الوثيقة | مشاهدة الموضوع - هل مشروع “الماء مقابل الكهرباء” الثلاثي الأردني الاماراتي الإسرائيلي هو الخطوة الأولى لتطبيق “صفقة القرن” ومهندسها كوشنر؟ اليكم قراءة مختلفة
تغيير حجم الخط     

هل مشروع “الماء مقابل الكهرباء” الثلاثي الأردني الاماراتي الإسرائيلي هو الخطوة الأولى لتطبيق “صفقة القرن” ومهندسها كوشنر؟ اليكم قراءة مختلفة

مشاركة » الخميس نوفمبر 25, 2021 6:21 pm

عبد الباري عطوان
الاتفاق الذي وقعه الأردن وإسرائيل على هامش حضور وزيري المياه والطاقة في البلدين في معرض “اكسبو” في دبي، تحت عنوان الطاقة مقابل الماء يأتي في اطار مشروع سياسي تطبيعي بالدرجة الأولى، عنوانه الأبرز عودة الضفة الغربية الى الأردن، وقطاع غزة الى مصر، واغلاق ملف القضية الفلسطينية الى الابد، وكل التطبيقات والتحركات والاتفاقات الراهنة والمتسارعة على الأرض تصب في هذه المحصلة النهائية، ومن يقول غير ذلك يغالط الحقائق.
بمعنى آخر، هذا المشروع الذي تدعمه ماليا دولة الامارات العربية المتحدة و”كيلة” “سلام ابراهام” في المنطقة، وسياسيا الولايات المتحدة، هو تطبيق حرفي للخطط التي طرحها جاريد كوشنر، مستشار الرئيس دونالد ترامب وصهره في مؤتمر المنامة في حزيران (يونيو) عام 2019، وحضره الأردن و”إسرائيل” ومعظم الدول الخليجية، ولم يكن من قبيل الصدفة ان تكاليف هذا المشروع المالية 7.5 مليار دولار وهو الرقم الذي حدده صهر الرئيس الأمريكي في المنامة في اطار ما سمي في حينها بـ”صفقة القرن”.
صحيح ان الاتفاق الثلاثي الأردني الإسرائيلي الاماراتي جرى توقيعه بالأحرف الأولى، وتوصيفه بأنه “اعلان نوايا”، وليس معاهدة او اتفاق تعاون، وينص على ان يعمل الأردن على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لصالح “إسرائيل”، مقابل تحلية الاخيرة للمياه لصالح الأردن، ولكن، ومن خلال خبرتنا ومتابعاتنا، جميع اتفاقات اعلان النوايا الموقعة بالأحرف الأولى جرى تطبيقها عمليا على الأرض، وابرزها صفقة الغاز الفلسطيني “الإسرائيلي” المسروق الى الأردن، وكيف يكون الاتفاق مجرد اعلان نوايا، بعد ان اشترت الامارات 4800 دونم لتكون الأرض التي سيقام عليها المشروع في الأردن؟



***


مجنون يحكي وعاقل يسمع.. متى كانت إسرائيل بحاجة الى كهرباء مصنعة من الطاقة الشمسية في الأردن، وهي التي اخترعت تكنولوجيا توليد الطاقة وحماماتها وصدرتها الى الكثير من دول العالم؟
وهل “إسرائيل” هي الدولة الوحيدة في العالم التي تملك تكنولوجيا تحلية المياه؟ فأكبر كمية للطاقة الشمسية في العالم موجودة في صحراء النقب المحتل المحاذية للجنوب الأردني، واكبر محطات تحلية في العالم موجودة في السعودية ودول الخليج، سواء بتحلية مياه الخليج او مياه البحر الأحمر، وجميع هذه المحطات أقيمت قبل أربعين عاما على الأقل وبإشراف شركات أوروبية ليس لإسرائيل سهما او مهندسا واحدا فيها، نرجوكم احترام عقولنا، فاذا كان الأردن يعيش ازمة مياه فلماذا لا يذهب الى سورية، او العراق، او حتى السعودية، وليس الى “إسرائيل” ومياهها المسروقة؟
هذه الصفقة “مزورة” وملغومة، ومحاولة ساذجة للتغطية على الهدف السياسي المرجو منها، وهو ربط الأردن بدولة الاحتلال الإسرائيلي وامنها، وتكريسها كشريك استراتيجي، واحكام هيمنتها على الأردن سياسيا واقتصاديا.
العراب الأمريكي هو الداعي لهذه الصفقة ويقف خلف تطبيقها، وممثله جون كيري كان “شاهد زور” على عملية التوقيع بين وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار ووزير المياه والري الأردني محمد النجار، والذريعة التغلب على ازمة المناخ، ولا نعرف ما علاقة الأردن بهذه الازمة، وكأنه دولة عظمى تملك اضخم المصانع والمفاعل النووية التي لعبت دورا كبيرا في تلوث ثقب الأوزون.
أمريكا وإسرائيل ومعهما دولة الامارات يجرّون الأردن الى هاوية سحيقة من الاضطرابات الداخلية، عبر تضخيم حالة الاحتقان المتفاقمة حاليا بسبب الفقر والجوع والبطالة والارتفاع الفاحش في الأسعار.
الشارع الأردني يعيش حاليا حالة من الغليان غير مسبوقة، وبركان الغضب يقترب من ذروة انفجاره، واجواء الحراك الشعبي وغيومها الملبدة بالمخاطر تعود بشكل متسارع، واذا انطلق هذا الحراك فمن الصعب توقفه هذه المرة، وكل المؤشرات المتوفرة لنا تؤكد انه قادم.

يجب ان يفهم أصحاب القرار في الأردن ان الشعب الأردني، بكل اطيافه العشائرية ومنابته واعراقه بات موحدا في معظمه خلف هدف واحد وهو معارضته التطبيع مع دولة الاحتلال، ورفض صفقة القرن، وتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن ووحدته واستقراره، لان المستفيد الأكبر من جميع هذه المشاريع التطبيعية هي “إسرائيل”، والخاسر الأكبر هو الأردن، والضحية في الحالين هما الشعبان الأردني والفلسطيني.
نزول حركة الاخوان المسلمين الى الشارع غدا الجمعة في مظاهرة احتجاج امام مسجد الحسين، في قلب العاصمة، ولأول مرة منذ سنوات، واحتجاج اكثر من 75 نائبا على الاتفاق الثلاثي المذكور آنفا، وازدحام وسائل التواصل الاجتماعي بالتغريدات الغاضبة المعارضة لكل اشكال التطبيع، وتصاعد المخاوف من مؤامرة الوطن البديل، كلها رسائل وانذارات يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار من صانع القرار في الأردن فكل الحجج والذرائع مهما تعاظمت ستعطي نتائج عكسية، فالمنطقة تتغير بسرعة، ومعادلات القوة تتغير أيضا، و”إسرائيل” تعيش ازمة أمن واستقرار، ولم تعد القوة التي تهزم الأنظمة وجيوشها في ساعات معدودة، واي انقاذ امريكي لها لا يجب ان يكون على حساب الأردن، وبما يؤدي الى زعزعة أمنه واستقراره.. والأيام بيننا.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron