الوثيقة | مشاهدة الموضوع - هل ستضع قمّة ترامب ونتنياهو حُدود إسرائيل الكُبرى والتاريخيّة والشّرق الأوسط الإسرائيلي الجديد؟ وكيف سيكون ردّ العاهل الأردنيّ والرئيس المِصريّ زائري البيت الأبيض الأُسبوع المُقبل؟ وما هو السِّلاح السرّي الأردني الذي قد يكون قمّة المُفاجآت؟ وماذا عن التّط
تغيير حجم الخط     

هل ستضع قمّة ترامب ونتنياهو حُدود إسرائيل الكُبرى والتاريخيّة والشّرق الأوسط الإسرائيلي الجديد؟ وكيف سيكون ردّ العاهل الأردنيّ والرئيس المِصريّ زائري البيت الأبيض الأُسبوع المُقبل؟ وما هو السِّلاح السرّي الأردني الذي قد يكون قمّة المُفاجآت؟ وماذا عن التّط

مشاركة » الثلاثاء فبراير 04, 2025 11:42 am

عبد الباري عطوان
لم يكن من قبيل الصّدفة أن يحرص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أن يكون بنيامين نتنياهو هو الزّائر الأوّل للبيت الأبيض في ولايته الجديدة، لأنه يُريد أن يُؤكّد التزامه المُطلق بدعم دولة الاحتلال، وتوسيع مِساحتها، والقضاء الكامل على جميع التّهديدات لأمنها واستقرارها المُتمثّلة في أربع جهات، أوّلها، المُقاومة في قطاع غزة بقيادة حركة “حماس”، وثانيها، “حزب الله” في لبنان، وثالثها، حركة “أنصار الله” في اليمن وصواريخها الفرط صوت، ورابعها، البرنامج النووي الإيراني.
ad
كانَ لافتًا أنّ الرئيس ترامب وجّه دعوة لكُل من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس المِصري عبد الفتاح السيسي لزيارة واشنطن الأُسبوع المُقبل ربّما لفرض “التّفاهمات” التي يُمكن أن يكون قد توصّل إليها مع نتنياهو، والمُتعلّقة بتهجير جميع أبناء القطاع، ووضع حركة “حماس” أمام خِيارين لا ثالث لهما، إمّا الخُروج كُلِّيًّا من القطاع، أو مُواجهة استِئناف الحرب وبطريقةٍ أكثر شراسة ودمويّة من قِبَل الجيش الإسرائيلي، وبدعمٍ علنيٍّ من ترامب وحُكومته، يتم فيها استِخدام قنابل التّدمير العِملاقة التي يزيد وزنها التدميريّ عن ألفيّ رطل، وجرى رفع الحظر عن تسليمها لدولة الاحتلال الذي فرضه الرئيس الأمريكي السّابق جو بايدن، وبدء تسليم 1800 منها.
***
أمّا النّقطة الأُخرى التي ستتصدّر جدول أعمال الزّعيمين العربيين إلى جانب نتنياهو مع سيّد البيت الأبيض، فتتعلّق بمسألة التّطبيع الإسرائيلي- السعودي وكيفيّة إخراجه من النّوايا والإدراج إلى التّطبيق العملي، وهُناك تسريبات جرى نشرها في وسائل الإعلام الإسرائيليّة تقول إنّ ستيف ويتكوف مبعوث ترامب إلى الشّرق الأوسط، وصديقه الشّخصي (صهيوني مُتَشَدّد) الذي زار الرياض قبل بضعة أيّام توصّل مع المسؤولين السعوديين الكبار الذين التقاهم إلى “صيغة إعلان” عن اتّفاق التّطبيع بين البلدين (السعوديّة وإسرائيل)، وقد حمل ويتكوف هذه الصّيغة إلى نتنياهو وحُكومته أثناء طيرانه من الرياض إلى تل أبيب.
هذه التّسريبات الإسرائيليّة عن اقتراب التّطبيع بين السعوديّة ودولة الاحتلال ليست جديدة، وكانت السّلطات السعوديّة تردّ عليها دائمًا بالتّأكيد على أنّ أيّ تطبيع مشروط بحلّ الدّولتين، وقيام الدولة الفِلسطينيّة المُستقلّة وعاصمتها القدس الشرقيّة فِعليًّا على الأرض وليست على الورق، فما الذي تغيّر الآن، ولماذا يضع الرئيس ترامب مسألة التّطبيع هذه على قمّة أولويّاته في الشّرق الأوسط؟
مِن الصّعب علينا الإجابة على هذه التّساؤلات أو مدى صلابة الرّفض الثلاثي المِصري السعودي الأردني في رفض التّهجير والتّطبيع و”تسمين” دولة الاحتلال “النّحيلة” تُرابيًّا بضمّ أراضٍ عربيّةٍ إليها حسب تعهّدات الرئيس ترامب في تصريحاتٍ أدلى بها أثناء حملته الانتخابيّة الرئاسيّة، ولكن ما يُمكن أنْ نقوله إنّ ترامب يتصرّف مِثل الثّور الهائج، ويُمارس كُل أنواع البلطجة والابتزاز ليس في مِنطقة الشّرق الأوسط فقط، وإنّما في كندا التي يُريد ضمّها (وغرينلاند التي يتطلّع لشِرائها، وقناة بنما التي يُهدّد بالاستِيلاء عليها).
الرئيس ترامب مهّد لبلطجيّته هذه بوقف جميع المُساعدات الأمريكيّة لمُدّة ثلاثة أشهر، ولم يستثنِ إلّا مِصر و”إسرائيل”، في رسالةِ ضغطٍ واضحةٍ للأردن الذي يعتمد اعتِمادًا كُلِّيًّا على هذه المُساعدات (2 مِليار دولار سنويًّا)، ويُعاني من عجزٍ مُزمنٍ في الميزانيّة يصل إلى مِلياريّ دولار سنويًّا، وأقساط وفوائد ديون تصل إلى ما يَقرُب من الخمسين مِليار دولار، ولا نستبعد أن يستخدم ترامب هذا الوضع الاقتصادي المالي الصّعب كورقة ضغط، ليس لإجبار الأردن على استيعاب حصّته من المُهجّرين من غزة (500 ألف مُهَجّر) وإنّما مُواطني الضفّة الغربيّة الذين يزيد تِعدادهم عن ثلاثة ملايين ونصف المِليون.
عقيدة الجيش المِصري العسكريّة تُعارض أي خطوة تتعارض مع الأمن القومي والتّراب الوطني المِصري، ولهذا جاء رفض إفراغ قطاع غزة من سُكّانه وتوطينهم سواءً مُؤقّتًا أو بشكلٍ دائمٍ في سيناء، وعلينا أن نتذكّر أنّ هذا الجيش رفض التّنازل عن مِنطقة طابا التي لا تزيد مِساحتها عن كيلومتر مربّع وهدّد بإلغاء اتّفاقات كامب ديفيد إذا لم تنسحب القوّات الإسرائيليّة منها، وتجريف مُستوطنة “ياميت” اليهوديّة في شِمال سيناء قُرب قطاع غزة، السُّؤال هو: هل سيتمسّك الرئيس عبد الفتاح السيسي بهذه “العقيدة” التي يُؤمن بها ويدعمها الشّعب المِصري بقُوّةٍ أيضًا، ويقول “لا” كبيرة ومُتحدّية للرئيس ترامب أثناء زيارته الوشيكة للبيت الأبيض؟
يعتقد الكثيرون، ونحنُ من بينهم، أنّ ترامب يعتقد أنّ الموقف الرّسمي الأردني تُجاه التّهجير القسري هو الأضعف، بسبب اعتماد البلاد على المُساعدات الأمريكيّة، ومُوافقتها على مُعظم الإملاءات الأمريكيّة السّابقة، ابتداءً من عدم مُعارضة، بل ودعم، الغزو الأمريكي للعِراق عام 2003، والمُشاركة بفاعليّة على المشروع الأمريكي لتغيير النظام في سورية (غرفة الموك وتسليح المُتمرّدين وتدريبهم) عام 2011، ولكنّ مُقرّبين من العاهل الأردني أكّدوا لنا أنّه سيُعارض بقوّةٍ التّهجير سواءً من غزة أو الضفّة، لأنّ المُوافقة تُشكّل تهديدًا وُجوديًّا للأردن والعرش الهاشمي بسبب صلابة الرّفض الشّعبي الأردني لهذه الخطوة، وأكّد هؤلاء أنّ الأردن الذي يعتبر التّهجير “إعلان حرب” على البِلاد، سيتم التصدّي له بكُلّ الوسائل المعروفة، وغير المعروفة، ولوّح هؤلاء تلميحًا مقصودًا إلى أوراق القُوّة التي يملكها، وهي ورقة التّهجير المُعاكس، أي للاجئين الفِلسطينيين في الأردن بالعودةِ إلى بلادهم ليس في الضفّة وإنّما في كُلّ المُدُن والقُرى الفِلسطينيّة التي أُجبروا على مُغادرتها بالقُوّة عام 1948.
***
نُطالب من هذا المنبر جميع الشّعوب والحُكومات العربيّة بالوقوف في خندق كُل مِن الأردن ومِصر وتقديم الدّعم الكامِل لهما في مُواجهة مُؤامرة التّهجير هذه، وكُلّ الضّغوط الأمريكيّة التي تُحاول فرضها بالقوّة والابتِزاز إذا ما تحلّت بالشّجاعة وقرّرت المُواجهة، والشّيء نفسه يُقال عن المملكة العربيّة السعوديّة إذا قرّرت قيادتها رفض التّطبيع والتمسّك بشُروطها في قيامِ الدّولة الفِلسطينيّة أوّلًا، وتنفيذ كُل القرارات الدوليّة الدّاعمة للحقّ الفِلسطيني المشروع في العودةِ وتقرير المَصير.
الرئيس ترامب يُريد شرقًا أوسطًيا جديدًا وِفق المعايير الإسرائيليّة، وأبرزها قيام إسرائيل الكُبرى التاريخيّة وبزعامة نتنياهو تحديدًا وبِما يُؤهّل ترامب ختام حياته السياسيّة بالحُصول على جائزة نوبل للسّلام أُسوَةً بالرّؤساء الأمريكان الذين سبقوه مِثل كارتر وأوباما.
مُقاومة كُل هذه المشاريع الأمريكيّة والاسرائيلية المُذلّة والمُهينة واجبٌ دينيٌّ وعُروبيٌّ وأخلاقيٌّ، وعلينا أنْ نتذكّر أنّ إسرائيل انهزمت ولم تنتصر وهي الأقوى في قطاع غزة الصّامد المُقاوم، كما أنّ أمريكا العُظمى انهزمت في أفغانستان والعِراق، وهربت تقليصًا لخسائرها على أيدي رجال المُقاومة، ولهذا فإنّ هذه المُؤامرة الأمريكيّة- الإسرائيليّة يجب أن لا تمر، وليس ما بعد الوصول إلى قاعِ القاع إلّا الصُّعود.. والحياةُ وقفةُ عِز.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات