الوثيقة | مشاهدة الموضوع - هل حان وقت تشكيل حلف ناتو للشرق الأوسط؟ صحيفة “Arab News”السعودية
تغيير حجم الخط     

هل حان وقت تشكيل حلف ناتو للشرق الأوسط؟ صحيفة “Arab News”السعودية

مشاركة » الخميس مارس 04, 2021 6:44 pm

2.png
 
أجريت في الأسابيع الأخيرة محادثات عديدة مع مصممي رأي وأصحاب قرار في الشرق الأوسط. كلهم قلقون. فهم يتابعون، بخوف، الجهود الإيرانية المركزة لتطوير صواريخ بعيدة المدى، وصواريخ جوالة موجهة الأهداف ودقيقة تهدد ضعضعة الاستقرار في المنطقة. كما يتابعون بقلق استفزازات إيران المتكررة تجاه الأسرة الدولية، وخروقاتها لالتزاماتها في الاتفاق النووي للعام 2015. يشاهدون، بخوف، إيران تجدد تخصيب اليورانيوم (حتى 20 في المئة من اليورانيوم النقي) في ظل خرق الاتفاق، وتقيد وصول مراقبي الوكالة الدولة للطاقة الذرية إلى منشآتها النووية. ينظرون بدهشة إلى عجز الغرب عن وقف هذه التطورات القتالية والخطيرة. لقد فقد الكثيرون ثقتهم بالولايات المتحدة وأوروبا. ثمة من يفكرون بالتوجه إلى روسيا والصين. والكل عالق في وضع مقلق ومضنٍ، معترفين بذلك بأنهم وصلوا إلى مفترق طرق مهم.

ولكني سمعت في أثناء هذه المحادثات أصواتاً مشجعة، لم أسمع مثلها من قبل. فيكاد كل العرب الذين تحدثت معهم يقولون إن الحليف الوحيد ضد إيران والذي يثقون به بلا تحفظ هو إسرائيل. ويكاد الإسرائيليون الذين تحدثت معهم يقولون إن الحليف الوحيد ضد إيران والذي يثقون به بلا تحفظ هو العالم العربي.

ها هو النزاع العربي الإسرائيلي ينتهي بعد مئة سنة؛ فالاتفاق بين مصر وإسرائيل بدأ المسيرة في 1979. وبعده اتفاق إسرائيل – الأردن في 1994. ولكن اتفاقات السلام التي وقعتها إسرائيل والإمارات والبحرين والسودان والمغرب في 2020 أدت أخيراً إلى ثورة إقليمية حقيقية. وثمة دول عربية معتدلة أخرى لم تنضم بعد إلى اتفاقات إبراهيم، ولكنها تطور علاقاتها مع إسرائيل بهدوء. كلما تعاظمت المخاوف من إيران وتعمقت الشكوك تجاه الغرب، يقترب العرب والإسرائيليون أكثر من أي وقت مضى.

بعد أن أنهيت جولة المحادثات الباعثة على الحماسة هذه، طرأ على بالي فكرة: أفلم يحن الوقت لمرحلة الكفاح الموحد ضد إيران مع هذه الشراكة العربية-الإسرائيلية المتفتحة؟ أفلم يحن الوقت للقيام بخطوة أخرى وجريئة تلي اتفاقات إبراهيم؟ وهل يمكن لهذا أن يكون وقتاً للعرب والإسرائيليين للخروج إلى حلف استراتيجي؟

عملتُ في الثمانينيات في البنتاغون وكنت سفيراً للولايات المتحدة في النمسا. رأيت هناك من مصدر أول أي دور حاسم لعبه الناتو في ضمان أمن واستقرار أوروبا ضد التهديد السوفياتي. والآن، في بداية العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين، كفيل بأن يحين الوقت لإقامة ناتو عربي إسرائيلي لضمان أمن واستقرار الشرق الأوسط ضد التهديد الإيراني.

الأعضاء المؤسسون لهذا الحلف الجديد – منظمة الدفاع عن الشرق الأوسط “MEDO” يمكن أن يكونوا دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي وقعت اتفاقات أو علاقات علنية مع إسرائيل: مصر، الأردن، والإمارات، والبحرين، والسودان، والمغرب. أنا متفائل لضم دول عربية أخرى لاتفاقات إبراهيم قريباً. إضافة إلى ذلك، يمكن لمثل هذا الحلف أن يقيم علاقات وثيقة مع اليونان وقبرص وبضع دول إفريقية، بهدف حماية استقرارها وتشجيع التنمية الاقتصادية السريعة.

وهكذا يمكن خلق بطارية دفاع هائلة ضد إيران، وللجم التطلعات الإمبريالية التركية، ومقاتلة التطرف والإرهاب، وتطوير مصالحة حذرة وتدريجية بين إسرائيل والفلسطينيين. يمكن استغلال الاختراق التاريخي في السنة الماضية لخلق شرق أوسط جديد. فالحلف سيخدم مصالح كل الدول التي تبحث عن الاستقرار في المنطقة وكل المواطنين الساعين للهروب من الفقر والضائقة، وتحسين حياتهم. هذه المنظمة الجديدة ستخدم بشكل غير مباشر مصالح الغرب والأسرة الدولية، بحيث تهدئ أحد الأحياء الخطيرة في العالم دون الاستناد إلى أي جندي أمريكي أو جندي الأمم المتحدة، ودون طلب الصدقات من القوى العظمى الأخرى في العالم.

واضح أن قرار إقامة حلف ناتو في الشرق الأوسط يجب ألا تتخذه إلا الدول ذات السيادة في المنطقة. ولا يمكن لأحد آخر أن يفرض عليها أن تتخذ لنفسها هذا الإطار. ولكن انطباعي الشخصي أن حلفاً استراتيجياً إقليمياً فكرة حان وقتها. فأمام تحدي إيران الشريرة المتسارع وضعف العالم الذي تضرر بسبب كورونا يبدو أن الاعتماد الذاتي هو السبيل الوحيد إلى الأمام. على الإسرائيليين والعرب اسغلال الفرصة للعمل معاً لإنقاذ الشرق الأوسط من المصيبة المقتربة للتطرف والتسلح النووي.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron