الوثيقة | مشاهدة الموضوع - البعد الآخر للصفعة “الدوحة” التي أفاقت دول الخليج من سكرات غيبوبتها وتوجت بالقنبلة النووية السعودية / الباكستانية ؟ صباح البغدادي
تغيير حجم الخط     

البعد الآخر للصفعة “الدوحة” التي أفاقت دول الخليج من سكرات غيبوبتها وتوجت بالقنبلة النووية السعودية / الباكستانية ؟ صباح البغدادي

مشاركة » الثلاثاء سبتمبر 23, 2025 12:21 am

في أعقاب الصفعة الإسرائيلية الموجعة التي تلقتها قطر في 9 أيلول 2025، حين قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي مجمعًا سكنيًا في حي “العتقية” ، مستهدفة قيادات من حركة حماس كانت تناقش مقترحًا أمريكيًا لوقف إطلاق النار في غزة، وعلى اثر هذه الصفعة المدوية المفاجئة والتي لم تكن في الحسبان وحتى في “رؤى” أحلام اليقظة إلا أنها حدثت وبموافقة ضمنية من قبل أمريكا التي طالما تغنت بان الخليج العربي يتمتع باقوى ((مظلمة)) حماية أمريكية !؟ فلا أحد يستطيع اختراقها ؟ ولكن المفاجئة التي اذهلت الجميع تبين أن هذه المظلة الوهمية كانت موجهة فقط ضد إيران ولم تشمل إسرائيل وتبين أن طوال العقود الماضية كانت دول الخليج تخزين مختلف انواع المعدات العسكرية والسلاح والاعتدة والذخيرة بمليارات الدولارات ومن احدث انواع تكنولوجيا الاسلحة حتى افترسها الصدأ ومن هذه الصفعة الموجعة أصبحت المنطقة العربية في حالة تأهب استراتيجي غير مسبوق. هذا الهجوم، الذي أسفر عن مقتل خمسة أعضاء في حماس وعنصر أمني قطري، وأثار إدانات دولية واسعة، لم يكن مجرد انتهاك لسيادة قطر – التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، قاعدة العديد – بل كشف عن مدى زيف وهشاشة “المظلة الحماية الأمنية” الأمريكية التي روجت لها واشنطن لعقود كضمانة مطلقة لأمن دول الخليج. فالصمت الأمريكي النسبي، الذي وصفته البيت الأبيض بأنه “غير حكيم” دون إدانة صريحة، أكد أن هذه الحماية موجهة أساسًا ضد التهديد الإيراني، بينما تتسامح واشنطن – بل وتدعم وتوافق – أي عمل عسكري إسرائيلي ضد ما تراه “أعداء” مشتركين؟.
وضمن هذا السياق، يبرز الاتفاق العسكري الاستراتيجي الموقع بين السعودية وباكستان في 17 أيلول 2025 كلحظة تحول جيوسياسي حاسمة. لأن “الاتفاق الدفاعي المتبادل الاستراتيجي” (SMDA)، الذي يُعتبر أبرز ترقية للعلاقات الدفاعية بين البلدين منذ عقود، يُعلن صراحة أن أي عدوان على أحدهما يُعتبر عدوانًا على الآخر، ويغطي “جميع الوسائل العسكرية”، بما في ذلك إمكانية الوصول إلى الترسانة النووية الباكستانية.
لكن ما وراء هذا الإعلان الرسمي أبعاد خفية تكشف عن إعادة رسم خريطة الأمن الإقليمي بعد فضيحة القصف ، حيث يبحث قادة دول الخليج عن حلفاء أكثر ضمانًا من أمريكا، ولكنه في الوقت نفسه سوف يثير مخاوف لدى إسرائيل وبصورة اكبر لدى الهند العدود اللدود الأزلي لباكستان ، وتُثير كذلك غضب واشنطن التي لم تُستشر في الاتفاق على الاقل لغاية الان لم يبدأ الجانب الأمريكي أي اعتراض ولكن خلف الابواب المغلقة هناك الكثير من الكلام الذي حدث والذي سوف تكون عواقبه على المدى القريب أكثر خطورة من ما قد يروج له بأنه اتفاق بين دولتين كل منها تبحث عن مصالحها .
صفعة الدوحة بدورها كشف الوهم الأمريكي وصحوة الخليج التي اتت متاخرة جدا ولكن كما يقول المثل ان تاتي متاخرا خيرا من ان لا تاتي ، والتي وصفها رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بـ”الإرهاب الدولة”، وأكدت أن هذه الحماية الأمريكية انتقائية: تحمي الخليج من إيران، لكنها تتغاضى عن إسرائيل، الحليف الاستراتيجي الذي يُعتبر “أولوية” في السياسة الأمريكية. هذا الحدث أفاق دول الخليج من ” سكرات غفوتها”،، وأدى إلى إعادة تقييم الاعتماد على واشنطن. في اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في 15 أيلول ، دعت الدول إلى تعزيز “الردع المشترك”، مما مهد الطريق للاتفاق السعودي-الباكستاني.
لذا ان الاتفاق، الذي وقع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف في قصر اليمامة بالرياض، يأتي كتأكيد على أن “حلم المظلة الأمريكية” قد تلاشى، وأن الخليج يبحث عن شراكات أكثر استقلالية وانفتاح . وان الأبعاد الخفية فيما يخص نووي باكستاني وردع إسرائيل والهند والذي سيكون تعاونهما أكثر من السابق بمختلف المجالات وبالأخص التعاون العسكري والاستخباري والتنسيق ردا منهم على هذا الاتفاق والأبعاد الأبرز في هذا الاتفاق هو الإشارة إلى “الوسائل العسكرية الشاملة”، التي حتما ستكون كامتداد للمظلة النووية الباكستانية إلى السعودية. باكستان، الدولة الإسلامية الوحيدة المسلحة نوويًا، تمتلك ترسانة تضم ما يقرب من 170 رأسًا نوويًا، وتاريخيًا ساعدت السعودية في برامجها العسكرية منذ السبعينيات، بما في ذلك نشر قوات باكستانية على حدودها مع العراق. ومن المصادر وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف أكد أن “القدرات النووية ستكون متاحة للسعودية”، مما يجعل الاتفاق رسالة ردع مباشرة لإسرائيل، التي يُعتقد أنها تمتلك 80-400 رأس نووي غير معلن. ومن المصادر جيوسياسيًا، يعكس الاتفاق تحولًا في توازن القوى: السعودية، بمواردها المالية الهائلة (التي بلغت استثماراتها في باكستان مليارات الدولارات)، توفر الدعم الاقتصادي لباكستان، مقابل قوة عسكرية نووية توفر ردعًا ضد إسرائيل، التي أصبحت تهديدًا مباشرًا بعد قصف الدوحة. كما يشمل الاتفاق تدريبات مشتركة، نقل تكنولوجيا، وإنتاج عسكري مشترك، مما يعزز الاستقلالية السعودية عن الأسلحة الأمريكية. ان مخاوف إسرائيل والهند والتهديدات إقليمية متشابكة إسرائيل، التي لم تصدر تعليقًا رسميًا فوريًا، ترى في الاتفاق تهديدًا وجوديًا لها . الذي أثار جلسة طارئة للجامعة العربية، يُعتبر الاتفاق “إشارة نووية” إلى تل أبيب، حيث يجبرها على إعادة حساباتها في أي عمل عسكري مستقبلي ضد دول الخليج. ومن أن “السعودية الآن تحت مظلة نووية سنية”، مما يعقد استراتيجية إسرائيل في مواجهة “محور الشر” (إيران وحلفاؤها)، ويفتح الباب أمام تحالف إسلامي أوسع يُشبه “الناتو الإسلامي”. أما الهند، فتراقب الاتفاق عن كثب كعدو لدود لباكستان. بعد النزاع القصير بين نيودلهي وإسلام آباد في ايار 2025، الذي أدى إلى ضربات صاروخية متبادلة، يخشى الهند أن يعزز الاتفاق من قوة باكستان عبر دعم سعودي مالي وعسكري غير محدود، مما يغير توازن القوى في كشمير أو أي صراع مستقبلي. المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية رندير جايسوال أكد أن نيودلهي “كانت على علم بالمناقشات”، لكنه حذر من أن الشراكة يجب أن تأخذ في الاعتبار “المصالح والحساسيات المتبادلة”، مشيرًا إلى الشراكة الاستراتيجية الهندية-السعودية في الطاقة والدفاع. حزب الكونغرس الهندي وصف الاتفاق بـ”صدمة أمنية مفاجئة”، مطالبًا بتعزيز التعاون العسكري مع إسرائيل والخليج. غضب أمريكا: فقدان السيطرة على حلفائه الأمريكيون غير راضين تمامًا، حيث وقع الاتفاق دون استشارتها، مما يعكس تراجع الثقة في واشنطن كضامن أمني. الاتفاق يُرى كـ”إخلال بضمانات أمريكا”، خاصة بعد فشلها في منع قصف الدوحة رغم قاعدتها هناك، مما دفع السعودية إلى “التحوط” نحو باكستان كبديل نووي سني. هذا يعزز من مخاوف واشنطن من “ناتو إسلامي” يقوده الرياض وإسلام آباد، مما قد يعزل إسرائيل ويفتح الباب أمام نفوذ صيني أكبر في الخليج. التداعيات الجيوسياسية ويحمل الاتفاق أبعادًا أوسع: اقتصاديًا، يعزز الاستثمارات السعودية في باكستان (التي بلغت 25 مليار دولار في 2024)بالاضافة الى مناقشات لغرض التعاون في مجال الصناعات العسكرية المشتركة ومما يدعم إصلاحات ولي العهد “بن سلمان” في “رؤية 2030”. وسياسيًا، يقوي الوحدة الإسلامية، خاصة مع دعوات لتوسيع الاتفاق إلى دول خليجية أخرى، مما يهدد معاهدة (( إبراهيم )) ويجبر إسرائيل على إعادة حساباتها. أما بالنسبة للخليج، فهو يمثل انتقالًا من التبعية الأمريكية إلى استقلالية دفاعية، حيث تصبح باكستان “الدرع النووي” السني، ولان هذا الاتفاق ليس فقط مجرد ورقة كما يحاول البعض الترويج له ، بل انه في حقيقة نقطة تحول جيوسياسي تكشف عن انهيار النموذج الأمريكي في الشرق الأوسط. بعد صفعة الدوحة، أصبح الخليج يبحث عن حلفاء أقوى، مما يعيد رسم التوازنات الإقليمية ويثير تساؤلات حول مستقبل السلام في المنطقة. هل سيكون هذا بداية “ناتو إسلامي”، أم مجرد رد فعل مؤقت؟ الإجابة تكمن في كيفية التفكير بالعمق الاستراتيجي لإستغلال الرياض وإسلام آباد لهذه اللحظة التاريخية ضد كل من أمريكا والهند واسرائيل .
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات