لندن ـ «القدس العربي»: فجَّر علماء الفضاء والفلك مفاجأة جديدة بالكشف عن تلقيهم إشارات من «أكوان موازية» وهي ما يُمكن أن تكون رسائل محتملة أو محاولة تواصل من كائنات فضائية تتواجد في العالم الخارجي بعيداً عن كوكب الأرض.
ويعتقد العلماء أننا ربما تلقينا إشارة من «كون موازٍ» عبر ثقب دودي، وذلك بعد سنوات من البحث في إشارات وردت إلى كوكب الأرض وحيرت العلماء طويلاً.
وقال تقرير نشرته جريدة «دايلي ميل» البريطانية، واطلعت عليه «القدس العربي»، إنه في عام 2019 التقطت أجهزة رصد موجات الجاذبية على الأرض إشارةً حيرت العلماء. وموجات الجاذبية هي تموجات في نسيج المكان والزمان، تنشأ عادةً عند اصطدام أجسام ضخمة وكثيفة، مثل الثقوب السوداء.
ولكن، مع مدة أقل من عُشر الثانية، كانت هذه الانفجارات المفاجئة أقصر بكثير من النبضات الصوتية المطولة التي تنتج عادةً عن اندماج الثقوب السوداء.
ويعتقد الباحثون الآن أن هذه الإشارة الغريبة، المسماة «GW190521» ربما تكون قد وصلت من كون موازٍ.
وفي ورقة بحثية جديدة يجادل فريق بقيادة الدكتور تشي لاي من الأكاديمية الصينية للعلوم بأن «GW190521» قد تكون «صدى» انهيار ثقب دودي، بحسب ما نقلت «دايلي ميل».
ويقول العلماء في الورقة البحثية إنه إذا كان اصطدام ثقبين أسودين قوياً بما يكفي لإنشاء نفق بين الأكوان، فقد تنتقل الإشارة الثقالية عبر حلق الثقب الدودي إلى كوننا. وبما أن الثقب الدودي لن يكون مفتوحاً إلا لفترة قصيرة جداً، فهذا يُفسر سبب انقطاع «GW190521» فجأة.
وعلى الرغم من أن نماذجهم تُشير إلى أن هذا السيناريو غير مُرجح، يقول الدكتور لاي إن الأدلة لا تستبعد انتقال الإشارة إلى الأرض من كون آخر.
ووفقاً لنظرية النسبية لأينشتاين، فإن الأجسام ذات الكتلة تُمطط وتسحب نسيج الزمكان، مثل الأوزان الموضوعة على سطح الترامبولين (لعبة القفز التي يستخدمها الأطفال).
وإحدى النتائج المهمة لذلك هي أن الاصطدامات بين الأجسام الضخمة جداً تُحدث تموجات تنتشر في جميع أنحاء نسيج الواقع على مسافات هائلة.
وعندما تدور أزواج من الثقوب السوداء، المعروفة باسم الثقوب السوداء الثنائية، في اتجاه بعضها البعض بشكل حلزوني، تتفاعل مجالات جاذبيتها وتُولد تموجات خاصة بها تزداد قوة كلما اقتربت الفراغات.
وهذا يُعطي الإشارة الناتجة عن اندماج الثقوب السوداء الثنائية نمطًا تصاعديًا يشبه التغريد، وهو مؤشرٌ على اصطدام ثقبين أسودين. وحتى الآن، استخدم العلماء موجات الجاذبية لرصد حوالي 300 تصادم بين الثقوب السوداء الثنائية، يُنتج كلٌ منها التغريدة نفسها.
وما يجعل «GW190521» غير عادي هو أنه يفتقد الجزء الصاعد من الإشارة الناتجة عن دوران الثقوب السوداء نحو الداخل.
وبما أن كتلة الجسم الناتج كانت تُعادل حوالي 141 ضعف كتلة الشمس، كان من المفترض أن يتمكن العلماء من رصد هذا الجزء من الإشارة لو حدث.
وحالياً، أفضل تفسير لهذه الإشارة غير العادية هو تصادم صدفة بين ثقبين أسودين اصطدما ببعضهما البعض مباشرةً دون دوران.
ومع ذلك، يقول الدكتور لاي إن وجود ثقب دودي في كون آخر هو أيضاً تفسيرٌ معقول.
وفي بحثهم، كتب الدكتور لاي وزملاؤه: «يمثل الثقب الدودي جسمًا كهذا، يربط إما كونين منفصلين أو منطقتين متباعدتين في كون واحد عبر حلق».
وإذا نتج عن اندماج ثقبين أسودين ثقب دودي قصير العمر كهذا، فقد نتمكن من سماع مقطع قصير من زقزقة الثقب يتردد صداه في كوننا.
وعندما ينغلق الثقب الدودي فجأةً، تنقطع الإشارة تاركةً موجةً قصيرةً جدًا من موجات الجاذبية.
ويضيف الدكتور لاي: «يمكن لإشارة انخفاض الرنين بعد اندماج الثقوب السوداء الثنائية (BBHs) في كون آخر أن تمر عبر حلق الثقب الدودي، وأن تُرصد في كوننا على شكل نبضة صدى قصيرة المدة».
وابتكر الدكتور لاي وزملاؤه نموذجاً رياضياً لشكل إشارة الثقب الدودي هذه، وقارنوها بالبيانات المأخوذة من إشارة «GW190521» الحقيقية التي التقطتها كاشفات موجات الجاذبية «LIGO» و«Virgo».
وأنشأ الباحثون أيضاً نموذجاً لاصطدام مفاجئ في كوننا وقارنوا النتائج. ووجدوا أن نموذج الاصطدام القياسي يناسب البيانات بشكل أفضل، ولكن بفارق ضئيل، وهذا يعني أن نموذج الثقب الدودي لا يزال تفسيراً مقبولاً لاصطدام «GW190521».
وفي ورقتهم البحثية، كتب الباحثون أن تفضيل الاصطدام القياسي «لم يكن كافياً لاستبعاد احتمال أن يكون نموذج الصدى كفرضية مقبولة لحدث (GW190521)». وإذا كان هذا صحيحاً، فلن يُثبت هذا وجود الثقوب الدودية فحسب، بل سيمنح العلماء أيضاً أداة جديدة فعّالة لدراستها.