الوثيقة | مشاهدة الموضوع - الغارديان: أعداد من أطباء العراق يفكرون بالهجرة خوفا من تهديد المرضى والعشائر ويتجنبون العمليات الحرجة
تغيير حجم الخط     

الغارديان: أعداد من أطباء العراق يفكرون بالهجرة خوفا من تهديد المرضى والعشائر ويتجنبون العمليات الحرجة

مشاركة » الأربعاء أغسطس 10, 2022 2:00 pm

16.jpg
 
لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا عن معاناة الأطباء في العراق ومخاوفهم في حالة وفاة مريض تحت رعايتهم.

وأشار التقرير الذي أعده تشارلي ميتكالف من بغداد، إلى الضغوط التي يعيشها الأطباء ومخاوف انتقام قد تصل أحيانا إلى استخدام السلاح في المستشفيات، وتهديد الأطباء الذين باتوا لا يخاطرون في القيام بعمليات جراحية دقيقة، مثل عمليات القلب المفتوح والدماغ.

وقال ميتكالف إن الطبيبة في سنة الامتياز مريم علي، كانت تمشي باتجاه غرفة انتظار جراحة الأعصاب عندما أمسكها رجل ورماها على الأرض ووضع سكينا على رقبتها. وأغلق الحرس المكان واعتقلوا الرجل. ومن حسن حظها أن كاميرات المراقبة كانت تعمل وقت الهجوم. وعلقت على ما حدث لها: “فكرت أنني سأموت. كنت في حالة صدمة ولعنت اليوم الذي أصبحت فيه طبيبة”.

المخاوف من الانتقام لدى الأطباء العراقيين قد تصل أحيانا حد استخدام السلاح في المستشفيات، وتهديد الأطباء الذين باتوا لا يخاطرون في القيام بعمليات جراحية دقيقة

ومريم علي (27 عاما) هي في السنة الثانية من الامتياز في مستشفى غازي الحريري ببغداد، عندما حدث الهجوم عليها في كانون الثاني/ يناير 2021. وتم اعتقال مهاجمها وسجنه. ومثل بقية الأطباء العراقيين، تفكر مريم بمغادرة البلاد.

ووجدت دراسة مسحية لأطباء بغداد، أن نسبة 87% منهم عانوا من هجمات عنف في الأشهر الستة الماضية. وقال الكثيرون إن العنف زاد بعد انتشار وباء كورونا، وأن معظم الهجمات قام بها مرضى أو أقاربهم. وكان المهاجم الذي حاول الاعتداء على مريم لصاً سرق وبشكل منتظم من المستشفى، وهو مثال كما تقول الطبيبة على غياب الأمن الذي جعل الأطباء العراقيين يعانون من مستويات عنف عالية أثناء العمل. واشتكت مريم وزميلاتها الطبيبات من القفل المكسور في غرفة انتظار الأطباء في أكثر من مناسبة، بدون استجابة. وفي العراق، عادة ما يجتمع حول المريض عائلته وأصدقاؤه حيث يصل عددهم أحيانا 15 شخصا.

وعندما لا يساعد الطبيب المريض على الشفاء، أو يُعتقد أنه ارتكب خطأ، يتحول التوتر إلى عنف.

ونقلت الصحيفة عن الأستاذ في علم الأوبئة بجامعة المستنصرية، رياض لفتة قوله: “عندما ينقل المرضى إلى المستشفى ويعانون من القلق والتوتر، يجد الأطباء صعوبة في التعامل معهم. يغضبون ويلجأون إلى العنف”. ونظرا للتراخي الأمني، يستخدم المهاجمون الأسلحة، حيث تملك نسبة 27% من المدنيين أسلحة. ويقول لفتة: “الناس قلقون وهم مسلحون، وهناك مشاكل بالنظام الصحي. كلها عوامل تسهم في تصاعد العنف”.

وتذكّر لفتة حادثين قُتل فيهما طبيبان. وفي عام 2005، قُتل 10 أطباء في محافظة كربلاء، جنوبي بغداد. ويقول لفتة إن العوائل التي تعمل داخل نظام العشائر العراقية طورت أساليب جديدة للابتزاز. فهي تقوم بتهديد الأطباء وعائلاتهم عند ارتكاب خطأ، سواء كان حقيقيا أم مزيفا، ويطلبون عطوة عشائرية يقول لفتة إنها وصلت أحيانا إلى 145 مليون دينار عراقي (82.000 جنيه إسترليني). ويقول أطباء إنهم رأوا عطوات وصلت إلى 168 ألف جنيه إسترليني.

وعلق لفتة: “لسوء الحظ في العراق، فكل الأشخاص يعرفون أنهم يستطيعون الإفلات من العقاب”. و”عندما يغيب العقاب تستطيع عمل ما تريد”.

وتحدث جراح القلب عثمان عتيبة، عن أثر المشاكل على الأطباء الذين دُفعوا للقيام “بالتمثيل” والتظاهر بمحاولة إنقاذ المريض الميت لتخفيف غضب العائلات. وقال: “عندما يكون أمامك جسد ميت، وهناك 10 أشخاص يقفون حولك، فسيقتلونك لو قلت لهم إنه ميت” ولهذا “تقوم بمحاولة إنعاش قلبه، وتعطيه صدمة واحدة، اثنتين وثلاثة وربما عشرة. تعرف أن هذا خطأ، لكن ماذا يمكنك أن تفعل؟”.

ويقول عتيبة (28 عاما) إن زملاءه يقومون بهذا الأمر يوميا. ويتخذون الاحتياطات الأمنية عندما يتوقعون وفاة مريض ويستدعون الحرس.

أشارت دراسة صدرت عام 2017، إلى أن نسبة 77% من الأطباء الصغار يفكرون بمغادرة العراق، وقالت وزارة الصحة إن 20 ألف طبيب غداروا البلد بسبب العنف ضدهم

وأدى العنف ضد الأطباء إلى مغادرة الكثيرين منهم العراق. وفي دراسة صدرت عام 2017، أشارت إلى أن نسبة 77% من الأطباء الصغار يفكرون بمغادرة البلد. وفي عام 2019، قال المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية، إن 20 ألف طبيب عراقي غادروا البلد بسبب العنف. ويقول لفتة: “ليس الشخص الذي تعرض للعنف، بل وزملاؤه وعائلته وأصدقاؤه وأقاربه وهذا أمر مستشر. في السابق، كنا نعاني من هجرة العقول، وأخذت بعض الدول أطباءنا، واليوم تغيرت الظاهرة إلى التخلص من العقول”، ويضيف: “نحن ندفع بعقولنا للخارج بسبب العنف”.

ويتجنب الأطباء العمليات الجراحية المعقدة بسبب الضغوط والتهديدات العشائرية، ويحاول الأطباء المتخرجون حديثا عدم إجراء العمليات التي تنطوي على مخاطرة، مثل عمليات الدماغ والعمليات العاجلة.

ويقول عتيبة: “اختصاصي هو القلب، ونسبة الموت فيه عالية. لا أحد يقوم بهذا النوع من العمليات، ولو فعلوا ومات المريض، فهم في ورطة”. والمتخرجون الذين يرغبون بالتخصص في مجالات تحتوي على مخاطر عالية، يتم تسريع تخصصهم من خلال دراسة عامين في مرحلة ما بعد التخرج، في محاولة من الحكومة لمعالجة النقص.

وبعد تخصصه في جراحة القلب، بدأ عتيبة بدفع مبالغ مالية كبيرة لعشيرته كي تدعمه لو تعرض لهجوم أو محاولة ابتزاز مالي. وحاولت الحكومة العراقية مواجهة المشكلة من خلال تمرير قانون حماية الطبيب في عام 2010، والذي يسمح للأطباء بحمل السلاح معهم إلى العمل. ويرى لفتة أن هذا أمر سخيف؛ لأنه يعتقد أن زيادة الأسلحة في يد الناس هو سبب العنف. ويقول: “عندما يذهب المهاجمون إلى المستشفيات، فهم يدخلونها مدججين بالرشاشات وبمجموعة مكونة من أربعة إلى خمسة أشخاص، ولا يمكن للطبيب حماية نفسه بسلاحه الصغير أو التحرك بسرعة هذه العصابات”.

ويرى أن الحل هو تعزيز الحماية الأمنية، قائلا: “عندما يحترم الناس القانون ويخافون منه، عندها سيختفي العنف من تلقاء نفسه”. وبالنسبة لمريم علي، فقد فقدت الثقة بالنظام بعدما زارت عائلة مهاجمها بيتها في الليل للضغط عليها كي تسحب القضية. وعادت للعمل ولكنها تفكر بالهجرة: “أنا قريبة من عائلتي، ولا أعتقد أن الحياة لها قيمة بدونهم” و”هذا هو الشيء الذي يمنعني من الهجرة”.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير