه التحولات المتوقعة، مشيرة إلى أن سقوط النظام السوري لا يعني بالضرورة انتكاس المشروع الإيراني في المنطقة.
وقال مصدر ان : “التاريخ يعلمنا أن سقوط الأنظمة لا يغير الوقائع على الأرض بسرعة. العراق لن يعود إلى الوراء، وصندوق الاقتراع سيبقى الفيصل، وليس الأحلام الطائفية”.
على منصات التواصل الاجتماعي، تضاربت الآراء حول هذه التطورات. مغرد يدعى “أبو جاسم الأنصاري” كتب قائلاً: “نعم، سنة غرب العراق وشمال سوريا حالة واحدة، وسقوط الأسد يعني استقلال المنطقة من التبعية الإيرانية”.
وفي المقابل، رد عليه مستخدم آخر باسم “علي الهاشمي” قائلاً: “لا تبالغوا في التفاؤل، سقوط النظام هناك لا يعني انهيار نفوذ إيران هنا. نحن أذكى من أن نترك أنفسنا للفراغ”.
التغريدات لم تتوقف عند هذا الحد، بل عكست أيضاً رؤية بعض المراقبين للوضع في سوريا كجزء من إرث البعث المنتهي.
أحد النشطاء كتب: “سوريا الآن تعيش اللحظة التي عاشها العراق عام 2003. هذه نهاية مرحلة الديكتاتورية وبداية ما قد يكون ديمقراطية صعبة، لكنها حقيقية”.
وفي السياق نفسه، قال الباحث الاجتماعي حسام الكبيسي: “التحليل الاجتماعي يظهر أن الشعور بالظلم الجماعي لدى مكونات الأغلبية السنية في سوريا قد يغذي شعوراً مماثلاً في العراق. التغيير قد لا يكون فقط سياسياً، بل مجتمعياً أيضاً، حيث يمكن أن تتجدد مطالب المساواة والشراكة الفعلية في الحكم”.
لكن تحليلات حذرت من تبعات هذه النظرة، معتبرة أن الرهان على انهيار النفوذ الإيراني في المنطقة هو “رهان خاسر”.
وقال تحليل ان: “النفوذ لا يعتمد فقط على شخص أو نظام، بل هو جزء من شبكة علاقات وتحالفات أعمق، ولن تزول بزوال الأسد”.
وفيما تترقب القوى المختلفة ما ستؤول إليه الأمور، يبقى السؤال: هل سقوط نظام الأسد سيعيد رسم خارطة النفوذ الإقليمي؟ أم أنه سيكشف فقط عن تعقيداتها؟