الوثيقة | مشاهدة الموضوع - المال العام.. نزيف بلا نهاية في وزارة الصحة والخدمات الطبية أزمة تتجذر
تغيير حجم الخط     

المال العام.. نزيف بلا نهاية في وزارة الصحة والخدمات الطبية أزمة تتجذر

مشاركة » السبت سبتمبر 13, 2025 6:26 pm

بغداد/المسلة: تمخض المشهد الصحي في العراق عن صورة مأزومة تتقاطع فيها ضغوط النمو السكاني المتسارع مع محدودية الطاقة الاستيعابية للمستشفيات، حيث تتكدس الطوابير عند أبواب الطوارئ ويُترك المرضى في أروقة مكتظة لا تكاد توفر أبسط شروط الرعاية.

وقال أطباء في مستشفى الكاظمية التعليمي إنهم يستقبلون يومياً أعداداً تفوق ضعف الطاقة المقررة، فيما يضطرون إلى تحويل المرضى إلى مراكز أخرى لا تقل ازدحاماً، مؤكدين أن البنية التحتية لم تعد قادرة على تحمل هذا الضغط، وأن الحلول التي تعلنها وزارة الصحة تبقى مجرد خطط ورقية.

وأحدثت أزمة البنية التحتية الصحية ارتباكاً واسعاً، بعدما توقفت أكثر من 70 مستشفى حكومياً عند حدود الهياكل الخرسانية بسبب نقص التمويل أو التعقيدات الإدارية، وهو ما أكده تقرير وزارة التخطيط في أحدث إحصائية. وتداول ناشطون صوراً لمستشفيات متوقفة منذ سنوات في محافظات الجنوب، وعلق أحدهم على منصة “إكس”: “المستشفى في مدينتي تحول إلى خرابة بدل أن يكون مأوى للمرضى”.

وفتح ملف الترهل الإداري وسوء التخطيط جراحاً قديمة، إذ يعترف موظفون داخل الوزارة بأن غياب المتابعة الجدية والتنازع بين الجهات الرقابية والإدارية يترك المشاريع في حلقة مفرغة.

وقال موظف فضل عدم ذكر اسمه: “نحن نعيش داخل وزارة مثقلة بالمكاتبات واللجان، لكننا عاجزون عن إنجاز أبسط متطلبات الناس”.

واتسعت دائرة الفساد لتطال صفقات بمليارات الدنانير، أبرزها صفقة “أقنعة الحالات الحرجة” التي استنزفت نحو 116 مليار دينار من المال العام دون أن تسترد الدولة المبالغ المهدورة، رغم صدور أحكام قضائية بحق بعض المسؤولين. وأكد محامٍ متابع للقضية أن شمول المتورطين بقانون العفو العام وامتناع الوزارة عن المطالبة بحقوقها جعل الفساد يعاود إنتاج نفسه داخل المؤسسة الصحية.

وأكد النائب باسم الغرابي، عضو لجنة الصحة النيابية، أن الوزارة متهمة مباشرة بهدر مئات المليارات، معتبراً أن العراق بحاجة إلى ما لا يقل عن 95 مستشفى جديداً لتغطية العجز الحاد، لاسيما في محافظات الوسط والجنوب.

وأوضح الغرابي أن أكثر من 50 مشروعاً لبناء مستشفيات رديفة متوقف عند نسب إنجاز تجاوز بعضها 70%، مشيراً إلى أن ما تبقى من المستشفيات يعود تاريخ إنشائها إلى سبعينيات القرن الماضي وتعاني اليوم من تقادم فني وفوضى تشغيلية.

وأوضح ناشطون على مواقع التواصل أن “الخدمات الصحية في العراق باتت رمزاً للتراجع لا للتقدم”، فيما وصف أكاديمي من كلية الطب بجامعة بغداد الوضع بأنه “نزيف مزدوج للمال العام وصحة المواطن”.

واستمرت الاتهامات لتطال “الشركة العامة لشراء المستلزمات الطبية” التي تواجه شبهات فساد واسعة دون تحرك رسمي جاد، فيما يصف مراقبون البيئة التشريعية بأنها المظلة التي تحمي الفاسدين وتمنع معاقبتهم، لتبقى الخدمات الصحية في دائرة الانهيار الدائم.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات